اتفقت الشرائع السماوية كلها في الجملة في أصولها العامة علي مقاصد التكاليف الشرعية وإسعاد الإنسان وإصلاحه, في الدنيا, وإكرامه في الآخرة. لذا حرمت العدوان علي بدنه بالإتلاف والإهلاك, وعلي عرضه بالانتهاك والانتقاص, وعلي ماله بالغصب والباطل, واحترمت آدميته وقدرت إنسانيته لأنه المنوط به عمارة الدنيا, قال الله عز وجل: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة وعبادة الله تعالي ظاهرا وباطنا, بعبادات عقلية وقلبية وبدنية ومالية وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. لذا كرم الدين الحق الإنسان كإنسان دون نظر إلي معتقده, ولا لغته, ولا جنسيته, ولا لونه( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا). لذا حضت الشريعة الإسلامية علي وجوب توفير حياة كريمة, ومعيشة هانئة لبني آدم في مجالات: 1) صيانة بدنه: فلا يقتل ولا يجرح ولا يضرب ولا يحبس إلابحق مع مراعاة التدرج في العقوبة من الأخف ما وسع إلي ذلك سبيلا, ولا يمنع عن طعام ضروري ولا شراب, ولا كساء ولا مسكن لائق, فيجب عليه بذل جهده ضمن منظومة الإعمار وأمانة الاستخلاف بعرق الجبين وكد اليمين لإكرام بدنه بالوسطية دون تقيد ولا إسراف, قال الله سبحانه وتعالي ( ولا تجعل يدك مغلولة إلي عنقك ولا تبسطها كل البسط). 2) حماية عرضه: فلا يعتدي عليه بممارسات جنسية محرمة كالزنا والشذوذ, ولا نسبة معايب ونقائض اليه بسب ولعن وشتم وتشهير وتجريس. 3) حماية أمواله: فلا يعتدي عليها بسرقة ولا غصب ولا أخذها كرها, ولا منع حقه فيها, ولا التوصل اليها بسبل غير مشروعة كغش وخداع وتدليس وما ماثل ذلك. 4) تقدير مداركه: فلا يعتدي علي حرية رأيه في حدود المشروع شرعا وعرفا, بمنع وحجز. 5) حماية إرادته: فلا يبغي عليها بإكراه في شتي أنواع المعاملات فلا يكره علي معتقد, ولا يكره علي إنشاء أو فسخ عقود مالية أو غيرها. إن وجود هذه الحقوق يعطي للإنسانية والآدمية ما يجب لها, فهذا الذي أسجد الله سبحانه له ملائكته, وخصه بالعقل, وخلقه في أحسن تقويم وجعله( يمشي سويا علي صراط مستقيم) له: حق الحياة: ابتداء من مرحلة التخليق في رحم والدته حتي وفاته بمغادرة روحه الجسد مغادرة تستحيل معها الحياة, فيجب تأمين الغذاء والكساء والدواء والمأوي والعيش الكريم, يكفل من يعوله الأسرة والدولة هذه الأمور وكذلك حق إبداء الرأي المشروع وحق الشوري في أنظمة الحكم. وكذا حق الأمن العام الذي يكفل كما سلف حماية وصيانة بدنه وماله وعرضه.