تواصلت الاشتباكات والمصادمات الدامية والتي تحولت إلي حرب استنزاف بين المتظاهرين وقوات الأمن والجيش بميدان التحرير والشوارع المؤدية إليه, ومقر وزارة الداخلية, مما أسفر عن وقوع عشرة قتلي وإصابة أكثر من324 مصابا حتي مثول الجريدة للطبع. وإزاء تفاقم الأحداث الملتهبة والتي امتدت إلي عدد من المحافظات مساندة لمتظاهري التحرير.. أصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة بيانا مهما عقب اجتماعه مع مجلس الوزراء بكامل هيئته مساء أمس, أكد فيه أن مصر شهدت خلال الساعات الأخيرة أحداثا وتطورات بالغة الدقة تنذر بتداعيات سلبية علي الاستقرار والأمن. كما أكد حرصه الشديد علي تنفيذ خريطة الطريق التي سبق وتعهد بها أمام الشعب, وتسليم مقاليد الدولة إلي سلطة مدنية منتخبة بطريقة ديمقراطية ونزيهة, وتعد الانتخابات البرلمانية المخطط إجراؤها الأسبوع المقبل هي أولي مراحل هذه العملية, مطالبا جموع المواطنين الشرفاء بتحقيق هذه الأهداف. ودعا المجلس الأعلي جميع القوي والتيارات السياسية وائتلافات الشباب للعمل بكل قوة, والتكاتف من أجل احتواء الأحداث التي قد تؤثر سلبا علي الأمن والاستقرار من خلال المسئولية الوطنية وروح ثورة25 يناير. وكلف العسكري مجلس الوزراء باتخاذ ما يلزم من إجراءات عاجلة للوقوف علي أسباب هذه التداعيات والعمل علي إنهائها, ومنع تكرار ذلك مستقبلا من خلال حوار إيجابي من جميع القوي والتيارات السياسية, وائتلافات الشباب, علي أن ينتهي ذلك في أسرع وقت ممكن. واختتم المجلس بيانه بالتأكيد علي تنفيذ تعهده وثوابته التي وصفها بأنها لا تتغير وهي أنه لا يسعي لإطالة الفترة الانتقالية, ولن يسمح لأي جهة بعرقلة عملية التحول الديمقراطي وبناء مؤسسات الدولة. في نفس السياق, أصدر مجلس الوزراء بيانا عقب اجتماعه الطارئ والذي استمر أكثر من8 ساعات متواصلة, أكد فيه التزامه بإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها, لافتا إلي أن التوتر المفتعل حاليا يستهدف تأجيل الانتخابات أو إلغاءها لمنع إعادة بناء مؤسسات الدولة. وأكد مجلس الوزراء, دعم الحكومة الكامل لوزارة الداخلية بشكل كامل في إجراء الانتخابات, ومساندتها في مواجهة أعمال العنف, وشدد علي حق المواطنين في التظاهر السلمي, والتعبير عن الرأي, إلا أنها ترفض بشدة محاولات استغلال هذه التظاهرات لزعزعة الأمن والاستقرار وإثارة الفرقة. في غضون ذلك, تواصلت ردود الفعل الشعبية الغاضبة ضد استمرار المصادمات التي أدت إلي وقوع العديد من الضحايا الأبرياء, فيما تظاهر العشرات من المصريين المقيمين في بريطانيا أمام السفارة المصرية في لندن للتعبير عن تضامنهم مع إخوانهم في ميدان التحرير. وعلي صعيد الأحداث الملتهبة, امتدت فتنة التحرير إلي عدد من المحافظات بالوجهين البحري والقبلي, من بينها قنا وأسيوط وسوهاج بالصعيد, والإسكندرية والإسماعيلية ببحري, ووقع العديد من المصابين, لتستعيد المحافظات أجواء25 يناير, وخاصة السويس التي شهدت مواجهات ضارية بين الشرطة والمواطنين بحي الأربعين. فيما أعلن ممدوح الولي نقيب الصحفيين عن إصابة14 صحفيا جراء الأحداث, منهم3 تعرضوا إلي إصابات خطيرة بالعينين. وكانت أحداث أمس قد شهدت تطورا دمويا, خاصة عندما حاول بعض المتظاهرين اقتحام مقر وزارة الداخلية مما اضطر الجيش إلي إرسال تعزيزات من قواته إلي الداخلية, ودارت مواجهات عنيفة مما أدي إلي سقوط العديد من المصابين والقتلي, حيث استمرت المواجهات والمطاردات بين الجانبين حتي ميدان التحرير الذي سيطر عليه المتظاهرون تماما بعد وصول الآلاف مساء أمس. وعاني المستشفي الميداني بالتحرير من نقص حاد في الخدمات, الأمر الذي تسبب في عدم إسعاف العديد من الإصابات, وأدت إلي الوفاة بسبب صعوبة اختراق سيارات الإسعاف للميدان بسبب الحشود الهائلة من المتظاهرين. وعودة إلي تطورات الأوضاع علي صعيد التحرك الحكومي لاحتواء الأزمة, يعقد د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء اجتماعا مهما اليوم للجنة إدارة الأزمات, لبحث التداعيات الخطيرة, والعمل علي احتوائها قبل الانتخابات البرلمانية المقرر لها الإثنين المقبل. وواصلت القوي السياسية والحزبية تنديدها باستخدام القوة المفرطة من قوات الأمن ضد المتظاهرين, وطالبوا بتشكيل حكومة إنقاذ وطني, لوقف تدهور الأوضاع.