علينا الاستماع جيدا إلي ما يقوله الشباب, ليس في وسائل الإعلام فحسب وانما داخل القاعات وفي اروقة صناعة القرارات التي تحدد معالم حاضر الوطن ومستقبله. لجوء الشباب للشوارع والميادين كان لإيقاظ الشعب من غيبوبة تسببت فيها هموم لقمة العيش والفزاعات المزيفة التي اخفت هذا الحجم من الفساد الذي يفوق الخيال, ونجح الشباب في المهمة بعد أن دفعوا الثمن غاليا من دماء الشهداء والمصابين. وعقب الثورة انشغلت الاطراف الرئيسية علي الساحة بالتنافس بل والصراع علي الغنائم التي لم تتضح بعد, وخاضت الأحزاب والقوي السياسية المعركة الانتخابية للبرلمان الجديد دون أن تفسح المجال لمن قاموا بإضاءة شعلة الثورة للتعبير عن انفسهم وافكارهم ورؤيتهم بالقدر المناسب, ولذلك يعود الشباب للميادين حتي يستمع الجميع إلي مطالبهم التي لم تتحقق وهي بالمناسبة ليست مطالب فئوية أو شخصية, فلم نسمع من يريد وظيفة أو امتيازا خاصا وانما كلها تصب في اسباب واهداف الثورة وتحمل رؤية ووجهات نظر تستوجب الحوار الجاد للوصول إلي خريطة طريق يتوافق عليها الجميع. ولعلنا نضيف ان الحوار المباشر مع الشباب قد تأخر كثيرا, ولم يعد ممكنا التواصل معهم عبر الوسطاء أو وسائل الإعلام فقط, وكان الاجدي ان تكون لهم نسبة محددة في كل المجالس واللجان والحكومات التي تعاقبت منذ25 يناير وحتي الآن. ولسنا في حاجة للتذكير بأن هؤلاء الشباب هم قادة المستقبل القريب, وقد بات ضروريا البدء في خطط لعملية التسليم والتسلم باعتبار أن الاجيال التي تتحمل المسئولية حاليا هي انتقالية تماما مثل المرحلة الراهنة. العودة إلي الميادين تعني استمرار وجود جلطات تمنع تدفق الدماء في الشرايين الطبيعية داخل اروقة صناعة القرار وعلي امتداد ساحات القوي السياسية والأحزاب والنخبة, والمطلوب ليس فقط بالدفع بالشباب إلي الصفوف الأولي وانما بالترحيب والتفاعل الجاد مع الكيانات التي تعبر عنهم وآخرها ما أعلن عن قيام حركة جديدة بعنوان مصرنا تضم مجموعة متميزة من النشطاء. الشباب قادم فأفسحوا لهم الطريق وثقوا في قدراتهم.