عبر بوابة التعاون الاقتصادي, تسعي تركيا الي تشكيل تحالف مع دول الخليج, تقوم ركائزه علي العلاقات التجارية التي تطورت بشكل ملحوظ في الفترة الاخيرة, مما جعل من تركيا أهم الشركاء التجاريين للعديد من الدول الخليجية, بينما الهدف السياسي من وراء هذا التحالف, هو الاستفادة من توافق المصالح التركية الخليجية في مواجهة النفوذ الإيراني في مناطق الاهتمام المشترك لدول الخليج العربية وتركيا. وخلال الاسابيع القليلة الماضية شهدت العلاقات الخليجية التركية زخما كبيرا عبر زيارات رسمية متبادلة, كان آخرهازيارة الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلي للقوات المسلحة لأنقرة, بعد فترة قصيرة من الزيارة التي قام بها الرئيس التركي عبداللهللإمارات.. وقبلها أيضا شهدت مدينة اسطنبول لقاء مهما بيندول مجلس التعاون الخليجي وتركيا. ووصف تقرير لمركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتجية التقارب في العلاقات الاماراتية التركية بأنه يضعها في المستوي الاستراتيجي تأكيدا لرغبة مشتركةفي احداث نقلة نوعية في مسارها بما يدعم أمن واستقرار المنطقة. ويشير المراقبون الي أن اهتمام الإمارات بتطوير علاقاتها مع تركيا يعكس حيوية السياسة الخارجية الإماراتية وقناعتها بأن تركيا من القوي الإقليمية ذات الأهمية الكبيرة سواء علي المستوي السياسي أو الاقتصادي.. إضافة الي ادراكها لأهمية العلاقات الخلجية التركية بصفة خاصة خلال المرحلة الحالية. ويؤكد المراقبون أن التقارب الخليجي- التركي يعكس توافقا في المصالح سواء السياسية فيما يتعلق بالتعامل مع النفوذ الايراني خاصة في العراق وسوريا أو الاقتصادية عبر اتفاقية للتجارة الحرة. ولا شك في أن الوضع الحالي والمستقبلي لسوريا يتصدر المشهد في التقارب الخليجي التركي نظرا للدور المهم الذي تلعبه أنقرة بحكم الجوار والعلاقات الانسانية والاقتصادية.. كما أن الوضع في العراق يحطظي بأهمية خاصة في هذا التقارب حيث تتفق دول الخليج وتركيا علي أهمية عدم ترك الساحة العراقية مفتوحة أمام النفوذ الايراني. ويري المراقبون أن التحالف الخليجي التركي يمتلك مقومات مهمة مثل الوفرة المالية والقدرة التكنولوجية واليد العاملة والممرات البحرية مما يجعله قادرا علي التأثير ليس فقط علي المستوي الاقليمي وانما الدولي أيضا. وكانت زيارة الرئيس التركي للامارات- وهي الاولي منذ15 عاما- قد دشنت مرحلة جديدة للعلاقات الاقتصادية بين البلدينخاصة مع تأكيد السفير التركي بأبوظبي أن الإمارات هي أكبر شريك تجاري لبلاده في المنطقة.. بينما دعانائب رئيس اتحاد الغرف التركية الإمارات إلي تقديم تسهيلات للاستثمارات التركية مثل إلغاء التأشيرات وتمديد الإقامات, وذلك للارتقاء بالعلاقات الثنائية وتعزيزها بين مجتمعي الأعمال في البلدين مع التركيز علي الاستثمار المشترك في قطاعات المقاولات والسياحة والخدمات المالية والصناعة. وتستهدف تركيا زيادة حجم التبادل التجاري مع الإمارات إلي أكثر من10 مليارات دولار بحلول عام2015, كما أنها عرضت استفادة الصادرات الاماراتية من وجودها في الأسواق الأوروبية والإفريقية, حيث تمتلك تركيا استثمارات في أكثر من30 دولة إفريقية. وبلغت قيمة التبادل التجاري بين الإمارات وتركيا مليارين و81 مليون دولار خلال التسعة أشهر الأولي من عام2011, بمعدل نمو32% مقارنة بنفس الفترة من عام من عام.2010 ويشير عبد الرحمن الغرير, رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي إلي ان العلاقات التجارية بين دبي وتركيا تطورت بصورة ملحوظة علي مدي السنوات الماضية, في ظل وجود282 شركة تركية عاملة في دبي, اضافة الي النمو المتزايد في حجم التجارة البينية غير النفطية مما جعل تركيا تحتل المرتبة19 علي لائحة الشركاء التجاريين لدبي.. موضحا أن تجارة دبي مع تركيا تتميزبتنوعها حيث تشمل اللؤلؤ والأحجار الكريمة والمعادن الثمينة, والمنتجات والأجهزة والأدوات الإلكترونية والكهربائية بالإضافة إلي الزيوت ومستحضرات العطور وهناك مجالات أخري يمكن الاستفادة منها في توسيع نطاق هذا التعاون, وتنمية العلاقات التجارية الثنائية. واذا كانت الأرقام والفرص المتاحة تؤكد أن العلاقات الخليجية التركية في شقها الاقتصادي مرشحة لتحقيق قفزة غير مسبوقة استنادا الي رغبة مشتركة من الجانبين, فإن الجانب السياسي لهذه العلاقات يوفر الأرضية لتشكيل تحالف اقليمي سيكون له دور مؤثر في ترتيب الأوضاع في المنطقة خلال المرحلة الحالية ومستقبلا.