عبر سنوات من الصراع حول الأرض نجحت إسرائيل في أن تصدر للعالمين الغربي والعربي علي السواء أن القضية ليست قضية أرض وحقوق مغتصبة لشعب انتزعت منه أرضه وحقه في الحياة. وتحول الصراع في أذهان العرب والغربيين علي السواء, الي صراع حول الدين, وجري تصدير القضية وكأنها صراع تاريخي بين المسلمين المحبين للفتح والغزو وتملك الأرض واليهود الذين طردوا وذلوا وحرموا من الحق في امتلاك وطن. الثورات العربية التي مازالت تدور خلالها حروب منظمة بين الأنظمة المتشبثة بالبقاء والشعوب الطامحة للحرية, أحيت هذه الهواجس الغربية من جديد, خاصة أن بعض الشمولية العربية بدءا بالنظام المصري ومرورا بالليبي والسوري حرصت علي أن تصدر للرأي العام الغربي أن تلك الثورات تقودها قوي راديكالية إسلامية تسعي لنشر الذعر والإرهاب وإبادة اليهود. وعزز من ذلك تصريحات أيمن الظواهري قائد تنظيم القاعدة التي اعتبرت الثورات العربية ثورات إسلامية سنية قادمة لتكتسح العالم. هذه الفكرة هي محور الكتاب الجديد للصحفية الأمريكية روبن رايت, مسئولة شئون الشرق الأوسط السابقة بصحيفة واشنطن بوست في كتابهاRockTheCasbah( هز القصبة) تهدم روبن رايت هذه الفكرة التي يجري تسويقها علي نطاق واسع للرأي العام الغربي, لتثبت أن الثورات العربية هي في مضمونها مناهضة للفكر الجهادي الإقصائي الذي تبناه تنظيم القاعدة, وتتبناه قطاعات أخري من التيارات الإسلامية الراديكالية في العالم العربي, التي تخاذلت عن المشاركة في الثورات منذ بدايتها ثم التحقت بها بعد التيقن من قرب نجاحها. الكتاب الذي يحلل الثورات العربية محاولا التنبؤ بالمسار الذي ستتخذه في المستقبل, يجزم بأن دعوة ابن لادن ماتت قبل أن يموت هو. عندما قدم الشاب التونسي محمد البوعزيزي في الرابع من يناير الماضي جسده قربانا للكرامة والحرية, ليسقط الدكتاتور الذي حكم بلاده طويلا بعد عشرة أيام فقط من استشهاد البوعزيزي. روبن التي ظلت محررة لشئون الشرق الأوسط لأربعين عاما كانت واحدة من المحررين المتحمسين للتعرف بشكل أفضل علي العالم العربي, وعلي حقيقة ما تسميه ب الفكر المسلم لا الفكر الإسلامي. تكرر روبن في كتابها دعوتها للاقتراب من جيل جديد من المسلمين يصر علي التمسك بالدين والجذور دون أن يرفض الحداثة. جيل يجل النصوص ويقدسها لكنه يتبني فهما أكثر رحابة وإنسانية لها. وتري روبن أن هذا الجيل وفكره جدير بأن يطرح في المدارس والمعاهد الأمريكية المهتمة بدراسة الإسلام وشئونه, وشئون من يدينون به, خاصة في منطقة الشرق الأوسط. يذكر أن عنوان الكتاب مأخوذ عن أغنية شهيرة لفريق البانك وك البريطانيThecalsh وتحكي عن ملك عربي يثور عليه شعبه ويأمر الملك جيشه من الطيارين بقصف كل من يقترب من قصره إلا أن طياريه يعصون أوامره ويعزفون الموسيقي بدلا من إلقاء القنابل.