مصر أمة في خطر.. تخلصت من مرض مزمن لازمها أكثر من ستين عاما وان كانت قد انتعشت أيام حرب أكتوبر المجيدة, وكانت في طريقها إلي الشفاء لولا اغتيال السادات؟! فلقد تحولت بلادي منذ بداية الخمسينيات من أمة دائنة إلي أمة تتسول المساعدة ممن كانت ترعاهم سابقا! اصاب الوطن عطب في الفكر من زماااان.. مصر ريحانة الدنيا فسد ريحها.. كانت تتعطر بأفكار تبدو خلاقة وتستتر بشعارات شكلها براق وجوهرها مظلم وظالم.. انها سنوات مدانة بالذاتية والمصالح المشبوهة والسطحية والرياء ومدافع النفاق التي اغتالت عن قصد عقولا مصرية متميزة!! الآن.. قلبنا صفحة التاريخ الاليم واسعدتنا الثورة التي قام بها شباب يتمتع ببصيرة نافذة وصمد ونجح في طي فترة بائسة وشوقنا لغد أكثر اشراقا نري فيه تحقيق أهداف حضارية باهرة لمصر ولم لا ؟ فعندنا العقول والسواعد المخلصة والامكانات الذاتية والثروات الطبيعية.. فماذا ينقصنا لتحقيق النهضة؟! لكن جاءت فترة ما بعد الحادي عشر من فبراير2011 بكابوس من الرمال المتحركة فغصنا في مشكلات مفتعلة وغرقنا في دوامة التضارب والتناحربين أهداف نبيلة وأخري ليست كذلك مصدرها غير معلوم؟!! وبدأ الاحباط يزحف علي تفاؤلنا.. بدأ مسلسل فاسد مليء بمفردات من اللغو والتخوين والشك والكر والفر بين الطالح والصالح, واختلط الحابل بالنابل, وظهرت شعارات ليس هذا وقتها.. ومنها مثلا يسقط الرئيس القادم, انها رسالة لمصر أن تظل راكعة ولا تبدأ مسيرة نضالها الشريف الحر بسواعد مواطنيها المشتاقين لرؤيتها متألقة في صفوف الأمم المتقدمة!! لماذا يطبل الإعلام لصغائر الأمور وتوافهها.. دون الايجابيات التي تحرك عجلة الانجازات الممكنة جدا؟! وجاءت انتخابات مجلس الشعب ونزلنا وانتخبنا برلمانا جديدا بقلوب يملؤها الأمل والاحلام والطموحات العريضة ببداية جادة تضع نقاط الحروف في مكانها الصحيح وتطلعنا لرؤية قرارات حاسمة حازمة تعيد للبلاد توازنها واتزانها وتجعلها قادرة علي تجاوز بحر الرمال المتحركة!! انتظرنا بشغف رؤية مستقبل أكثر استقرارا لمصر دون إهدار الوقت أكثر فما مات من مهاترات وشعارات جوفاء تضر ولا تفيد!! وجلسة بعد أخري ركزنا جيدا لعل الحلول المصيرية في طريقها لتشريعات البرلمان! ولم نري غير مناقشة صغائر الأمور, أما الاساسيات المصيرية لإقامة الأمة فهي مؤجلة والمشكلات الهامشية تتصدر المشهد لأن البعض من اعضاء البرلمان لا ينظر إلا تحت قدميه, أما المستقبل فلماذا العجلة؟! لقد صفقت قلوبنا عندما أختار الشعب نوابه, وتعلقت أفئذتنا برجاله للأخذ بيد مصر إلي العهد الجديد الذي حلمنا به لكن مضي أكثر من شهر علي انعقاد أول جلسات البرلمان ولم يصدر قرار واحد يوصي بالعمل الجاد ولم يظهر سوي التناحر والتضارب الذي يشد مصر إلي الخلف.. ويعمي بصيرتها بشعارات لا يفهمها أحد!! نريد أن نبدأ مشوار الانجازات حتي لو اختلفت مفاهيمنا..فكلنا وطنيون, وما نختلف فيه الآن مع جدية اخلاصنا وضميرنا وفكرنا يمكن أن نتوافق عليه, فما لا يدرك جله لا يترك مله. إن النية الصادقة واخلاصنا لله والوطن هما طوق النجاة بعيدا عن دوامة المصالح الذاتية الضيقة. مازلنا نعول علي البرلمان أملا كبيرا في إصدار تشريعات حاسمة تربط أوصال الوطن وتحميه من الانزلاق في متاهات مظلمة حتي مع غضبنا من بعض المشاغبين الذين صدموا الشعب بآدائهم غير الواعي.. فهذا نائب يرمي وزير الداخلية بإهانات غير مبررة, وآخر يقول له أنت............ بعلو صوته ثم يخفض رأسه لأسفل حتي لا يراه أحد مثل التلميذ المشاغب في الفصل؟!! وحتي لا يراه الناظر.. أقصد رئيس المجلس؟! ونري نائبا يعنف زميله ويقول له أنت نائب غير حضاري فيرد عليه زميله أنت نائب........ ثم تصالحا بعد ذلك في الفسحة أقصد في البهو الفرعوني وآخر يضرب مصورا صحفيا بالروسية ونائب يكذب ويتجمل.. ونري نوابا آخرين يهاجمون الحكومة بلا منطق لمجرد زيادة أوجاعنا وآلامنا؟!! يابرلمان الشعب حتي لو اختلفنا لابد من تكاتف المجلس مع الحكومة من أجل تطلعات الشعب في تلك الفترة العصيبة ولا داعي لاهدار المزيد من الوقت والجهد والامكانات في صغائر الأمور ونترك عظائمها..ان الشعب يهفو إلي غد أكثر اشراقا, وإلي يد تنتشله من الاحباط مع إعجابنا بالجهد المضني الذي تبذله رئاسة المجلس في إدارة الجلسات.. وان ضباب المناقشات لا يبشر بالخير, هناك قضايا خطيرة لا تحتمل الانتظار. ان العيون الحمراء والحاسدة والجشعة والمغرضة تحاول جاهدة إصابة شعبنا بالعمي والعياذ بالله؟!! رجاؤنا يانواب الأمة أن تعيدوا للكلام صحيح معانيه, وكفانا مهاترات, وسكب المزيد من البنزين علي نيران الغضب المتأججة اصلا!