يعلم الجميع أن مصر هي أول حضارة في التاريخ تضرب في أعماقه لأكثر من سبعة آلاف عام, وأن مصر علمت الدنيا أرقي العلوم والفنون وأخذت الشعوب عنها كل النظم والآداب. وأن أول دعوة للتوحيد ونبذ الكفر والشرك انطلقت من مصر علي يد اخناتون وهكذا. ورغم أن الصين تمثل حضارة عريقة عمرها خمسة آلاف عام وهم من أذكي الشعوب أيضا ويتقاسمون اليوم قيادة العالم ويجمع الخبراء أن الصين ستصبح قطب العالم الأوحد خلال أقل من عشرين عاما. رغم كل ذلك فإن أهل الصين يعتبروننا أساتذتهم ويقولون لي دائما انكم الأقدم والأذكي واننا وغيرنا نأخذ عنكم ونتعلم منكم ولقد كانت ثورة مصر في يناير الماضي ثورة رائدة اسقطت الظلم والفساد وأعادت الكرامة للإنسان وحققت الحرية والديمقراطية بأفضل معانيها, وقد ألهمت ثورة يناير2011 الكثير من الدول والشعوب, وتعلموا ويتعلمون منها الكثير. ورغم أن الثورة قد حققت معظم أهدافها ولكن مازالت توجد مشاكل وخلافات بين مختلف القوي السياسية والشبابية, بعضها يسعي لتحقيق مصالح خاصة وبعضها ربما لمصلحة الوطن وكلها تستدعي الحوار الهاديء للتوفيق بينه حتي نكون دائما الاساتذة وفي الطليعة, ولكي نقضي علي جميع مشاكلنا بعون الله. ومن وسائل التعبير عن الرأي وعرض المشاكل يلجأ البعض وخاصة الشباب إلي التظاهر والاعتصام والذي غالبا ما يكون سلميا, وكثيرا ما تنتهي المظاهرة بعد ساعات, وبعد توصيل وجهة نظر المتظاهرين للمسئولين والرأي العام وعن طريق وسائل الإعلام المختلفة وخاصة التلفاز والفضائيات التي يسعي الكثيرون منهم للظهور فيها, وترتزق منها الفضائيات كثيرا. ولكن المشكلة أن هذا التظاهر وخاصة الاعتصام قد يؤدي إلي غلق الطرق والميادين المرورية المهمة ويعوق العمل وقد يؤدي إلي صدامات مع قوي الأمن وربما جرائم وحرائق تضاعف حجم مشاكلنا وتحطم اقتصادنا وتدمره. ولذلك فإنني أطالب بتخصيص أماكن للتظاهر والاعتصام بعيدا عن الميادين والشوارع المهمة ولتكن في الحدائق الواسعة مثل حديقة الحرية مثلا قرب ميدان التحرير ولا مانع من تخصيص حديقة أخري في روكسي أو مصر الجديدة وبالمثل في سائر المحافظات وذلك مثل حديقة هايد بارك في بريطانيا والتي يسمح فيها للمواطن بكل نقد أو تظاهر أو اعتصام.. ولما كان الإعلام أساسيا لتوصيل مطالب الثوار فمن الضروري وجود الصحفيين وكاميرات التلفاز والفضائيات في حدائق الحرية ويا حبذا لو ذهب أحد الوزراء أو المسئولين للقاء المعتصمين والتحاور معهم وخاصة أيام الجمع التي يتضاعف فيها عدد الثائرين والمعترضين, وبذلك نوفق بين حق الثوار في التعبير عن آرائهم ومطالبهم كما يشاءون, وبما لا يعوق حرية سائر المواطنين والعاملين في التنقل والانتاج, ولا يعطل العمل ولا يخيف المستثمرين والسياح خاصة أن وضعنا الاقتصادي صار في منتهي الخطورة, بما لا يسمح لأحد بترف التعطيل أو التخريب, وانقاذا لمصرنا الغالية من مصير لا يتمناه لنا صديق أو عدو.