كشف البنك المركزي المصري, أن اجمالي الدين العام المحلي سجل رقما تاريخيا وأن اجمالي الديون المستحقة علي مصر داخليا وخارجيا1337 مليار جنيه, وهو أعلي مستوي علي الاطلاق من الديون مستحق علي مصر في تاريخها. الديون علي الدول ليست كارثية لكن الكارثة هي عدم قدرتها علي السداد وخدمة الدين.وبالتالي يجب أن يضع المصريون أيديهم في جيوبهم للخروج من الأزمة, والسؤال المزدوج هو من يتحمل هذه الأعباء: الفقراء أم الأغنياء وكيف؟ الحقيقة أن السياسات الاجتماعية الجيدة تناصر الفقراء والأغنياء معا, فدعم ومناصرة الفقير ليعيش بكرامة وعزة تمثل قمة استقرار وضمان السلم والأمن الاجتماعي, ودعم الغني الذي يؤسس شركات يوظف فيها المواطنين ويدفع الزكاة والضرائب يمثل وسيلة ضمان ازدهار المجتمع وتوزيع نتائج التنمية الاقتصادية علي الجميع. وأي حل لاخراج مصر من أزمة تضخم الدين العام وتدني احتياطي النقد الأجنبي, يجب أن يراعي العدالة والفاعلية, وهناك ضرورة لايجاد حلول ابداعية, قصيرة ومتوسطة وطويلة المدي, بعضها ذو مردود سريع لميزانية الدولة يقف حائلا دون افلاسها, فالدولة تحتاج الي تسديد ديونها الداخلية والخارجية, فالديون الداخلية ترتبط بتنشيط السوق الداخلية وضخ السيولة في أيدي المؤسسات والمواطنين وسداد الديون الخارجية يحسن من تصنيف الدولة ورفع قدرتها علي الحصول علي الأموال من المؤسسات المالية العالمية عالميا الكثير من الدول التي واجهت مشكلات مالية اتخذت من السياسات وقامت باجراءات تقشيفية غير مسبوقة سمحت لها بالمرور من أزمتها دون افلاسها, قام وزير المالية البريطاني جورج اوسبورن مثلا بوضع خطة تقشف غير مسبوقة تتضمن الغاء500 ألف وظيفة عامة وتخفيض النفقات الاجتماعية, سعيا لسد عجز الميزانية, وهي الخطة الأشد صرامة في بلدان الاتحاد الأوروبي, توفر83 مليار جنيه استرليني في أقل من خمس سنوات,اليونان قامت أيضا باجراءات تقشفية تاريخية منها خفض النفقات والاستثمارات والغاء رواتب للموظفين, المتقاعدين, وتأخير سن تقاعد النساء وتسهيل تسريح العمال. ومصر دولة يمثل الفقراء فيها أغلبية لذا فالحلول والأفكار يجب أن محافظ بقدر الامكان علي هشاشة أوضاعهم وتركز علي الأكثر ثراء منهم,وتسمح أيضا بتصحيح بعض الأخطاء أو تحقيق أهداف أخري بجانب تحصيل الأموال, بعض هذه الأفكار المطروحة تحتاج الي أرضية قانونية أو قرار من الحاكم العسكري ويمكن أن يتم ذلك, خاصة والجنزوري لديه خبرة في الموضوع في الفترة التي عمل فيها رئيسا للوزراء من قبل, ويمكن أن يتم ذلك عبر حملة اعلامية برسالة مركزة. ومن هذه الأفكار:- 1 التقشف ووقف جميع مظاهر الاسراف الحكومي وتعليق مكافآت كبار موظفي الدولة والاحتفالات, والسفريات الخارجية. 2 تفعيل فتوي الشيخ القرضاوي بالتبرع بأموال الحج والعمرة هذا العام لمواجهة الأزمة المالية وتوفير النقد الأجنبي. 3 تحصيل رسم فوري علي المخالفات سواء البناء المخالف داخل المدن أو علي الأراضي الزراعية أو غيرها, بمبلغ مقطوع يسدد فورا. 4 تحصيل غرامة فورية علي استغلال أسطح المباني بشكل غير مناسب وتراكم المخلفات بها. 5 دعوة المواطنين والشركات لتسديد متأخرات الضرائب وخاصة كبار الممولين. 6 فرض ضريبة مؤقته علي شاليهات الساحل الشمالي والبحر الأحمر وسيناء بمبلغ مقطوع( مثلا ألف جنيه) تحصل فورا ولمرة واحدة. 7 مصادرة جميع الأراضي التي تم تخصيصها للمسئولين والمحاسيب في عهد وزير الاسكان السابق واعادة بيعها. 8 اطلاق ودائع دولارية مرتفعة الفائدة وتوفير أراض صحراوية مخفضة السعر للمصريين العاملين في الخارج وتحويل أموالهم. 9 ايقاف استيراد عدد من السلع الاستهلاكية غير الضرورية لترشيد النقد الأجنبي. 10 تجزئة الديون الداخلية ونشر قوائم محددة يمكن للأفراد ورجال الأعمال الذين يرغبون في بدء عهد جديد مع الدولة في التبرع لها. 11 تشكيل لجنة وطنية للتواصل مع الدائنين من الدول والمؤسسات والتباحث حول الغاء أو جدولة أو تخفيض بعض هذه الديون كدعم للثورة, من أسبوع فقط تم شطب أكثر من100 مليار دولار ديون علي اليونان. هذه الحزمة من الاجراءات السريعة وغيرها سوف تتيح علي الأقل ايقاف نزيف الخسائر في الاحتياطي وضخ أموال في خزائن الدولة, فلا جدال أن الحكومة لم تستنفد كل طاقتها لايجاد حلول بديلة عن الاقتراض من الخارج ولم توضح مضمون البرنامج الاصلاحي, هناك العديد من الفرص التي يجب أولا محاولة اقتناصها ثم البدء في اللجوء الي القروض التي تؤثر علي سيادة الدولة وأجندة العدالة الاجتماعية. وللحديث بقية.