دائما ما تتميز العلاقة بين المسلمين والأقباط في أسوان بالقوة والمتانة والاحترام المتبادل, فهي لا تعرف الفتنة الطائفية مهما يمر بها من أحداث, لدرجة إن كبار القيادات الدينية في الطرفين يعتبرونها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه. في أسوان يعيش المسلم جار القبطي ويتداخل معه اجتماعيا ويشارك كلاهما الآخر أحزانه وأفراحه, ولعل ما حدث في النجاجرة بمدينة كوم أمبو منذ أسابيع ومن قبله في سلوا أيضا أكبر دليل علي روح المحبة والسلام التي تسود أسوان, فالأولي شهدت مشاجرة عنيفة بين أسرتين مسيحية ومسلمة وسقط مصابون وكانت المفاجأة التي أذهلت الأمن بأن قام المسلمون بحماية مساكن الأقباط والثانية شهدت جنازة العم رياض إسكندر منذ شهور وهي الجنازة التي شيعها أهالي البلدة من الجعافرة والأشراف عن بكرة أبيهم, وقاموا بتلقي واجب العزاء داخل مضيفة أشراف آل معلا. وباستثناء حادث الصاغة بأسوان عام1990, وهو الحادث الذي تم احتواؤه سريعا, لم تشهد المحافظة الوديعة أي حوادث طائفية علي الإطلاق, مما يؤكد أن هناك أصابع خفية سياسية تهدف لزعزعة الاستقرار والسلم الأهلي. وقبل أن نقرأ معا أوراق التحقيق, نعود لننعش الذاكرة بأهم الأحداث التي شهدتها أسوان خلال30 عاما مضت. نبدأ بأحداث الصاغة في مدينة أسوان عام1990, عندما نشبت أزمة بين الأقباط والجماعة الإسلامية علي خلفية قيام تاجر ذهب بتفتيش فتاة منقبة داخل محله مما استفز الجماعة التي توجهت إليه, وعلا صوت الرصاص ليسقط قتيلان, واحد من كل جانب, وتدخل العقلاء ليحقنوا نزيف الدماء وينتهي الأمر, وخلال السنوات المتتالية لم يكن هناك شيء يستحق الذكر, بل سادت العلاقات المحترمة بين الجميع بعيدا عن أي تعصب. بعد ثورة25 يناير وأحداث إمبابة تفجرت أزمة فتاة السباعية القبطية كريستينا التي ارتبطت بعلاقة عاطفية مع مدرسها بإدفو, وتردد إشهار إسلامها وهروبها إلي محافظة قنا, ورغم محاولات البعض إشعال الفتنة, إلا أن الكبار من الطرفين لم يعيروا الأمر أي إهتمام, وانتهت الأزمة علي خير, وفي الشهر الماضي نشبت مشاجرة بين عائلتي البراديس المسلمة و راضي المسيحية بمنطقة النجاجرة بكون أمبو, وتعرضت العائلة المسلمة لإصابات, وتدخل الأمن وفوجيء بأن المساكن القبطية يحميها أبناء من المسلمين, وانتهي الأمر بالصلح. وأخيرا تفجرت فتنة المريناب بإدفو التي أشعلت الموقف بالاعتصامات والمظاهرات في مصر, الخلاصة أن أهالي أسوان وقيادتها قد أجمعوا علي أن الأزمة دخيلة علي المجتمع الأسواني, وإن كانت هناك تحفظات لاستمرار الروح الطيبة بين الجميع. يقول القمص مرقص تاوضروس راعي كنيسة السيدة العذراء بأسوان: إن ماحدث مؤخرا هو مجرد زوبعة في فنجان, ولن تؤثر إطلاقا علي العلاقات الطيبة التي تربطنا بالإخوة المسلمين, حيث نعيش في مودة وسلام ونشارك جميعا في الأحزان والأفراح, وأضاف.. يجب أن ننتبة جميعا للأيادي التي تريد أن تعبث بنا, ولابد أن نتصدي إليها. وقال مجلع حبيب المتحدث الرسمي باسم الكنيسة في أسوان: إن ماحدث دخيل علي المجتمع الأسواني الذي يتميز بالعلاقة الطيبة بين المسلمين والأقباط, وأقول والكلام علي لسانه.. لن يستطيع أحد أن يشعل أسوان بفتن وخلافه, لأننا جميعا شعب راق ومتحضر ويرفض الوقيعة. ويؤكد ذلك رأفت فكري عبد الشهيد مضيفا نحن لا نعرف التفرقة الدينية وتربينا علي هذا الأساس وأن90% من أصدقائي وزملاء العمر مسلمون نأكل معا, ونقضي معظم الأوقات في محبة وأخوة. أما نجيب نصيف الناشط وأحد قيادات الاعتصام القبطي فيقول إن الفتنة خارجة عن طبيعة أهلنا في أسوان, ففي الوقت الذي كانت فيه بعض محافظات مصر تشهد أحداثا, كانت أسوان آمنة, ويبدو أننا حسدنا أنفسنا, ويقول أرفض أي اتهامات لحركتي كفية و6 إبريل, مشددا علي أن الاعتصام مدني وليس دينيا, ورفض الناشط وطبقا لكلامه أي وصاية للكنيسة علي السياسيين وقال إن: مايحدث في أسوان هو نتيجة لتحرر الشعب وتخلصه من جهاز أمن الدولة, بعد كبت سياسي ظل سنوات طويلة, وطالب المجلس العسكري بالإسراع بإصدار قانون دور العبادة الموحد. في المقابل قال الشيخ خالد إبراهيم القوصي أمير الجماعة الإسلامية بأسوان: إن الأقباط والمسلمين يعيشون في أخوة رائعة داخل بوتقة حضارة مصر العظيمة, ولكن هناك عناصر متطرفة تسعي لتأجيج نار الفتن للعبث بالأرواح, ويضيف نحن شركاء في المجتمع و المسلمين أهل حق وعدل وتابع.. ما يحدث هو فتنة من متآمرين سياسيين يستغلون الأقباط كأداة لزعزعة الاستقرار وقال عليهم أن يقتدوا بالبابا شنودة في أرائه العاقلة بالتعامل في مثل هذه الأحداث. وحول تهديد أحد القساوسة لمحافظ أسوان قال: نرفض ذلك شكلا وموضوعا لأننا أي الجماعة لا نقبل التطاول علي المحافظ مناشدا الأخير بذل كل مافي وسعه بالالتحام مع أهل أسوان الطيبين حتي يفوت الفرصة علي خفافيش الظلام من أصحاب مبادئ التمويل الخارجي والأجندات العميلة التي تريد العبث بأمن مصر.