شهر رمضان هو شهر القرآن والمودة والإحسان هو شهر الكرم، و الجود والإيمان وهو شهر صلة الأرحام وتكون بزيارة الأهل ، وبالكلمة الطيبة أو بالابتسامة ليزيد الألفة ويقوى المحبة والتراحم والتكافل بين ذوى الرحم والقرابة ولذلك حث الإسلام العظيم على صلة الرحم ولو بالسلام أو بالتحية، والهدية وقضاء حوائجهم أو الدعاء لهم لو كانوا أمواتا ونهى الإسلام عن قطيعة الرحم وحذر منها لأنها تستجلب لعنة الله وسخطه ولا يقوى عليها إلا الخائنون والفجار. فى البداية يقول الشيخ آدم ناجى، من علماء الأزهر الشريف: نحن فى أيام مباركة وأيام توزن بميزان غال ولا يعرف مقدارها إلا خالقها سبحانه وتعالى وكما فضل الله الأيام بعضها على بعض فضل الشهور أيضا ومنها رمضان فبعد شهر رجب شهر الزرع ثم شهر شعبان شهر الرى و السقيا ثم كان شهر رمضان شهر الحصاد وكلنا يعلم الحديث المشهور أن النبى صلى الله عليه وسلم صعد درجات منبره فقال: «آمين ثم صعد الثانية فقال آمين، ثم صعد الثالثة فقال: آمين، فقال أصحابه الكرام بعد الخطبة يا رسول الله على ما أمنت ؟ قال عليه الصلاة والسلام جاءنى جبريل فقال لي: رغم أنف عبد أدرك والديه فلم يدخلاه الجنة فقلت: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثانية فقال: رغم أنف عبد ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت: آمين، ثم صعد الدرجة الثالثة فجاءه جبريل فقال: رغم أنف عبد أدرك رمضان فلم يغفر له»، فإن لم يغفر له فمتى يغفر له؟ وقال نحن أمام فرصة من عند خالق الأكوان فرصة سنوية وذهبية يمكن أن تلغى كل الذنوب والآثام الماضية فأيامه كلها مغفرة ورحمة وعتق من النار لقوله صلى الله عليه وسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) وفضل الله واسع لما فيها من انتصار على النفس والشهوات الباطل والقرب من الله بالطاعات والنوافل. ولذا كان لزاما علينا أن نقدم أفضل ما لدينا من الطاعات وأفضلها فى هذه الأيام صلة الأرحام بعد الصلاة ودراسة العلم وغيرها من أبواب الخيرات والسعى فى الإصلاح بين الناس وقضاء حوائجهم فأهم هذه الخيرات هو صلة الأرحام، خاصة مع الفقراء والأقارب فصلة الأرحام مطلوبة فى كل وقت فى رمضان تفتح أبواب الجنات فرحا لقوله صلى الله عليه وسلم « إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وصفدت الشياطين فهذا يدل على فضل هذا الشهر العظيم، وأن الله جل وعلا يوفق العباد فيه للأعمال الصالحة الكثيرة التى تفتح لها أبواب الجنة وتفتح لها أبواب السماء كما فى الرواية الأخرى فتحت أبواب السماء وفيه الحث على التوسع فى الخير من صلاة وصدقات والتسبيح والتهليل وغير ذلك اغتنامًا لهذه الفرصة، فرصة هذا الشهر العظيم وما فيه من جود الله وكرمه وسعة إحسانه، وما فيه من تصفيد الشياطين وعدم وصولهم إلى ما كانوا يصلون إليه فى الشهور الأخرى، وأن شرهم يضعف وقوله صلى الله عليه وسلم «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِى مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ». وقد رغب النبى وصلى الله عليه وسلم وحث على صلة الرحم فى حديث مشهور عن أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: من أحب أن يُبسط له فى رزقه ويُنسأ له فى أثره فليصل رحمه» فصلة الرحم خاصة فى رمضان المبارك الذى شهد فتح مكة والغزوات الكبرى و الأحداث التى غيرت التاريخ حتى فى التاريخ المعاصر ويوضح آدم يكفى أن رمضان هو الشهر الوحيد الذى ورد اسمه فى القرآن «شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان» «لكل الناس ففيه يشعر الناس بالطمأنينة والأمن القرب من الله وصلة الأرحام فيه لها فضل أكبر من غيره من الأزمان الأخرى حتى الأرحام التى ماتت فيجب أن ندعو لها وأن يكون الدعاء لجميع الأموات بالخير. ويطالب الشيخ آدم، أئمة المساجد بعدم الدعاء على أحد حتى الأعداء حتى يقبل الدعاء وأن يدعو بالخير عاجله وأجله لجميع الناس دون تشدد، لأنه شهر الخير والجود. ويشير الدكتور محمد شلبى كبير مفتشى الأوقاف إلى أن الله تعالى لما خلق الخلق حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: رضيت يارب، قال: فذَلِكَ لَكِ، ثُمَّ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأوا إِنْ شِئْتُمْ: «.... فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ....» وفى روايةٍ فَقَالَ اللَّه تَعَالَى: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، ومَنْ قَطَعَكِ قطَعْتُهُ فالله تعالى يكافئ أهل الوصل كما يعاقب أهل القطيعة. وأضاف أن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يقول: «الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذوى الرحم صدقة وصلة ويكفى أن الواصلين يصلهم الله تعالى وأما الذين يقطعون يقطعهم الله أولئك الذين لعنهم الله «ولا يستطيع أن يتحمل أحد لعنة الله إلا الجاحد والخائن، وأن الإسلام أمر بصلة الرحم فى كل وقت وعلى المسلم أن يرجوا رحمة ربه ويصل رحمه ليسعد بما أعده الله فى الدنيا والآخرة. ويضيف الدكتور أشرف فهمى مدير أكاديمية تأهيل الأئمة والواعظات بالأوقاف: شهر رمضان هو شهر القرآن ، هو شهر التقوى، هو شهر المودة، هو شهر الإحسان، هو شهر الكرم، هو شهر الجود، هو شهر الإيمان، هو شهر التراويح، هو شهر ليلة القدر، هو شهر صلة الرحم، يقول (صلى الله عليه وسلم): «صلوا أرحامكم ولو بالسلام»، يقول ابن عابدين (رضى الله عنه): (صلة الرحم واجبة ولو كانت بسلام، وتحية، وهدية، ومعاونة، ومجالسة، ومكالمة، وتلطف، وإحسان، وإن كان غائباً يصلهم بالمكتوب إليهم، فإن قدر على السير كان أفضل). وصلة الرحم فى رمضان لها أبواب خير كثيرة: فتكون بزيارة الأهل، وبالكلمة الطيبة، والابتسامة مما يزيد فى الألفة ويقوى المحبة والتراحم والتكافل بين ذوى الرحم والقرابة. وقد دعانا الله (عز وجل) إلى صلة الرحم فى تسع عشرة آية من القرآن الكريم، والبر والإحسان إليهم، ونهى وحذر من قطيعتهم والإساءة إليهم بل عدهم من الملعونين فقال تعالى: «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ»، ويعد من المحرومين من نعيم الجنة يقول (صلى الله عليه وسلم): (لاَ يَدْخُلُ الجَنَّة كما أن صلة الرحم تكون سببًا فى تعمير البيوت، فعن ابن عباس (رضى الله عنهما) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : «إن الله ليعمر بالقوم الديار ويثمر لهم الأموال وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضا لهم، قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال «بصلتهم أرحامهم». وصلة الرحم تجعل الحساب فى الآخرة يسيرا، فعن أبى هريرة (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «ثلاث من كن فيه حاسبه الله حسابًا يسيرًا وأدخله الجنة برحمته، قالوا: وما هى يا رسول الله بأبى أنت وأمى، قال: تعطى من حرمك وتصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك، فإذا فعلت ذلك يدخلك الله الجنة».