شاءت إرادة الله تعالى وهو الصانع الحكيم أن يشرع للإنسان من العبادات ما يقوى إرادته وبدنه ويحفظه من الأمراض.، فإذا أقيمت عبادة طبقا لمراد الله تحقق الهدف المرجو منها وأهداف جميع العبادات وإن كانت تختلف عن بعضها لكنها تتكامل جميعها فى تحقيق السعادة والخير للعبد والإنسانية جمعاء حول تأثير العبادات على طاقات المسلم فى رمضان. يقول الدكتور حامد أبو طالب مستشار شيخ الأزهر إن الله سبحانه وتعالى شرع من العبادات ما يقوى إرادة الإنسان وبدنه ويجدد طاقته على المدى القريب والبعيد ففى تشريع الصلاة وجعلها خمس صلوات يتوضأ الإنسان قبلها ويؤدى ما افترضه الله عليه فرصة رائعة لتجديد نشاطه فلو كان المسلم يعمل كاتبا فسيضطر إلى الوضوء والصلاة فى اليوم 5 مرات ومن ثم يتحرك جميع أعضاء بدنه فى كل مرة فضلا عن قيامه بالعملية المادية من وضوء وصلاة مما يمثل فرصة له يستريح فيها ذهنه من عناء التأليف. وكذلك إذا كان صانعا تجهد عضلاته فإن الوضوء والصلاة فرصة لاستعادة النشاط ومن ثم يستريح المسلم طوال يومه أثناء أداء عمله أيا كان بفضل عبادة الصلاة، وفى تشريع الصوم تجديد لطاقة الأسنان وإزالة لما يتراكم من دهون وفضلات داخل معدته ومن ثم يستعيد نشاطه على المدى البعيد طوال العام وكذلك فى ركن الحج وغيرها من العبادات التى تنشط ذهن وجسم المسلم ومن ثم يقوى بدنه ويقاوم الأمراض على المدى البعيد. وذلك على عكس ما يظنه بعض قصار العقول من أن الصيام قد يؤدى إلى ضعف الجسم والقدرات الذهنية فلاشك أن الصيام يجعل المسلم فى حالة أقوى مما لو كان بطنه مملوءا وهذا نلاحظه فى العمال أثناء عملهم طوال اليوم ورفضهم تناول الطعام والشراب حتى فى الإفطار لما يحدث من ارتخاء لعضلاتهم وكذلك بالنسبة لما وقع من أحداث وانتصارات عظيمة كانت فى شهر رمضان وكانت انتصارا للمسلمين وآخرها حرب العاشر من رمضان، حيث كان الصيام كاملا فى قوة البدن والإرادة للصائمين فى هذه المعركة. بينما يقول الدكتور صلاح زيدان عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق: إن الله تعالى خلق الإنسان وجعل له روحا من روحه سبحانه وتعالى وعلى ذلك هو خلق موصول بالله فى كل حركاته وسكناته، فما تحرك حركة أو فعل فعلا أو فكر ولو لحظة إلا إذا كان موصولا بخالقه ومن ثم فلا تقع حركة فى الحياة إلا بمدد من الله لعباده وتحقيق العبودية لله فعندما يسير الإنسان فى حياته يحقق العبودة فى الكلمة التى يتلفظ بها والفعل الذى يقوم به والسلوك الذى يسلكه وبناء على ذلك فالعبادات جميعها كالصلاة والزكاة والحج والصوم وكل العبادات كل عبادة لها هدف محدد فالصلاة جعل الله الهدف من أدائها البعد عن الفحشاء والمنكر وكل شيء قبيح لقوله تعالى «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر» ولذلك يكون العبد أجمل خلقا إذا كان موصولا بالله فيفعل كل ما فيه خير وسعادة للبشرية. وعليه فإن العبادات تؤدى هذا الدور الهائل وكل عبادة تحقق هدفا يسهم فى تحقيق السعادة للإنسان وللبشرية جمعاء وكذلك الصيام يحقق للإنسان أمورا تزكى فيها الطاعات والتى تسعده ويسعد بها غيره فالصيام لا يجعل الإنسان كسولا فى عمله ولا غشاشا، لأنه يراقب الله فيؤدى عمله لله وغيره على أعلى درجة وتعامله على أعلى الدرجات من الخلق يجعل من الصيام سعادة للبشرية فعندا يراقب الله يرقى بصلته بالله إلى درجة تجعله عبدا ربانيا وهذه الدرجة أرقى درجات العبادة لأن الصيام يزكى النفس ويصل العباد بعضهم ببعض عندما يشعر الغنى بالفقير ويعطف الكبير على الصغير والقوى يحنو على الضعيف. ويقول الشخ رضا حشاد أمام وخطيب بوزارة الأوقاف، إن الله جعل لكل عبادة مقصدا لابد وأن تحققه فى نفس المؤمن إذا أداها العبد كما أمر الله فنجد الصلاة مثلا عندما فرضت تنهى عن الفحشاء والمنكر والحج القصد منه يشهدوا منافع لهم والحكمة من الصيام كانت هى التقوى لقوله تعالى «يا زيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» فعندما تتحقق التقوى التى توقظ الرقابة الداخلية فى نفس الصائم الذى تجعله التقوى مراقبا له تعالى فى كل فعله وقوله حتى يتقبل الله منه لأنه يعلم أن الله قال «الصوم لى وأنا أجزى به» فهو سر بين العبد وربه فنجده عندما يخلو بنفسه لا يأكل ولا يشرب لأنه يعلم أن الله مطلع عليه فى السر والعلن ويظل هكذا طيلة الثلاثين يوما يشحن خلالها طاقته من هذه التقوى التى تحققت بالصيام والعبادة فى رمضان طاقة يستمر بها طيلة العام لقوله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وقوله أيضا (من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كمن صام الدهر) أما من لم يحقق من الصيام هذه التقوى ولم يستشعر هذا المعنى ولا هذه الرقابة ولم يستيقظ ضميره نجده يبتلى بمرض الانفصام فى شخصية المؤمن. وعن ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس من لا درهم له ولا دينار فقال صلى الله عليه وسلم لكن المفلس من أتى من يأتى بصيام وزكاة وصاة وحج ويأتى وقد ضرب هذا وشتم هذا وأكل مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته حتى إذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من سيئاتهم ثم طرح عليه طرح فى النار» يعنى أصبح صفرا لأن العبادة لم تحقق المقصد الذى فرضت من أجله لأنه لم يتق الله تعالي.