ما بين واقعة سليمان خاطر واعتذار حسني مبارك, واستشهاد جنود علي الحدود وتصعيد مصر للاحتجاج ضد إسرائيل, هناك مايزيد علي ربع قرن من الزمان مرت. واظهرت انقلابا جديدا في مكونات المجتمع عنوانه المواطن المصري له ثمن. وفجرت أحداث سيناء واشتباكات الإسرائيليين مع الجنود المصريين, ورد الفعل السريع من جانب المجلس الأعلي للقوات المسلحة بالاحتجاج رسميا والتصعيد ضد حكومة بنيامين نتانياهو ظاهرة غابت كثيرا عن مجتمعنا في الصراع التاريخي مع إسرائيل عنوانه المواطن المصري له ثمن. ولم يعد الاعتداء علي اي جندي أو مواطن يمر مرور الكرام, وجاء رد الفعل ليؤكد هذا التحول التاريخي في التعامل مع إسرائيل, وتصاعدت الاحداث خلال الساعات الماضية من خلال اصدار الفريق سامي عنان رئيس هيئة اركان القوات المسلحة نائب رئيس المجلس العسكري اوامر مباشرة بالتعامل مع أية محاولات اختراق للحدود المصرية بكل صرامة وكذلك اعلان المجلس العسكري التصعيد والاحتجاج ضد مقتل شهدائنا في اشتباكات سيناء الأخيرة, وما تلاه من مباركة القيادة السياسية والشعبية في مصر كل التظاهرات التي خرجت في شوارع وميادين مصر فور اداء صلاة الجمعة امس الأول تندد بالموقف الإسرائيلي وتدعو إلي طرد السفير الاسرائيلي وغلق سفارته ردا علي الاعتداء الغاشم وهي تصرفات وردود افعال اكدت التحول التاريخي في العلاقة. تعود بنا الذاكرة إلي الشهيد سليمان خاطر الذي لقي مصرعه في محبسه بعد القبض عليه في عهد محمد حسني مبارك بداعي قتله لجنود إسرائيليين علي الحدود. دون الاهتمام لرواية البطل الشهيد عن رده محاولة تسلل لجنود إسرائيل علي الحدود وقتها كان حسني مبارك ونظامه يهدران كرامة المصريين من أجل كسب ود إسرائيل, وبالتبعية لم يعد للمواطن المصري كرامة في الخارج, في ظل وجود نظام لايبحث عن حقوقه بل ويتجاهل اية وقائع يهان فيها مصري أو يتعرض للاعتداء. وبقي سليمان خاطر في قلوب الملايين بطلا استشهد في زنزانته وبطلا لقن الإسرائيليين درسا ومع ثورة25 يناير تعالت الاصوات تدعو إلي فتح ملف مصرعه في زنزانته والتحقيق في واقعة تسلل الإسرائيليين للحدود المصرية وتبرئة ساحته وتكريم اسم الجندي الشهيد. هذا هو الفارق بين المصري قبل ثورة25 يناير في عهد حسني مبارك ومابعد ثورة25 يناير عهد الثورة. وظهرت ردود أفعال مؤيدة لاية تحركات تصعيدية من مرشحي الرئاسة المحتملين الذين سارعوا بإعلان ان الدماء المصرية غالية ومباركة اي تصعيد مصري ضد إسرائيل, مثل عمرو موسي ومحمد سليم العوا وعبدالمنعم أبوالفتوح والتأكيد معا ان الدماء المصرية غير مباحة ولايجب مساسها باي سوء وهو يؤكد التغيير الحاد بعد ثورة25 يناير, وظهرت ردود افعال اخري من الحركات السياسية والنشطاء السياسيين في مصر, فدعا اتحاد شباب الثورة إلي طرد السفير الإسرائيلي من مصر ردا علي استشهاد جنود مصريين علي الحدود المصرية الإسرائيلية, ودعا شباب6 ابريل إلي وقفة احتجاجية ضد الاعتداء الإسرائيلي وكذلك المطالبة بطرد السفير الإسرائيلي. وكالعادة كان لمواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك دور في ابراز التغيير الهائل مع إعلان سقوط5 شهداء مصريين من رجال الشرطة علي الحدود, وظهرت صفحات جديدة تساند القوات المسلحة في موقفها الصارم تجاه إسرائيل, فظهرت صفحة دعم القوات المسلحة في سيناء وكتبت تعليقات من شباب مصريين تفيد مساندة القوات المسلحة والاستعداد لاداء اي دور وطني تجاه الثأر للشهداء المصريين. فيما ظهر جروب الملايين العشرة وعنوانه10 ملايين مواطن يكرهون إسرائيل واظهار وجود10 ملايين مصري يكرهون إسرائيل في خطوة معنوية لاظهار حجم التأييد الشعبي لاية قرارات من قبل المجلس الأعلي للقوات المسلحة تجاه العدوان علي الجنود المصريين والمثير ان الجروب بدأ في الانتشار علي العديد من الصفحات الشخصية. وحول المحاولات الإسرائيلية الاخيرة للترويج من خلال الاحداث إلي عدم وجود سيطرة مصرية امنية في سيناء اكد الخبير الاستراتيجي سامح سيف اليزل ان ماحدث هو خطأ قاتل لإسرائيل وهو استكمال لما بدأ قبل ايام من سلسلة تصريحات لمسئولين إسرائيليين منهم نتانياهو تفيد ان سيناء لاتقع تحت السيطرة المصرية وهو ترويج متعمد ويشير إلي الاستهداف الذي جري خلال اليومين الماضيين, وتابع اليزل بتأكيد ان القوات المسلحة المصرية والمجلس العسكري قادر علي الرد بقوة وحزم علي تلك الاحداث. واضاف اليزل: ماحدث في ايلات سيتبين من خلال التعرف علي جثث المنفذين للعملية ولا صحة علي الاطلاق لما يروج عن عدم وجود سيطرة مصرية علي سيناء بسبب الخوف من مصر بعد ثورة25 يناير. فيما أكد اللواء جمال مظلوم الخبير الاستراتيجي ان الدماء المصرية لن تذهب هدرا مشددا علي انه يتعين علي إسرائيل وفورا تقديم اعتذار رسمي علي ماحدث من تعد علي الاراضي المصرية وليس في صالح إسرائيل اولا ان تتأزم علاقتهما بمصر. وتابع الخبير الاستراتيجي قائلا: استبعد ان يكون منفذو عملية ايلات من المتسللين عبر الحدود المصرية, وانما عبروا من الحدود الاردنية لانها الاقرب. وعن رد الفعل المصري القوي أكد مظلوم انه كان متوقعا وليس مسموحا علي الاطلاق الاقتراب من الدماء المصرية وعلي إسرائيل التوقف عمايروجون له من شائعات حول ان مصر لاتملك حاليا السيطرة علي سيناء وهو ترويج لخدمة مصالح إسرائيلية في المقام الأول.