أسفرت النتائج الرقمية للعام الماضي عن بعض الحقائق المفزعة ومنها تزايد معدلات التهريب بدرجة غير مسبوقة ولم تقتصر علي سلع معينة ولكنها تنوعت لتشمل مجموعة كبيرة من السلع والمنتجات خاصة في سلع مثل الأدوية والسجائر والملابس وغيرها... حلول وقد يكون مفهوما الطبيعة الخاصة لظروف عام2011 ولكن هذا يحتاج إلي ضرورة التعامل بحزم خلال2012 وان لايقتصر الأمر علي مجرد الحلول الإجرائية ولكن أن يتعمق للحلول الجذرية.. بمعني أننا أذا قلنا أن هناك زيادة في معدلات تهريب الأدوية المستوردة سواء السليمة أو المغشوشة فلا يجب أن نتحدث فقط عن دور الانفلات في زيادة التهريب بل يجب أن تكون النظرة أكثر عمقا بحيث نأخذ في الاعتبار الأسباب الحقيقية مثل زيادة معدلات الضرائب علي الصناعات المحلية بما يرفع أسعارها ويجعل من استيراد الأجنبي أو تهريبه أقل تكلفة وأقل سعرا وأكثر ربحية للمهربين كما يجب بحث معوقات التصنيع المحلي. ويزداد الأمر وضوحا كما اشارت تقارير رسمية في سلعة مثل السجائر والتي زاد عدد الأصناف المهربة خلال فترة أقل من عامين الي أكثر من62 ماركة تم تهريبها من السجائر إلي السوق المصرية في حين أن هذا الرقم لم يتجاوز أربعة أصناف في بدايات عام2010 وبلغت قيمة السجائر المهربة المضبوطة وفق آخر إحصائية حوالي900 مليون جنيه مصري. وفي حالة مثل السجائر نجد أن تزايد عمليات التهريب يرتبط أكثر بطبيعة البيئة الضريبية التي تجعل من تهريب السجائر عملية مربحة جدا لأن فارق سعر البيع النهائي يتجاوز200% من السجائر المحلية نظرا لتزايد معدلات سعر الضريبة المفروضة علي الأخيرة. الضريبة وحتي يمكن توضيح الأمر أكثر نجد أن نفس الفترة التي شهدت تزايد معدلات التهريب قد شهدت في المقابل زيادات ضخمة في سعر الضريبة علي السجائر. ففي منتصف يونيو2010 طبقت وزارة المالية نظام ضريبيا جديدا علي السجائر رفع إيرادات الدولة بنسبة64% من حصيلة ضرائب السجائر لعام2009 وفي مايو2011 زادت الضريبة علي السجائر بنسبة10% لينتج عنها زيادة في الحصيلة الضريبية بمقدار1.2 مليار جنيه مصري وقد أدت هذه الزيادة في مجملها إلي زيادة سعر الضريبة إلي أكثر من70% من قيمة المنتج وهي من النسب الأعلي عالميا وأدي إلي ارتفاع أسعار السجائر في فترة بسيطة بنسبة بلغت90% من سعر البيع النهائي عام2009. العائد ورغم أن العائدات الحكومية من الضرائب علي السجائر قد تضاعفت لتقترب من حاجز ال20 مليار جنيه في2011 إلا أن ذلك قد أدي لآثار سلبية شديدة تمثلت في زيادة معدلات التهريب بشكل غير مسبوق وصل أكثر من عشرة أضعاف خلال أقل من عامين وضياع مليارات الجنيهات علي الخزانة العامة للدولة حتي أنه إذا قمنا بحساب آثار عمليات التهريب بشكل رقمي في مقابل هذه الزيادة فسنجد أنها معدومة الأثر وكأنها لم تكن... ويكاد يكون هناك شبه إجماع من خبراء الضرائب والاقتصاد علي أن المغالاة في أسعار الضرائب تؤدي بالضرورة إلي زيادة حالات التهرب الجمركي وتهريب السلع والمنتجات خاصة ذات الصفة الحيوية مثل الصناعات الغذائية وخامات الإنتاج والسلع ذات الطبيعة الخاصة. السعر والدخل كما أن التشدد في زيادة معدلات الضريبة والرسوم المتنوعة المقررة علي السلع والمنتجات خاصة السلع ذات الطبيعة الخاصة مثل السجائر بحجة كونها ضارة بالصحة وبحجة كونها أرخص في سعر البيع النهائي من مثيلاتها في دول أخري أمر غير حقيقي ويجب أن يتم فيه القياس علي معدل دخل المواطن فليس منطقيا أن يقاس سعر بيع المنتج لمواطن يبلغ دخله الشهري1000 دولار بمواطن آخر في بلد آخر يبلغ دخله الشهري100 دولار فلابد من احتساب الأسعار استنادا إلي مستويات الدخول وهناك إحصائيات عالمية متعددة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يمكن الارتكاز إليها في هذا الشأن.