الدكتور محمد عبدالمقصود الأمين العام السابق للمجلس الأعلي للآثار, والمشرف الحالي علي المتحف الكبير بالهرم يؤكد ان هناك العديد من المتاحف تم البدء في تطويرها وتوقف العمل بها, ومتحف المركبات الملكية واحد منها وليس الوحيد, وهذا التوقف لا يرجع إلي أحداث ثورة25 يناير كما يزعم البعض, ولكن بسبب السياسة الخاطئة التي كانت متبعة في عهد النظام السابق, والتي مازالت مستمرة. فلم تتغير المفاهيم القديمة وليست هناك استراتيجية جديدة ولم تتغير القيادات ولم يتغير الخطاب الإعلامي. ويشير الأمين العام السابق إلي أن ميزانية المجلس الأعلي للآثار تبلغ مليارا و200 مليون جنيه, وهذا المبلغ يأتي من حصيلة بيع التذاكر السياحية والمعارض الخارجية. وهو مبلغ يعد ثروة للآثار وبما ان الآثار تتولي الانفاق علي نفسها دون أن تركن إلي خزينة الدولة, فأين ذهب هذا المبلغ الكبير؟ وكيف أصبح المجلس مدينا بمليار جنيه؟ وما معني أن يفلس المجلس الأعلي للآثار؟ ولماذا يتعلل دائما مسئولو الآثار بأن ليس لديهم اعتمادات مالية؟ ويتزامن ذلك الافلاس مع توقف العديد من المشروعات الأثرية الكبري وتظاهر العاملين في الآثار الذين يبلغ عددهم(16) ألف متعاقد, بخلاف الخريجين الذين بلغ عددهم(8) آلاف عاطل, ويبلغ قوام القطاع بأكمله(43) ألف موظف, خمسهم أثريون والباقون إداريون, وهذا يعني أن قطاع الآثار لم ينجح في استغلال أو توظيف الكوادر المتخصصة, في الوقت الذي يتم فيه تخريج آلاف الخريجين كل عام من نحو ثلاثين كلية ومعهد آثار منتشرة في البلاد. وأوضح أن سبب هذه الأزمة المالية التي يعاني منها المجلس الأعلي للآثار هو الدخول في العديد من المشروعات الثانوية في آن واحد مثل: متحف المركبات الملكية ببولاق ومتحف الإسكندرية القومي, والمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية والمتاحف الموجودة بقلعة صلاح الدين ومتحف بورسعيد ومتحف كفرالشيخ ومتحف السويس ومتحف العريش ومتحف الغردقة ومتحف بني سويف وغيرها من المتاحف. ورغم أهمية هذه المواقع فإن هناك مواقع أثرية أخري في حاجة ملحة للتدخل السريع ومنها هرم سقارة وطريق الكباش بالأقصر ومشروعات دير أبومينا بالقرب من الإسكندرية. وأضاف أننا أمام شعار متحف لكل محافظة وهذا حق لكل محافظة أن يكون لها متحفها ولكن يجب الا يتكلف ثمن المتحف الواحد(100) مليون جنيه مثلما يحدث الآن, ويجب أن تتناسب تكلفة انشاء المتحف مع ايراداته المستقبلية. ويشير المشرف العام علي المتحف الكبير إلي أن ما يتم بناؤه ليست متاحف عادية ولكنها صروح أدت إلي اهدار أموال ضخمة وان العائد منها متدن, ويجب ان تتراوح تكلفة المتحف الواحد بين(15) و(20) مليون جنيه, علي أن نركز جهودنا علي انشاء متاحف عملاقة ممثلة في متحف الحضارة بالفسطاط والمتحف المصري الكبير بالهرم لاسيما وأن هذه المتاحف ستدخل مصر عصرا جديدا. ويقترح عبدالمقصود أن يتوقف العمل بهذه المتاحف الصغيرة والكثيرة في عددها لمدة عشر سنوات ويتم التركيز علي هذين المتحفين حتي يتم الانتهاء منهما, لاسيما أنهما سيزيدان من الدخل القومي وارتبط اسماهما بسمعة مصر الدولية, مع التركيز علي متحفين آخرين مهمين هما المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية ومتحف شرم الشيخ اللذان سيدران عائدا كبيرا علي مصر. ويوضح أن ما يبرهن علي عقلانية هذا الاقتراح هو أن المتحف الكبير بالهرم به مخازن تسع كل ما هو موجود من آثار في متاحف مصر المختلفة, وهذا بدوره سيحل مشكلة أمن هذه المخازن المنتشرة في أماكن متفرقة في المحافظات علي أن يتم انشاء إدارة خاصة لهذه المخازن, وإدارة للنقل والتسجيل والاشراف مع جهاز شرطة ثابت لانها تعد مخازن مركزية للبلاد. ويتساءل الدكتور عبدالمقصود: لماذا يتم تخفيض التذاكر بنسبة10% عندما تباع مجمعة لأفواج؟ مع العلم بأنه لا يوجد منافس لهيئة الآثار, وأن هذا الخصم يضيع علي المجلس(100) مليون جنيه سنويا, وأن من يقوم بشراء هذه التذاكر المجمعة أربع شركات فقط, واتضح منذ أيام أن هناك تزويرا يحدث في بيع هذه التذاكر المجمعة أمام المتحف المصري بالتحرير, وأن بحوزة المتهمين تذاكر بقيمة مليون جنيه, وانه يجري التحقيق معهم الآن, وهذا الاختلاس بسبب التذاكر المجمعة. وفيما يتعلق بالرأي الذي يطالب بإدخال ميزانية الآثار ضمن الميزانية العامة للدولة فيقول الأمين العام أن هذه الفكرة لها أسباب وجيهة وأهمها حل المشكلة المالية الحالية, وستؤمن الدولة مرتبات العاملين في الآثار وأن تدخل ايرادات الآثار ميزانية الدولة وستتم جدولة المشروعات الخاصة بالآثار ضمن ميزانية الدولة وحسب الأولويات والأهمية بما يشكل أمانا للصرف وانضباطا شديدا يسهم في حل الأزمة المالية, ويعمل في نفس الوقت علي حل مشكلة المتعاقدين الذين يطالبون بالتعيين. ويختم الأمين العام قوله بان المشكلة لا تكمن في اختيار شخص لإدارة الآثار في هذه المرحلة الدقيقة بقدر ما هي أزمة ملف بالكامل يحتاج إلي رجل يدير الأزمة للخروج من هذه الكارثة المالية, وأعتقد أن صدور قرار بتبعية الآثار للدولة سيحل المشكلة وحيئنذ سنجد حلا للكثير من المشاكل التي تواجه هذا القطاع.