الظروف الراهنة في مصر وبعد انتهاء انتخابات مجلس الشعب, تجعلها في احتياج لبرلمان يكون دوره معبرا عن الأوضاع الفعلية الحالية في مصر وفي العالم برلمان يضع نصب عينيه اولويات العمل الوطني. التي تغيرت والمزاج السياسي للمواطن الذي لم يعد علي نفس الحالة قبل سنوات والعالم الخارجي الذي انقلبت به تحولات هائلة اختلف معها شكله وتفكيره وعلاقاته ونظام عمله. الاحتياج الآن لبرلمان يضع في حساباته التداخل بين مايجري في الداخل ومايجري في الخارج ومابين كل منهما من تأثر وتأثير وإذا كان البرلمان في هذه الدورة منوطا به دفع عملية الإصلاح السياسي وبشكل عام فان من اولوياته مايدخل في تفاصيل الدور التشريعي والرقابة علي أداء السلطة التنفيذية لعملية الإصلاح وكذلك التعديلات الدستورية المنتظرة المتصلة بإعادة توزيع السلطات وتوازنها وتوسيع سلطات الوزراء ومجلس الوزراء ومايرتبط بذلك من مساءلتهم ومحاسبتهم والحق في سحب الثقة منهم ومن الحكومة وكل هذه الأمور من أسس الديمقراطية وحيث لايتحقق إصلاح سياسي بدون إصلاح دستوري يراعي أمرين رئيسيين (1)ألا تظل هناك مواد معوقة للمعني الذي فهمه المصريون لتعديل مواد الدستور كخطوة أولي في مشوار لم يكتمل بعد لتكتمل به العملية الديمقراطية الحقة. (2)التوافق وعدم التضاد والتصادم بين مواد الدستور وبين الواقع الحقيقي الذي اختلف عما كان عليه الحال حيث وضعت مواد الدستور في عام1971 وسابقه عام1956 وبحيث لاتبقي هناك مواد تتحدث عن شيء ليس له وجود ان البرلمان جزء أصيل من العملية الديمقراطية وإذا كان للديمقراطية ثلاثة شروط رئيسية هي: التعددية وحرية التعبير وتداول السلطة فان هذه الثلاثية هي بوابة الدخول أما المضمون والمحتوي والجوهر فهو النتيجة المترتبة علي ذلك وماتحققه بالنسبة لمكانة الدولة في مجتمع الدول والارتقاء بالبشر في الداخل وفي عصرنا صارت الديمقراطية هي الطريق الوحيد لبلوغ هذين الهدفين إما عن مكانة الدولة فان القدرة الاقتصادية التنافسية للدولة قد احتلت أولوية في صنع مكانة الدولة ونفوذها في العالم وعلاقتها بالآخرين وصار طريق الوصول الي هذه القدرة يبدأ برؤية وفلسفة لما تريده الدولة وامتلاكها الإرادة الوطنية لبلوغ ماتريد واختيار العناصر البشرية الأصلح والأكفأ لوصولها لذلك والتركيز علي نظام تعليمي مساند لمشروع إنتاجي يوقف الانحدار الي سفح الاستيراد الذي يروج له ويرسخه إغراءات العمولات المعطلة لهدف الانتاج. أما بالنسبة للارتقاء بالبشر فان الديمقراطية تفتح الباب ليتبوأ أفضل العناصر وأكثرها إخلاصا المراكز المؤثرة في الدولة بما يوفر مناخا ينعش قدرات وملكات المواطنين وتوقف التحيز الحزبي الضيق الذي يمنع توسيع دائرة الاستعانة بالأكثر كفاءة فنحن نواجه زحفا خارجيا نقل خط المواجهة الي داخل الحدود, وحشد من أدوات القوة الناعمة الكثير من الامكانات المادية والعناصر البشرية مبررا سلوكه بأننا مهبط التخلف ومنبع العنف والإرهاب وموطن نبته ونموه وانتشاره حتي أنهم أعلنوا أن مايجري في الداخل لم يعد في حساباتهم شأنا داخليا وأنهم ربطوه بأمنهم القومي وان سياستهم الخارجية مختصة به. ولايجب أن يكون البرلمان بمعزل عن حركة الشارع وهمومه ومطالبه, وإلا وقع الانفصال بينهما, وألا يترك لدي الرأي العالم الذي أعطي النواب صوته تساؤلات لا اجابة لها ولاتفسير..تساؤلات سببها سياسات وقرارات وسلوكيات لقيادات السلطة التنفيذية. إن الرأي العام صار أكثر يقظة وتأهبا بعد حالة الحراك السياسي التي فرضت نفسها علي الجميع إثر ثورة25 يناير. وأن البرلمان بمختلف أعضائه من النواب لابد أن تكون له حساباته الوطنية الأوسع مدي التي تتبصر نتائج أي قرار علي المستقبل وأن تكون مواقفه من السلطة التنفيذية خاضعة لحسابات الصالح الوطني والعام أولا وقبل أي شيء أخر, صحيح أن الالتزام الحزبي أساسي ومهم لكن الالتزام الوطني بالصالح العام هو الأهم عندما تعرض أو تناقش قضايا فاصلة. أستاذ منتدب بجامعة حلوان