بالدواعي القبطية المصرية ذات الخصوصية الذاتية بمذاق كنسي مشفوع بحقائق الجغرافيا والتاريخ والامتداد الحضاري للموقع البابوي أعطي الراحل بابا الكنيسة الأرثوذكسية المصرية دورا عميق الأثر في إطار معالم العلاقة بين جسور التواصل النمطي بين ثنايا الشارع بكل ما يمثله من قيم وتقاليد واتجاهات ورؤي وسماحة أديان, وبين جذور امتدت إلي عمق التربة لترسم ملامح أبدية أسطورة وثوابت ترانيم إنسانية عكست عن كثب صورة تراجيدية لها روافدها الكلاسيكية في إطار من نرجسية ومهابة مسحة دينية لها بريقها النمطي, وهي تشدو ترانيم وتراتيل كانت هي المحك,علي أن الكنيسة صارت جزءا من الواقع المصري وهي فضلا عن ذلك علامة بارزة علي أن الوجدان الوطني, بحسه وعمقه التاريخي, يتواصل من خلال أبدية واسطورية ونفحات إنجيلية تختزل في عمقها بواعث المصرية علي جدارية الموقع الذي باتت تعكسه دواعي تلك القبطية,وبشارات الموقع البابوي المتفرد, بجلوس من آثروا علي أن تصبح مقاديرهم متروكة لدواعي الموقع ومهابة الرسالة التي اتسمت بسماحة مسيحية لها عمقها المصري علي طول امتداد الوادي لتتسع ثناياها وروافدها لعبودية تشيع مظهرا منسجما وجدلية نادت بها الأديان في إطار عطايا وقدسية الولاء وربوبية اختزلتها معايير وبشارات المسيح, وترانيم أقباط مصر خلف جدارية كل موقع كنسي. فبهذه الدواعي صارت منظومة الكرسي البابوي للراحل ليست ككل مشاريع الحضارات لكنها اختصت بحقائق سادت عبر التاريخ الإنساني فارتقت عناوين وجسدت معايير وارتقت لمحة في جدارية فاقت التصور واكتست بوشاح العفة المطلقة. وبالدواعي الاسلامية جاء رحيل البابا أيضا خسارة في إطار افتقاد رؤي حافظت علي التوازن النمطي في العلاقة بين الكنيسة والإدارة علي طول امتداد فترات جلوسه علي كرسي البطرياركية شديد الصلة ببواطن الأمور, مرهف بحس وطني وقومي رفيع المستوي, لكونه يستمد رؤاه من علاقة الموقع ورافده بالامتداد المصري, والموقع الجغرافي, ذي الصلة بشخص البابا الذي تربعت في قلبه أبدية هذا الموقع وفي عظاته, وأيضا في داخل كل جزء من أديرة وكنس علي طول امتداد الجغرافيا المصرية. بيد أن مصرية البابا اتسمت بطقوس وامتداد أسطوري عريق الصلة بحقائق العلاقة والمواءمة بين المفردات في إطار موقع الكنيسة المصرية, ودواعي امتزاجها بتوجهات ترتقي الي حد ما برؤي امتدت لتصل الي قلب الحدث بين ثنايا قضايا الوطن, فكانت الكنيسة والبابا رمزين لاينكسران ولا ينفصمان عن نبض الواقع التاريخي والحضاري, لقضايا مهمة تفاعلت من خلالها الكنيسة فكانت نموذجا لمحبة مستمدة من ذهنية فاقت التصور, في نطاق تعظيم الصلة بين الداخل بكل ماتموج به روافد المتناقضات خلال فترة البابوية, فضلا عما فاقت به حدود العلاقة بعد الثورة وإرادة التغيير في25 يناير2011 فكانت الكنيسة دليلا علي شموخ المسئولية خلال الفترة الانتقالية وتعبيرا عن مؤسسة تعي وتدرك حجم التحديات التي تواجه مصر بكل المقاييس وأما عن الدواعي الدولية فكانت الكنيسة في ظل البابا الراحل انعكاسا أمينا عن موقع رجل عرف مقدار نفسه وتجاوز مقادير ذاته وارتقي بدوره الكنسي الي حدود كادت فيه الدوافع أن تحوطه بجسارة موقع عن أن يدفع الراحل الذي آثر الا تقتضيه معايير الموقع عن ان يدفع بالبلاد إلي صدام أو إحتقان فكان بالوطنية عارفا قيمة الموقع وظل بالكهنوتية مدركا مغزي الرسالة حتي الرحيل الذي لم يكن مفاجأة لكونه اقترن برثاء ووفاء وعطاء ظلت بعده عطايا الكنيسة تدفع بمقادير الموقع الي حيث صدارة مسئولية سوف تسير وفق معالم ومقاييس,وفضلا عن ذلك سوف تسير وفق منظومة وطن ارتفع الي ماهو أعمق من مجرد رسالة غفران,في أوقات المحن لأن الوطن أغلي من الموقع وأرفع من أية رسالة,ولأنه كذلك سوف يصبخ موقع البابوية من أهم معالم حركة التاريخ والجغرافيا ومعالم الامتداد الحضاري لمصر الأم بكل المقاييس.