يتدرج المتصوفة بين المقامات التي يصلون لها في أثناء رحلتهم الباطنية القلبية للوصول لهدفهم الذي يظل بعيدا حتي لا تكتمل تجربتهم وتخرج عن معناها, هذا ما يقوم به الفنان عمرو فكري في عمله الذي يتخذ الطابع الصوفي أو الروحاني. إذ يستخدم كل ما هو مادي وروحي من وسائل التعبير الفنية لتقديم مشروعه قدس الأقداس والذي يتدرج هو الأخر في تقديمه الذي اتخذ أربع مراحل. المرحلة الأولي والتي أطلق عليها فكري الفراش المستوحي من جملة صوفية من كتاب الطواسين للحلاج, والذي عرض لأول مرة بمدينة زيوريخ. وقال فكري: إنه بدأ بهذا المشروع وبهذا العنوان لكي يعبر عن فكرة البحث عن الكمال, والقصد هنا مراحل التحول البيولوجي للفراش, وخروجها للبحث عن النور, ويعكس المشروع استخدام الوحدة الزخرفية التي يعتمد عليها الفن الإسلامي لتكوين شكل فني, يستمد قيمته من المشاعر الروحية التي توجد في العمارة الإسلامية والتي لم تستطع الكتب رصدها ومعرفة السر الذي بداخلها. تتكون مرحلة الفراش من14 صورة تعتمد علي المركز لمعرفة إذا كان هذا المركز يجذب أم يشع عن طريق علاقة المتلقي له. ويوضح فكري أن فكرة التصوير الفوتوغرافي لديه هي حفظ للحظة معينة عند رؤيتها توضح ما بها من نور داخلي, لذا كانت الصور المستخدمة في المشروع يلاحظ بها مصدر إضاءة داخلي. ثم جاءت المرحلة الثانية من مشروع قدس الأقداس في عمل فني مركب معتمد علي عرض الفيديو والتشكيل في الفراغ بعنوان فناء الوحدة.. فناء المكان, وكان هذا العمل استلهاما من رواية أنا الملك.. جئت, للكاتب بهاء طاهر, أما مواقف النفري فهو عنوان كتاب صوفي, وهو أيضا عنوان ومصدر إلهام المرحلة الثالثة من المشروع والتي سماها الفنان فناء الوحدة.. فناء المكان وهي مرحلة أكثر تجريدا وأكثر إرتقاء. وقال عمر: في مرحلة الإرتقاء يصحبها تجريد للرؤية حتي تصبح أوضح للقلب وليس للعقل. وبهذه المرحلة قام فكري بعمل نموذج أو مساحة مبنية وسط مكان العرض واسمها المساحة المقدسة وقام بإعداد المكان علي هذا الاساس, ورصد تعامل المتلقين معها وبدأوا يتصرفون علي أن هذا النموذج مقام لولي, كما استخدم في عرضه عددا من الجمل التي ذكرت في كتاب النفري والتي تتجانس مع الصور والموسيقي المصاحبة مثل انظر بعين قلبك الي قلبك, وانظر بقلبك كله الي, إذا رأيتني استوي الكشف والحجاب, وفي موضع آخر بدأت فخلقت الفرق فلا شيء مني ولا أنا منه وعدت فخلقت الجمع, فيه اجتمعت المتفرقات. وأشار الفنان إلي أنه استخدم في ذلك علوم الهندسة المقدسة, التي تناقلها المصريون بشكل حرفي منذ مصر القديمة حتي العصور الإسلامية, التي تتكون دائما من وحدة وحركة. وإحتتم عمرو فكري مشروعه بمعرض بصير الملائكة وهو المرحلة الرابعة, ويعتمد المشروع علي تأمل نصوص حكمية قديمة وإيجاد تصور لها من خلال إعادة بناء الصور في شكل مركزي معتمد علي قوانين الهندسة المقدسة أيضا. كما يتناول معرض بصير الملائكة قوة الخلق والطبيعة, مستخدما خطا تجريديا, وابتعد عن استخدام خط الثلث لأنه لا يريد أن يصبح المعرض شكلا جماليا فقط ولكن يشبه لغز وعلي المتلقي ان يفك شفرته.