وداع حزين دميت له القلوب في الصعيد شهده مطار أسيوط الدولي لحظة وصول جثامين الضحايا والمصابين الذين لقوا مصرعهم علي أثر حادث مروري مروع علي مشارف مدينة بني غازي الليبية. بعدما انقلب بهم الأتوبيس الذي كان يقلهم حيث امتزجت صرخات وآهات أهالي الضحايا والمصابين الذين جاءوا من مراكز وقري محافظات أسيوطوالمنياوقنا لتسلم جثامين ذويهم لنقلها إلي مثواها الأخير في مدافن عائلاتهم من خلال سيارات الأسعاف التي تكدست داخل المطار. وكان المشهد مؤثرا للغاية فالرجال والشباب يذرفون الدموع والزوجات والآمهات يصرخن بحرقة والأطفال يتساقطون علي الأرض من شدة الحسرة علي فقدان آبائهم وتطور الأمر بعدما تعرض بعض أهالي الضحايا لنوبات صرع وحالات إغماء من شدة الحزن ونجحت الأطقم المرافقة لسيارات الأسعاف في عمل الأسعافات الأولية لبعض المصابين من اهالي الضحايا, وقد وصلت جثامين الضحايا إلي مطار أسيوط الدولي فجر أمس علي متن طائرتين عسكريتين قد أقلعتا من مطار سيدي براني الحربي بتعليماتمن المشير محمد حسين طنطاوي القائد الأعليللقوات المسلحة وكان في استقبالهماللواء السيد البرعي محافظ أسيوط واللواء محسن الشاذلي قائد المنطقة الجنوبية العسكرية ووكلاء وزارات الصحة والتضامن وكانت الطائرات الحربية تقل جثامين كل من محمد عبيد محمد وأحمد خميس غيضان وعليان أحمدوعبد الرحمن شيباني ومحمود عبد الحميد شيباني وصلاح خليفة أبوبكر وأحمد سالمان عبد العال وعلاء عبد الناصر رشوان وإبراهيم فتحي نصر وجميعهم ينتمون إلي محافظة أسيوط كما وصل إلي مطار أسيوط جثث كل من عبدالرازق سعد جبريل وأحمد الصغيروكلاهما ينتميان إلي محافظتي المنياوقناوتم نقل الضحايا في10 سيارات إسعاف إلي قري أبو كريم بديروطوالزرابي بأبو تيجواثنين من المتوفين إلي ذويهم فيمحافظتي قناوالمنيا. وأكد اللواء سيد البرعي محافظ أسيوط أنه يتقدم بخالص التعازي إلي اهالي الضحايا قائلا اننا نحتسبهم عند الله شهداء لأنهم سافروا آلاف الكيلو مترات متحملين عناء السفر تاركين أهليهم وأطفالهم وزوجاتهم مخاطرين بحياتهم مغادرين البلاد بحثاعن لقمة العيش موضحا أنه أصدر توجيهاته إلي وكيل وزارة التضامن الإجتماعي بسرعة صرف تعويضات مؤقتة بقيمة1000 جنيه للمصاب و5000 للمتوفي وتسهيل جميع الإجراءات لعلاج المصابين في المستشفيات العسكرية. ليلة حزينة لن ينسي أهالي قرية عرب أبو كريم الليلة الحزينة التي عاشها الجميع لحظة وصول سيارات الأسعاف التي كانت تقل جثامين الضحايا إلي القرية فجرا لتسليم كل اسرة شهيدها حيث خرجت القرية عن بكرة أبيها رجالا ونساء شيوخا وشبابا وحتي الأطفال الصغار واصطف الجميع علي جنبات الطريق بالقرية حاملين المشاعل وكشافات الأضاءة وشاركهم في مراسم تشييع جثامين الضحايا أهالي القري المجاورة بعدما أتشح الجميع بالسواد وامتزجت صرخاتهم ودموعهم حسرة علي فراق ابنائهم وذويهم الذين راحوا يبحثون عن مصدر رزق جديد لهم ولابنائهم ولكن القدر كان لهم بالمرصاد. الوداع الأخير مشهد مأساوي عاشة أهالي قرية عرب أبو كريم خلال الوداع الأخير للضحايا حيث خيم الحزن والآسي علي الجميع عقب تسلم الأهالي لجثث ذويهم الذين رفعوا شعار أكرام الميت دفنه ولم ينتظروا بزوغ الشمس حيث انطلقوا بهم نحو مقابر العائلة في مشهد جنائزي مهيب تحرسه صرخات وعويل آمهات الضحايا وزوجاتهم وكذلك أبناؤهم وذلك لإلقاء نظرة الوداع عليهم وكان من بين المودعين أحد الأطفال الذي ظل يصرخ بحرقة علي وداع والده وحاول الجميع تهدئته ولكن لارتباطه بوالده اصيب بنوبة صرع وتم نقله إلي المستشفي بعيدا عن هذا المشهد المآساوي الذي أدمي قلوب الحاضرين كريم الأخلاق بانهيار شديد ودموع حارقة تحدث محمد خميس غيضان شقيق المتوفي أحمد خميس قائلا أن أسرة الشهيد تحتسب نجلها شهيدا عند الله حيث انه كان من خيرة الشباب من حيث الالتزام دينيا وأخلاقيا بارا بوالديه وحنونا علي أشقائه يتسامح في حقه كثيرا ولا يضمر الكراهية لأحد وهو ما جعل كل من حوله يتعلق به كثيرا خاصة وانه كان ودودا يسعي دائما إلي صله الرحم من حيث زيارة أشقاءه وأقاربه وذلك للحفاظ علي حلقة التواصل فيما بينهم هذا بالإضافة إلي سعيه الدائم في أعمال الخير دون أن يشعر به احد. مفارقات القدر وسط صرخات سيدات القرية انطلقت أحدي السيدات بالعويل والندب قائلا أن ما جتلناش المنيه نسعي لها واصفة أن الشباب كانوا يجلسون في امان الله داخل القرية يبحثون عن رزقهم في كار المعمار وفي الزراعة بالحقول حالهم مثل احوال كل الشباب ولكن لحكمة الله قرروا ان يذهبوا إلي ليبيا للعمل هناك بعدما حلموا بأن الأموال تنتظرهم هناك لتحسين احوالهم المادية ولكن حقيقة الأمر أن ما كان ينتظرهم هناك هو قدرهم المحتوم حيث وافاتهم المنية علي الحدود الليبية قبل أن يستريحوا من مشقة الطريق الذي قطعوة طيلة الأيام الثلاثة الماضية. وداع حزين لأهالي الزرابي لم يختلف الحال كثيرا في قرية الزرابي التابعة لمركز أبوتيج بمحافظة أسيوط حيث خيم الحزن علي أهالي القرية والقري المجاورة لحظة تسلم جثث ذويهم الذين سافروا للعمل بليبيا لتحسين أحوالهم المادية وتوفير فرصة عمل بعدما ضاق بهم الحال في أسيوط وانقطع رزقهم في القاهرة بسبب المليونيات التي يقوم بها بعض اصحاب المصالح الخاصة حيث توقفت أعمالهم وعادوا إلي أسيوط ليبحثوا عن مصدر رزق لهم ولم يجدوا أمامهم فرصة افضل من السفر إلي ليبيا للانفاق علي اسرهم لتخرج القرية في مشهد حزين تودع شبابها إلي مثواهم الأخير في مقابر العائلة.