عريس وعروس تواجههما مشكلة فور دخولهما شقة الزوجية. هناك شخص غريب بداخلها, غليظ الرأس, قوي البنية كمصارع محترف, بليد النظرات, يدعي أنه ابن الخادمة- التي ذهبت إلي المولد علي حد قوله- وانها كلفته بالبقاء حتي رجوعها. بعد حوار قصير حاول العروسان طرده بأدب وهدوء فلم يستجب, حاول العريس أن يستخدم القوة ولكن سرعان ما وجدها في غير صالحه, حاول الاتصال بالشرطة ولكن وجد حرارة الهاتف مفقودة, قرر الذهاب إلي نقطة الشرطة فاكتشف أن الباب مغلق بالمفتاح, طلبا من الرجل ان يتركهما ليغادرا الشقة ولكنه أخبرهما بالانتظار حتي تعود والدته بل تصل صفاقته إلي أن يخبرهما بأنه لايدري إن كانوا هم أصحاب الشقة حقا. يستوعبان الحقائق, هناك بلطجي في الشقة وهما في الحقيقة مسجونان بداخلها, أما الرجل فيتصرف بتلقائية وكأن البيت بيته بل يدعو أصدقاءه ومنهم راقصة وأفراد الجوقة إلي حفلة.. تتعالي أصواتهم بالغناء ويفرطون في الشراب. يلفت شيء نظر العروس, تفتح الفريجدير فتندلق جثة الخادمة منكفئة علي وجهها في الأرض.. صرخت الفتاة من الرعب وسرعان ما حضر البلطجي وشلته منتقدا الضوضاء. أشار العروسان إلي الجثة فسألهم البلطجي ببرود: ماذا حملكما علي قتلها؟ انكر الشاب بصوت كظيم علاقته بالقتل ولكن توالت الاتهامات من أفراد الجوقة تتهم الزوج بالجنون والقتل وأكل لحوم البشر, تحداهم الشاب أن يستدعوا الشرطة, فضحكوا وقالوا نحن الشرطة ونحن القضاة ثم قرروا تقديمه للمحاكمة, دارت محاكمة هزلية وحكمت الجوقة علي الشاب بالاعدام وسأله البلطجي: هل لديك ما تدافع به عن نفسك؟ فجأة دوت صرخة فقد وجدت الفتاة رجلا كان مختبئا في صوان الملابس, وسرعان ما ظهر عملاق ينطق وجهه البرونزي بالقوة والتحدي, سألهم العملاق من هم وماذا جاء بهم إلي هنا وعندما وجها له ذات السؤال كان رده ببساطة أنه في بيته. تبادل العملاق والبلطجي الاتهامات والتهديدات والشتائم وعندما قال الشاب للعملاق إن البيت بيته وأقترح الاحتكام إلي القانون, رد العملاق بان القانون الذي يعترف به هو القاؤه من النافذة, وقال بوضوح إنه لايحب الشرطة ويؤمن بمبدأ القوة. تكهرب الجو بين العملاق والبلطجي فاقترحت الراقصة حلا وقالت: لقد حوكم القاتل وقضي عليه بالإعدام وبإعدامه يبطل ادعاؤه بملكية الشقة وتصبح الشقة لنا جميعا علي قدم المساواة.ابتسم العملاق ولكنه قال بعجرفة: لا أقبل المساواة, وقال البلطجي بعجرفة مماثلة: وأنا أيضا أرفضها. حاولت الراقصة تلطيف العملاق وحاولت الجوقة إقناع البلطجي بالتفاهم. لكن فجأة اندلع حريق من المطبخ, انهال دق عنيف علي الباب الخارجي, انقض البلطجي علي العريس الذي سارع بضربه بسكينة كانت الفتاة قد هربتها له, تحطم الباب الخارجي واندفعت النجدة والمطافئ ودارت معركة شاملة تحت ألسنة اللهب المندفع والماء المتدفق. في النهاية جلس الشاب وعروسه علي أريكة وسط حطام المنزل ولم يخل وجهاهما من كدمات. رغم كل شيء شعرا بالارتياح. تردد صوته: ضاع كل شيء ولكن الفتاة ردت بتفاؤل بقيت الشقة لنا ولم يضع شيء لا يمكن تعويضه. هذا هو ملخص قصة شهر العسل التي كتبها عملاق الأدب العربي نجيب محفوظ ونشرت في...1971 قرأتها وأنا صبي ولم أستوعب رموزها. ولكن في مرحلة لاحقة علمت أن العريس والعروس هما الشعب والشقة هي الوطن أما البلطجي والعملاق فيرمزان لاستيلاء وتصارع مجموعة من البلطجية ومراكز القوة علي السلطة. لا أدري لماذا تذكرت هذه القصة تلك الأيام, وأحسست باشتياق إلي أديبنا المبدع وتساءلت: لو كان معنا اليوم تري كم من القصص كانت ستتفتق عنها قريحته؟