منتصف الأسبوع قبل الماضي اتصلت برقم موبايل الأستاذ لبيب السباعي لأحمل له تقديري لمقاله قبل الأخير وأيضا لأطلب اجراء حوار معه هو الأول لي رغم زمالتي له في التعليم ربع قرن لنتحدث عن أحوال الصحافة والصحفيين والمؤسسات القومية في هذا الوقت الحرج والتي شاءت الأقدار ان لا تمهله كأمين للمجلس الأعلي للصحافة لكي يأخذ بيديها وقت الحرج وسط الدعوات لتصفيتها أو علي الأقل تحجيم دورها! كان صوتي متهللا انتظارا لصوته ولكن جاءت كلمات زوجته الفاضلة لي بأنه في غرفة الانعاش لتسكت صوتي تماما وتطلب له الشفاء وكان الخبر صدمة لي فلم أعرف أنه مريض لهذه الدرجة ولكنها أرادة الله في تلك اللحظة تذكرت أول مرة أري فيها الأستاذ لبيب منذ25 عاما وكان ذلك في أحد المؤتمرات الصحفية لوزير التعليم وأتذكر أنه د. فتحي سرور وكنت في بداية عملي الصحفي لتغطية أخبار التعليم تذكرت وجهه الباسم وهو يرحب بي ولكن أهم ما لفت نظري هو قفشاته وكلماته الساخرة وسرعة البديهة أيضا والأهم هو مدي الاحترام الذي كان يحظي به عند مصادره. شدتني تلك الشخصية ولاسيما ان الاحترام أيضا كان موجودا لدي زملاء المهنة حتي المنافسين له في الأخبار تحديدا ثم الجمهورية.. وهو ما جعلني أحاول الاقتراب من هذا الجبل الوسط في ذلك الوقت وأشهد انه لم يبخل علي بإجابة بل كان الجميع يساعدني وهو علي رأسهم. ومرت السنوات وبحكم الخبرة ترقي أستاذ لبيب السباعي وأصبح رئيسا لتحرير الشباب ولكن الأهم هو تأسيسه لصفحة شباب وتعليم بالأهرام وتحديدا يوم الاثنين من كل أسبوع وكنت انتظر الصفحة بشغف شديد بحكم التخصص ولكن الأكثر هو اهتمامي بما سوف يكتبه في مقاله كلمات جريئة ينقد فيها هذا المسئول أو ذاك بصدق وأمانة الكلمة أو ليتقدم باقتراح ورؤية هادفة في قضية ما في التعليم وقضاياه المختلفة. وبثقة أقول انه كان صحفي التعليم الوحيد الذي وضع خريطة الاهتمام بقضايا التعليم لتصبح وجبة يومية كاملة الدسم مثلها مثل القضايا الأخري التي كانت تخصص لها صفحات يومية والأكثر من ذلك أنه كان حريصا علي تقديم أو وضع علماء مصر تحت دائرة الضوء فكان كثيرا مايترك عموده لاراء متميزة لعلماء مصر وكان علي رأسهم د. محمد غنيم راهب العلم وأستاذ الادارة أيضا بل الأكثر من ذلك أنه لم يكن يبخل بعموده عن آراء زملائه وأنا منهم طالما تحمل وجهة نظر. وأذكر أن منعه من الكتابة في الشهور الأخيرة قبل ثورة25 يناير كان بسبب هجومه الشرس والموضوعي في آن واحد علي وزير التربية والتعليم في ذلك الوقت أحمد زكي بدر كان النقد دفاعا عن المهنة وزملائه وكان دفاعا عن عقل مصر أيصا الذي أهين في لحظة بتولي من ليس لهم الرؤية والخبرة في منظومة التعليم في مصر, كان دفاعا عن كرامة المعلم الذي يهان من أركان وزراء حكومة التوريث وبيع مصر, وزراء جاءوا ليقمعوا الشعب ويهينوا صحافته حتي لاتنشر خواءهم الفكري والمدهش أنه ترك لي عموده لأروي وقائع وفظائع أسود حقبة في تاريخ وزارة التربية والتعليم حتي أننا تحدثنا قبل الثورة بأيام. [email protected]