بعيدا عن نظرة التنافس الضيقة بين مرشحي الاحزاب والكتل والائتلافات وحتي المستقلين يظل هناك فائز واحد بالانتخابات البرلمانية في مصر هو وحده الذي يستحق الاشادة والتبجيل, وهو وحده الذي أبهر العالم للمرة الثانية بعد ثورة يناير المجيدة, انه شعب مصر العظيم الذي هب علي قلب رجل واحد وتوجه نحو صناديق الاقتراع محافظا علي ثورته, ومؤكدا وعيه و حقه في تقرير مستقبله. المشهد أمام صناديق الانتخابات كانت تقشعر له الأبدان, فمصر كانت حاضرة عن بكرة أبيها بشيوخها وشبابها.. بمثقفيها وبسطائها.. بمسلميها وأقباطها.. كان الجميع ينضوون تحت علم مصر هدفهم واحد وغايتهم واحدة.. ساهموا برقيهم وحضارتهم في تنظيم اعظم وارقي وانقي انتخابات عرفتها البلاد طوال تاريخها.. وإذا كان المجلس العسكري وعد فأوفي بحماية الانتخابات وتأمين الصناديق والدفع بمصر نحو آفاق جديدة من الديمقراطية فإن ذلك لم يكن ليتحقق لولا يقظة المصريين وشعورهم بأن الفرصة باتت في أيديهم وأنهم وحدهم هم القادرون علي رسم ملامح مستقبلهم. المطلوب الآن أن نمنح المجلس العسكري كل ثقتنا وأن نتوقف قليلا لنبني وأن نعطي الحكومة الجديدة فرصتها لتحقيق ما نصبو إليه.. أن نترك ميدان التحرير قليلا حتي لايجد فيه البلطجية واللصوص والخارجون علي القانون سبيلا لتشويه ثورتنا والايقاع بالمزيد من الضحايا مثلما حدث قبل يومين. علينا الان ان ننظر إلي مصر التي ضحينا من أجلها بدمائنا وكل ما نملك ان ساعات قليلة من الاستقرار والثقة اعادت للبورصة رواجها بعد ايام عجاف من الخسائر الفادحة, كما بدأت حركة السياحة تستعيد عافيتها هي الأخري فماذا لو هدأنا قليلا وصبرنا قليلا, وقتها ستختفي أعمال البلطجة وتبدأ عجلة الانتاج في الدوران ونجني ثمار ثورتنا العظيمة, ماذا لو اعطينا المجلس العسكري والحكومة الجديدة فرصة تحقيق وعودهما دون مزيد من الصدامات, وكلنا يري بعينيه كيف يقوم العالم المتحضر أو الذي يزعم انه كذلك بفض مظاهراته, ففي انجلترا أمر رئيس الوزراء باطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين وفي الصين تصل عقوبة المتظاهرين إلي الإعدام وحتي في أمريكا نري مدي قسوة تعاملهم مع المحتجين في وول ستريت.. إننا أمة عظيمة وشعب عظيم فعلينا أن نثبت ذلك الآن وأن نلتف حول هدف واحد ومقصد واحد, لامجال للإقصاء أو التخوي علينا أن نمد يد العون لرجال الشرطة ونعيد الثقة إليهم, أن نساعد القضاء علي انجاز مهامه ويكفينا شرفا وفخرا ان نري الرئيس المخلوع وابناءه واركان نظامه يقفون الان خلف الاسوار وهم يشاهدون مصر العظيمة تبعث من جديد بينما هم يتجرعون الذل والمهانة جزاء ما ارتكبت أيديهم. يكفي أنهم لن يكونوا شهداء علي ميلاد مصر الجديدة.. بينما يشهد كل المصريين نهاية الفساد والطغيان.