الدويقة.. ليست مجرد منطقة عشوائية يحلم أهلها بالخروج منها من أجل حياة أخري بعيدة عن هذا الفقر المدقع مثل جميع سكان العشوائيات ولكنها أيضا صاحبة أسوأ الذكريات حيث انك بمجرد أن تسمع شيئا عنها ستتبادر إلي ذهنك صخرة الدويقة التي سقطت علي رءوس أهالي المنطقة في سبتمبر2008. تلك الكارثة التي ظلت ماثلة في الأذهان طوال سنوات.. أسر كاملة تعيش تحت خط الفقر كانوا ينتظرون الموت في كل لحظة ومازالوا يخشون نفس المصير الذي لقيه المئات تحت أنقاض صخرة الدويقة, جميعهم في انتظار تحقيق الوعود.. وعود سمعوها وصدقوها عشرات المرات في الحصول علي وحدات سكنية لأنهم من الفئات المستحقة لتسلم شقق ينتظرون ويطول الانتظار ولكنهم يعلمون المصير لأن الشقة حلم صعب المنال. ولكن سكان الدويقة لم يتحملوا الفقر وحده أو مرارة العيش في بيت مفتوح علي الشارع أو حتي في الشارع نفسه بل تحملوا البلطجة التي لم ترحم معاناتهم وفقرهم حيث أصبحت أراضي الدويقة ملكا لمجموعة أشخاص قاموا ببناء بعض البيوت الأرضية التي لا تتعدي حجرة واحدة ودورة مياه بل أن معظم البيوت لها دورة مياه واحدة مشتركة حيث يقومون بتأجيرها بشروط مجحفة معروفة كما يقول حسن أحمد شحاتة أبو خليل وهو أحد سكان الدويقة والذي جاء إلي الأهرام المسائي مثقلا بالهموم التي يعيش فيها هو وأسرته منذ سنوات متحدثا عن مأساة عشرات الأسر من حوله حيث أنه متزوج ولديه طفلة ويعمل علي عربة يد باليومية بمنطقة الموسكي وكان يسكن في حجرة واحدة بإيجار170 جنيها شهريا وقد حصل علي هذه الحجرة بعد تقديم إيصال أمانة علي نفسه بقيمة20 ألف جنيه لصاحبة الحجرة وفقا للنظام المتبع هناك مشيرا إلي زيادة القيمة التي يوقع عليها المستأجرون بعد الثورة بسبب الخشية من هدم المنازل باعتبارها تنتمي للعشوائيات بغرض الاستفادة قدر الممكن من السكان الحاليين. وقال انه تقدم لوزارة الإسكان بطلب للحصول علي شقة ولكن عندما علمت صاحبة البيت قررت طرده وأضاف أنه قدم أيضا في مساكن الشباب باعتباره من المتزوجين حديثا ولكن دون جدوي, وتساءل حسن عن الشقق الموجودة بأكتوبر والنهضة وغيرهما من الوحدات السكنية الخالية التي تبحث عن ساكن وقال هل يعقل أن تكون هذه الوحدات موجودة والناس تسكن وتنام في الشارع؟, وقال حسن بنبرة حزن عايز عشة بس تكون بتاعتي ومحدش يطردني منها, وأكد أنه ذهب لحي منشأة ناصر لأن مصير الأسر يتوقف علي كلمة من رئيس الحي علي حد وصفه حيث حاولت بعض الأسر مقابلته بسبب عدم إدراج أسمائها في الكشوف الخاصة بالحصول علي وحدات سكنية. ومن حكاية حسن إلي مأساة أخري تحكيها أم محمد, هذه السيدة التي تخرجت في كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر تزوجت وأنجبت طفلين وجاءت لتروي سيناريو مشابها حيث كانت تسكن في بيت مكون من حجرتين ودورة مياه ولكن صاحب المنزل قرر أن يسترد حجرة منهما لتسكينها لأسرة آخري ليستفيد منها وكالعادة كان إيصال الأمانة هو المشكلة فقررت الخضوع لرغبته وتسليمه الحجرة حيث إنها تدفع ايجارا شهريا250 جنيها بالاضافة إلي أنها وقعت علي إيصال الأمانة للتسلم البيت. وقالت ان وصل الأمانة هو الطريقة الوحيدة لنكون تحت رحمتهم, وأضافت أنه بعد الثورة قام بعض أصحاب البيوت بالاستيلاء علي الشقق لذا لجأوا إلي بنك الإسكان المسئول عن تسليم الشقق ولكن لم يحدث أي جديد حيث قدمنا جميع الأوراق المطلوبة للوزارة عبر مكتب البريد ولكن أيضا كان الفشل هو النتيجة المعتادة لمحاولات الحصول علي وحدة سكنية. وأضافت أنها ذهبت إلي الحي لتقديم الأوراق إلا أن هناك اشتباكات حدثت بين الأهالي وموظفي الحي بسبب تسليم الوحدات للمجموعة التي قامت باعتصام ونصبت خياما أمام المساكن في الدويقة وباقي الأسر لم تدرج أسماؤها, وأضافت أنها فقدت جنينها بسبب هذه الاشتباكات. وقال علاء أحمد أنه يسكن في حجرة واحدة ودورة مياه خاصة بها بإيجار شهري قيمته150 جنيها وإيصال أمانة ولكن عرض عليه صاحب البيت امتلاك الشقة بشرط دفع20 ألف جنيه وذلك بعد تهديده وأسرته أكثر من مرة بالطرد.