المصريون جميعا في قارب واحد مهما تكن الاختلافات السياسية فيما بينهم, وهذه الحقيقة لاتحتاج للجدل والنقاش خاصة في المرحلة الانتقالية التي تخرجنا من عنق الزجاجة ليكون الحاضر والمستقبل ملبيا لطموحات مشروعة دفع الشعب ثمنها كاملة من الطبيعي ان يشهد الشارع السياسي مثل هذه السخونة ووجهات النظر المتعددة حول الكثير من القضايا المهمة والمصيرية التي تحدد المسار وترسم معالم البناء الجديد الذي ننشده ونتطلع إليه, ووسط تلك الاختلافات يجدر بنا السعي الدائم لتذكر الكثير مما يجمعنا, ليس لتجاهل حقيقة الاختلاف وانما لضمان وجود روابط دائمة تمنع الفرقة والانقسام وتغلق الطريق امام محاولات بث الفتنة ونشر الفوضي في ربوع البلاد. وهل هناك مثل الأزهر الذي يمكن ان يجمع بين المصريين؟ لقد حان الوقت لاعادة كل الاعتبار والتقدير المستحق لدور ورسالة الأزهر الذي يبقي دائما وابدا المنارة والعنوان الصحيح لهذا الوطن بكل ما يمثله من وسطية لا تعرف العنف والتشدد, ومن علوم نافعة أهدت للبشرية طوال الف عام ما ارشدها للتقدم والحضارة الحديثة, وكان الازهر ولايزال حائط الصد الاول امام محولات الغزو الفكري المناهض لثقافة وعادات وتقاليد هذا الوطن وفي جميع ارجاء العالم الاسلامي. من هنا تبدو الأهمية الكبري لتلك الوثيقة والمبادرة التي تحمل اسم الأزهر لتكون حجر الاساس للدولة المدنية التي تقوم علي التعددية والحرية والديمقراطية والمواطنة الكاملة والمساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات, وكلها مبادئ لا يختلف عليها احد ولكنها ترسل إشارة للمتربصين بمصر بأن القوي السياسية والأحزاب علي اختلافها تضع المصالح العليا للوطن فوق أي اعتبارات. الرأي العام سيتابع عن كثب ذلك اللقاء المرتقب في الأزهر الشريف ليقول للعالم بلغة واضحة وكلمات محددة ان مصر تعرف طريقها جيدا ولن تكون في يوم من الايام مثل البلدان الاخري التي تعاني التشرذم والانقسام بل ووصلت الأمور ببعضها الي الحروب الاهلية والتناحر لاسباب واهية وتدخلات خارجية معروفة ولكن مصر لن تصبح كالعراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها وذلك لان شعبها يرفض العنف والتطرف وسيقف بالمرصاد لمن يحاول نقل العدوي, كما ان القوي والأحزاب علي درجة عالية وكافية من الوطنية والعقل الراجح الذي يجنح دائما لتوحيد الصفوف ضمانة لمسيرة وطن يتطلع للبناء وليس الهدم.