الزمالك يتراجع عن صفقة من العيار الثقيل (تفاصيل)    بمنهجية جديدة ورؤية إصلاحية.. حزب الإصلاح يفتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية    قرار هام من التعليم ينهي الجدل حول «عهدة التابلت»    أكاديمية الشرطة تنظم ندوة حول الترابط الأسري وتأثيره علي الأمن المجتمعي (فيديو)    «هي دي مصر».. قساوسة يشاركون في افتتاح مسجد السنادقة بقنا    تعاون بين الأكاديمية العسكرية و"الوطنية لتأهيل الشباب"    اللواء كدواني يشارك في الملتقى العلمي الخامس «المنيا الشاهد الحي لحضارة مصر»    «مرسي» تترأس اجتماع اللجنة الدائمة للإشراف على منظومة عمل الرائدات الاجتماعيات    إطلاق قافلة بيطرية لتحسين صحة الثروة الحيوانية في الشيخ زويد ورفح    القوات المسلحة تنظم حفلًا للتعريف بتنظيم مصر فعاليات النسخة الرابعة ل«إيديكس 2025»    الحرية المصري: كلمة الرئيس السيسي في القمة الطارئة تفضح جرائم الاحتلال وتدعو لتحرك دولي وعربي عاجل    فتح باب التقديم لقبول دفعة جديدة من الطلاب الموهوبين رياضياً بالمدارس العسكرية الرياضية ل«2025- 2026»    الزمالك يفاوض ميشالاك على مستحقاته تجنباً لإيقاف قيد جديد    محمد صلاح يغازل دي بروين: لدينا مكان له في ليفربول    منتخب ناشئي اليد يسافر إلى السويد 29 يونيو للمشاركة في بطولة أوروبا    أنشيلوتي: برشلونة استحق الدوري.. ومشكلة ريال مدريد تمثلت في الإصابات    ضبط 7 مليون جنيه حصيلة الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    التعليم تعلن موعد التقديم الإلكتروني بالمدارس الرسمية واللغات للعام الدراسي الجديد 2025 -2026    جدول مواعيد القطارات الإضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    وزيرة التضامن تلتقي أعضاء البعثة الإشرافية لحج الجمعيات الأهلية    «إن الله مع الصابرين».. كيف علق محمد رمضان على أزمة ابنه؟    عيد ميلاد الزعيم ال 85.. كيف بدأت قصة حب عادل إمام وزوجته من أول نظرة؟    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع حديقة تلال الفسطاط.. صور    الأوقاف: الطبيب البيطري صاحب رسالة إنسانية.. ومن رحم الحيوان رحمه الرحمن    نائب رئيس مجلس الوزراء: الطب البيطري جزء أصيل من منظومة الصحة الواحدة    في اليوم العالمي للمرض.. عادات يومية ترفع ضغط الدم بصمت    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    وزير التعليم العالي: المترولوجيا أحد ركائز دعم قطاعي الصناعة والبحث العلمي لتحقيق التنمية المستدامة    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات يحرص على إعداد جيل واعد من صغار رواد الأعمال و تشجيع المبتكرين منهم    رئيس المجلس الرئاسى فى اليمن: ندعم خطة مصر لإعادة إعمار قطاع غزة    انطلاق الدورة 41 من مهرجان الإسكندرية السينمائي في سبتمبر المقبل    عيد ميلاد الزعيم.. عادل إمام: عبد الحليم حافظ دخل قصة حب ولا أعتقد أنه تزوج    وفاة ابن شقيقة الفنان عبد الوهاب خليل.. وتشييع الجنازة بكفر الشيخ    أسامة نبيه: القدر أنصف منتخب مصر للشباب بتأهله لكأس العالم    محامى أسرة قتيل كرداسة يكشف تفاصيل الجريمة: يوسف فقد حياته دون ذنب    ضبط متهم بالتعدي على حقوق الملكية الفكرية في القليوبية    مؤتمر قصر العيني لجراحة المسالك البولية يحتفي بتراث علمي ممتد منذ 80عامًا    تحرير 143 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق    فص ملح وداب، هروب 10 مجرمين خطرين من السجن يصيب الأمريكان بالفزع    بدعوة رسمية.. باكستان تشارك في مراسم تنصيب البابا ليون الرابع عشر    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    يسري جبر: يوضح الحكمة من نداء النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ب"يا ابنة أبي أمية"    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    اليوم.. محاكمة المتهمين في قضية ضرب وسحل الطفل مؤمن    أول رد من جورج وسوف على شائعات وفاته    السكك الحديدية: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    الأرجنتين تعلق استيراد الدجاج البرازيلي بعد تفشي إنفلونزا الطيور    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    حتى 22 مايو.. الحجز إلكترونيا للحصول علي مصانع جاهزة بالروبيكي    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    مسودة "إعلان بغداد" تشمل 8 بنود منها فلسطين والأمن العربي والمخدرات والمناخ    الأجهزة الأمنية الليبية تحبط محاولة اقتحام متظاهرين لمبنى رئاسة الوزراء بطرابلس    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    تشيلسي ينعش آماله الأوروبية بالفوز على يونايتد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأوهام السبعة
في تمويل المنظمات الأهلية

للمنظمات الأهلية دور بارز في التصدي لمشاكل المجتمع المصري وانجازاتها في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية‏,‏ وكونها حلقة الوصل الأولي التي تربط أفراد المجتمع بكل فئاته مع الحكومة والقطاع الخاص‏.
وقد وضحت مؤخرا مساهمة هذه المنظمات في القضايا الاجتماعية التي تزايدت حدتها خلال العقدين الأخيرين مثل قضايا حقوق الانسان والتفكك الأسري والعنف والتسول والادمان‏.‏
ان قضية تمويل المنظمات الأهلية تمثل واحدة من أكثر القضايا التي قتلت بحثا ووضعت لها معظم دول العالم حلولا جذرية والفضل في هذا يرجع الي الحرب التي شنتها الولايات المتحدة علي الارهاب وركزت في الأساس علي تجفيف منابع التمويل‏,‏ والسيطرة علي التحويلات والتبرعات التي كانت تنهال علي هذه الجماعات من بعض الدول‏,‏ خاصة الخليجية‏,‏ مما أدي في نهاية عام‏2005‏ الي انهيار منابع هذه التحويلات وانقطاعها بشكل كامل لاحقا‏.‏
والعجيب أن مصر‏,‏ الدولة الرائدة في العمل الأهلي‏,‏ التي بدأ فيها منذ أكثر من‏200‏ سنة‏(‏ الجمعية اليونانية بالاسكندرية انشئت عام‏1821),‏ ووصل عددها الآن الي‏30‏ ألف منظمة أهلية‏,‏ تعمل بها كوادر محترفة أسست أنظمة العمل الأهلي في معظم دول المنطقة‏,‏ مازالت تتعامل مع قضية التمويل بأسلوب ينقصه التنظيم والاحترافية‏,‏ مما فتح المجال لقضية في غاية الخطورة علي الأمن القومي وأعطي فرصة للبعض في التدخل في الشئون الداخلية للدولة‏,‏ وسمح للبعض بشن هجمات غير مبررة علي المنظمات المصرية ومن يعمل بها ووصف بعضها ب دكاكين تعمل بأجندات خارجية‏,‏ مما ألحق الضرر بها وبصورتها الدولية‏.‏
ومع ندرة ظهور رأي المتخصصين في هذه القضية كثر اللغط مما يدفع لتوضيح بعض الحقائق والأوهام‏.‏
الوهم الأول‏:‏ المنظمات الأهلية تعمل في قضايا الشأن العام والتوعية بالديمقراطية وحرية الرأي‏..‏ المنظمات الأهلية المسجلة والمشهرة في مصر غير مصرح لها بعدة أشياء علي رأسها العمل السياسي وممارسة انشطة طائفية‏,‏ لكنها تعمل في مجالات التوعية والتنمية وتمكين الأفراد‏,‏ والمادة رقم‏11‏ من القانون‏48‏ لسنة‏2002‏ توضح أنه يحظر أن يكون من بين أغراض الجمعية أن تمارس نشاطا مما يأتي‏:‏
‏1‏ تكوين السرايا أو التشكيلات العسكرية أو ذات الطابع العسكري‏.‏
‏2‏ تهديد الوحدة الوطنية أو مخالفة النظام العام أو الآداب أو الدعوة الي التمييز بين المواطنين أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو العقيدة‏.‏
‏3‏ أي نشاط سياسي تقتصر ممارسته علي الأحزاب السياسية وفقا لقانون الأحزاب‏,‏ وأي نشاط نقابي تقتصر ممارسته علي النقابات وفقا لقوانين النقابات‏.‏
أي أن العمل بالسياسة ممنوع في الأساس علي المنظمات الأهلية ويجب توضيح الخط الفاصل بين العمل التوعوي في الشأن العام والعمل ذي الطابع السياسي‏,‏ فقد كانت هذه النقطة هي مصدر الخلاف بين نظام مبارك وعدد من المنظمات الحقوقية‏,‏ فتشجيع ومساعدة الأفراد علي اصدار بطاقة انتخابية ليس عملا سياسيا‏,‏ كما اعتبره نظام مبارك‏,‏ لكن تشكيل جماعات ضغط ذات توجهات سياسية محددة وكذلك استغلال مقار الجمعيات وامكاناتها في الحملات الانتخابية هو عمل سياسي يمنعه القانون‏.‏
الوهم الثاني‏:‏ المنظمات الأهلية التي تحصل علي المنح من الخارج منظمات مشبوهة تعمل بأجندات خارجية وتشير قوانين المنظمات الأهلية الي أن أي منظمة مدنية رسمية أنشئت علي نحو سليم ينبغي أن يسمح لها عموما بتلقي أموال نقدية أو تبرعات عينية‏,‏ أو قروض وفيما عدا عدد قليل من الجمعيات المشبوهة والتي شكل أغلبها أفراد من أمن الدولة السابق بهدف استغلال التمويل الأجنبي‏,‏ فالغالبية العظمي من منظمات المجتمع المدني تتلقي أموالا في عملية شفافة تدخل فيها وزارة التضامن الاجتماعي طرفا رئيسيا‏,‏ ويمكن القول ان هناك صعوبة بالغة في تحويل الأموال للمنظمات الأهلية دون الرجوع للحكومة وأجهزتها في وقت ما والقانون‏48‏ لسنة‏2002‏ يحتوي علي مواد تنظم فعليا التمويل وهي مادة رقم‏17‏ التي تقول للجمعية الحق في تلقي التبرعات‏,‏ ويجوز لها جمع التبرعات من الأشخاص الطبيعيين ومن الأشخاص الاعتبارية بموافقة الجهة الادارية علي النحو الذي تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون وفي جميع الأحوال لا يجوز لأي جمعية أن تحصل علي أموال من الخارج سواء من شخص مصري أو شخص أجنبي أو جهة أجنبية أو الشئون الاجتماعية‏.‏
هذه المادة توضح أن التحويلات تتم من خلال رقابة الوزارة‏,‏ والمعنيون بالأمر يعرفون جيدا أن البنوك لن تفتح حسابات أو تحول أموالا دون موافقة كتابية من الوزارة‏,‏ وان تم ذلك دون الحصول علي هذه الموافقة فيما بعد قيام ثورة يناير فهناك مشكلة في تطبيق المتابعة من قبل البنوك والوزارة معا بالاضافة الي سوء نوايا الطرف المانح الذي فضل الطريق السهل في اختيار المنظمات والحركات التي يري أنها تحقق الأهداف التي يتمناها دون التشدد معها في حصولها علي التصاريح ولحسن الحظ لا تتعامل جميع الجمعيات الأهلية في مصر مع التمويل الأجنبي‏,‏ فقط نسبة لا تتجاوز‏21.9%‏ من اجمالي عدد الجمعيات تستقبل منحا خارجية‏,‏ ويلاحظ أن الدولة تحتل المرتبة التوصية تعني أن الحكومة ملزمة بأن تراجع القوانين والأنظمة وتنقحها وتضيق الخناق علي التحويلات المشبوهة وأن تضع آلية واضحة للمراقبة والتنسيق‏.‏ وفي كل الدول الخليجية علي سبيل المثال اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تشارك فيها وزارة الشئون ويرأسها محافظ البنك المركزي تعمل علي تنسيق جهود متابعة التحويلات ومصادرها والمستفيدين منها بهدف ابراز الصورة الحقيقية للعمل الخيري والمحافظة عليها امام المحافل الدولية‏.‏ ولا أعرف هل هناك لجنة مشابهة في مصر أو لا؟
الوهم الرابع‏:‏ كل المنح التي تحصل عليها المنظمات الأهلية تخرج من السفارات والحكومات الأجنبية وبجانب تمويل السفارات التي توفر جزءا من المنح التي تقدمها الدولة مباشرة للمنظمات الأهلية‏,‏ هناك الآلاف من المؤسسات التنموية الحكومية والأهلية تحت صور مختلفة‏,‏ منها الدعم المالي المباشر في صورة تحويل أموال أو الدعم الفني أو تمويل مشروعاتها والمشكلة ان هناك عددا من هذه المؤسسات المانحة لا تشترط موافقة الدولة علي منح الجمعية أي منح‏,‏ وهذا التباين في طرق المنح وشروطها يوجد نوعا من الخلط واللبس‏,‏ مثلا مبادرة الشراكة الشرق أوسطية الأمريكية المعرفة ب‏MEPI‏ التي تعمل في‏17‏ دولة ومولت‏600‏ مشروع بمبلغ‏530‏ مليون دولار منذ تأسيسها عام‏2002‏ وتوفر منحا مالية تبدأ من عدة آلاف وتنتهي بملايين الدولارات للجمعية الواحدة دون شروط موافقة الدولة‏,‏ وبالتالي يمكن للجمعية أن تتقدم بمشروعها علي موقع المبادرة وبالنسبة للبرنامج هذا التمويل يعتبر شفافا وعلنيا لكنه بالنسبة لمصر يمثل مخالفة القانون‏,‏ وأتفهم تصريحات السفيرة الأمريكية خلال جلسة اعتمادها أمام مجلس الشيوخ الأمريكي‏,‏ حين أكدت أن الولايات المتحدة أنفقت منذ ثورة‏25‏ يناير‏40‏ مليون دولار لدعم الديمقراطية في مصر وأن‏600‏ منظمة مصرية تقدمت للحصول علي منح مالية أمريكية لدعم المجتمع المدني‏.‏ فمعظم هذه المنظمات تقدمت بطلب أو ملأت استمارة لكن علي الجانب المصري خاصة وزارة الخارجية أن تجلس مع مسئولي البرنامج وتطلب تقنين تقديم المنح وربطه بموافقة الحكومة المصرية واقناعهم بأن هذه الموافقة كما أنها تحمي المجتمع المدني المصري في الأصل فهي تأتي كحماية للمال العام الأمريكي من النصب والاحتيال‏.‏
الوهم الخامس‏:‏ كل المنظمات الأهلية والعاملين عليها ملائكة
فكما أن هناك المئات من الشركات التجارية الوهمية التي أسسها الخارجون علي القانون بهدف النصب والاحتيال ولا وجود لها في الأوراق الرسمية هناك المئات من المنظمات والحركات السياسية غير المسجلة وغير المشهرة لدي وزارة التضامن لكنها تمارس عملها بشكل علني ولا يعترض طريقها أحد ويمثل الفساد الإداري والتواطؤ من قبل العاملين في الدولة المصدر الأول لقيام وحماية هذه النوعية ويجب فورا وضع آليات تنقية وفحص جميع المنظمات لوقف هذا التهريج الذي يسئ للمجتمع المدني المصري وتنفيذ قواعد بيانات وطنية تسمح بإحصاء كل المنظمات المصرية التي تعمل وفق القانون وتتعامل معها المنظمات الدولية بكل احترام وتقدير وبالتالي لا يجب التعميم‏.‏
الوهم السادس‏:‏ الدولة تسيطر علي عمل المنظمات الأهلية المشهرة والمسجلة لديها‏.‏
والكارثة التي لا يعرف مداها أحد أن قانون الجمعيات رقم‏48‏ لسنة‏2002‏ والقرارات التنفيذية الخاصة به كبلت الوزارة المعنية بتسجيلها لديها وهي وزارة التضامن بقيود أكثر من تقييدها لحرية المنظمات ووضعتها تحت ضغط وعبء إداري رهيب حيث علي الوزارة وفقا للقانون أن توافق علي إشهار وتصرح بكل فاعلية صغرت أو كبرت وتصدر تصريحا بالحصول علي التمويل الخارجي وتراقبه ويحضر ممثلوها اجتماعات مجلس إدارة وجمعية عمومية لعدد‏30‏ ألف جمعية أهلية مما يعني عمليا استحالة القيام بهذه العمليات بشكل صحيح وفي الوقت المناسب‏,‏ وفي الغالب نلاحظ تخصيص موظف واحد في إدارة المنظمات الأهلية بالوزارة في كل محافظة لمتابعة المئات من الجمعيات شهريا والنتيجة هي حالة الفوضي المؤسسية والفساد الإداري المستشري في العملية برمتها التي تجعل غالبية المنظمات الأهلية تعمل خارج نطاق المراقبة الحقيقية‏.‏ الحقيقة أن كل قوانين المنظمات الأهلية الحديثة توصي بضرورة أن يكون دور الوزارة منظما لعمل الجمعيات أكثر من كونه مسيطرا عليه‏,‏ وأن هناك طرقا كثيرة للرقابة منها الزام المنظمات بالقيام بعملية التدقيق والمراجعة السنوية علي حساباتها من قبل مكاتب مستقلة للتدقيق وتقديم تقرير مالي سنوي إلي الوزارة كي يتسني التحقق من كل المصادر المالية واوجه الصرف بشفافية ومصداقية ولا أعرف هل تطالب وزارة التضامن المنظمات الأهلية المصرية بهذا التدقيق السنوي أو لا؟ كذلك هناك مؤسسات دولية تقدم معونة فنية للحكومات بهدف تطوير قوانين المنظمات الأهلية منها علي سبيل المثال المركز الأمريكي لقوانين المنظمات غير الهادفة ويمكن الاستفادة منه في استبدال القانون الحالي بقانون عصري‏.‏
الوهم السابع‏:‏ المنظمات الأهلية تطوعية لا يحصل العاملون عليها علي أجر ويتم توزيع المنح علي مجالس إدارتها‏.‏
لقد تطور القطاع الأهلي في مصر حتي يتواكب مع تطور احتياجات المجتمع حيث دعي في السنوات الأخيرة للعب دور مهم ومركزي في العديد من القضايا التي لم تستطع أن تتغلب عليها الحكومة مثل مكافحة الفقر والأمية ووفيات الأطفال وتمكين المرأة والمتغيرات العالمية في العقود الأخيرة أدت لبروز حجم ونوعية العمل في القطاع الأهلي الذي صار يطلق عليه القطاع الاقتصادي الثالث وتشير دراسة مقارنة للقطاع الأهلي في‏12‏ دولة متقدمة ونامية إلي انه بات يشكل قوة اقتصادية كبري فهو يوظف‏11.8‏ مليون عامل في سبع دول هي‏:(‏الولايات المتحدة‏,‏ بريطانيا‏,‏ فرنسا‏,‏ ألمانيا‏,‏ إيطاليا‏,‏ المجر‏,‏ اليابان‏)‏ وعدد فرص العمل التي يوفرها القطاع الأهلي تفوق أكبر الشركات الخاصة في كل دولة من هذه الدول‏,‏ وان عمل المتطوعين في هذا القطاع يساوي‏4.7‏ مليون عامل كل الوقت‏,‏ وتمثل المصروفات الجارية للقطاع الأهلي‏(‏ غير الربحي‏)‏ في السبع دول الكبري‏601‏ مليار دولار أمريكي وللأسف لا توجد احصائيات واضحة عن حجم الانشطة الاقتصادية للقطاع الأهلي في مصر مما يدل علي عدم اهتمام الدولة به ومعاملته كقطاع اقتصادي حيوي ونتوقع أن تتغير هذه الصورة بعد إعادة التوازن لاهتمامات الدولة بالقطاعات المختلفة في الاقتصاد خاصة اطلاق الاهتمام بالاقتصادي الاجتماعي‏.‏
هذه الاوهام السبعة ليست هي كل شيء فازالت هناك أوهام كثيرة أخري ليس فقط حول تمويل المنظمات الأهلية لكن أيضا حول اساليب عملها وتوجهاتها فهذا القطاع الحيوي شارك مشاركة فاعلة في التحضير لثورة يناير عير مئات القضايا والفاعليات التي قامت بها منظمات أهلية وأذكر بمثال قضية خالد سعيد الشهيرة التي ظهرت للنور بمجهود رائع لأحد مراكز المجتمع المدني الذي تحدي الداخلية واستجلب خبراء طب شرعي لتحليل الجثة كان لهم الفضل في فضح زيف الحكومة في هذه القضية‏.‏
انتهيالأولي في ترتيب الجهات المتلقية للمنح تليها المنظمات والهيئات الأجنبية التطوعية ثم المنظمات التابعة للأمم المتحدة‏.‏
الوهم الثالث‏:‏ هذه المنظمات تحصل علي التمويل الخارجي دون مراقبة الدولة ودون موافقتها عليه‏..‏ المعروف أنه لا تتم فقط عمليات فتح أو اغلاق أو التصرف في الحسابات البنكية للمنظمات الأهلية تحت اشراف الوزارة لأن قانون الجمعيات الأهلية ينظمها‏,‏ ولكن أيضا لأن اتفاقيات غسيل الأموال التي تم توقيعها في مختلف دول المنطقة تفرض مراقبة البنك المركزي لعمليات تحويل الأموال بهدف منع غسيل أموال أو تمويل الارهاب‏,‏ والتوصية الثامنة للجنة المالية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب‏FATF‏ الخاصة بالجمعيات الخيرية غير الربحية تنص علي كل بلد أن يراجع كفاءة القوانين والأنظمة المتعلقة بالمؤسسات التي يمكن اساءة استغلالها لتمويل الارهاب وتعتبر المنظمات غير الربحية بصورة خاصة عرضة لذلك‏,‏ وعلي كل بلد أن يتأكد مما يلي‏:‏ عدم اساءة استغلال هذه المنظمات‏:‏من جانب المنظمات الارهابية القائمة كمؤسسات شرعية‏,‏ وعدم استغلال المؤسسات الشرعية لحجب أو اخفاء الغرض السري من وراء تحويل الأموال لمنظمات ارهابية تحت ستار أغراض شرعية


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.