«ومن آياته منامكم بالليل والنهار..» سورة (الروم 23) النوم واليقظة ضدان ففى اللغة (يقظ) من نومه أى صحا وتنبه للأمور وفطنه (واليقظة) هى الانتباه من نومه أو خلاف النوم وأما (النوم) فى اللغة (نام نوما) أى اضطجع أو نعس و(نام إليه) أى سكن واطمأن و(النوم) أيضًا هو فترة راحة للبدن والعقل تغيب خلالها الإرادة والوعى جزئيا أو كليا وتتوقف فيها جزئيًا الوظائف البدنية و(المنام) هو فعل النوم نفسه أو زمنه أو موضع النوم على وزن (مفعل) مع إحضار الفعل المضارع (ينام) وإبدال ياء المضارعة ميمًا. وعندما يراد من سياق الكلام فعل النوم نفسه فإنها تذكر هكذا (نوم) ولها شواهد كثيرة فى القرآن الكريم ففى سورة البقرة «.... لا تأخذه سنة ولا نوم....» (255) وفى سورة الأعراف «أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتًا وهم نائمون» (97) وعندما يراد من السياق وقت النوم تذكر كلمة (منام) حيث إنها اسم زمان. وشواهد ذلك نجدها فى سورة الأنفال «إذ يريكهم الله فى منامك قليلًا...» (43) وفى سورة الصافات «فلما بلغ معه السعى قال يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى....» (102) وفى سورة الزمر «الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها ...» (42). وكلمة منام قد تفيد المصدر نفسه وهو النوم كأن أقول (منامى فيه راحه لبدنى) وقد تفيد زمن النوم كأن أقول (أذهب إلى منامى الساعة العاشرة مساء) وقد تفيد مكان النوم كأن أقول (أذهب إلى منامى بالطابق العلوى من البيت). وقد ترد هذه الكلمة بكل المعانى من فعل النوم وزمنه ومكانه عندما تكون فى موضع امتنان الله سبحانه وتعالى على عباده بنعمة النوم كما فى سورة الروم «ومن آياته منامكم باليل والنهار....» ففى سياق الآيات السابقة ابتداء من إخراج الحى من الميت فى الآية 19 وحتى الآيات اللاحقة عن نعمة إعادة الخلق فى الآية 27 نجد كل هذه المعانى فى كلمة «منامكم». والإعجاز العلمى فى هذه الآية الكريمة كالآتى: أولًا: نعمة كيفية النوم (المصدر) وهى نعمة عظيمة تستوجب إظهارها فهى عمل بيولوجى معقد جدًا تقوم به عدة مراكز مهمة فى المخ مثل المهاد البصرى ومركز إفراز السيروتونين بالنخاع المستطيل ومركز GABA والموجودبمنطقة تحت المهاد البصرى ومركز إفراز الأدرينالين والأستيل كولين وهذه المراكز تعمل على تبادل النوم واليقظة. ثانيا: نعمة زمن النوم (اسم الزمان) حيث ذكر فى هذه النعمة أنها متسعة ليلا ونهارا وتقديم الليل على النهار له أهمية علمية حيث إنها الأكثر راحة للجسد ووظائفه كما أنه يمثل الجزء الأطول من النوم لأغلب البشر وتوسع هذه النعمة يتناسب مع الحياة المعقدة للإنسان والتى يصعب فيها أن ينام الإنسان إذا دخل الليل وهو غير مستعد لذلك كأن يكون قائدًا لسيارة أو أثناء إجراء عملية جراحية. ثالثًا: نعمة مكان النوم (اسم المكان) فقد يسر الله للإنسان مكان النوم بحيث يوفر له السكون والهدوء والراحة والأمن فمثلًا لا ينام الإنسان فى مكان فيه ثعبان أو عقرب أو ضوضاء صاخبة. وهكذا يتضح الإعجاز العلمى اللفظى فى كلمة «منامكم» التى تشمل كيفية النوم وزمنه ومكانه فى لفظ واحد. فسبحان من قال فى كتابه الكريم فى سورة الروم منذ أكثر من 1400 عام «ومن آياته منامكم بالليل والنهار....» (23).