«ومن آياته منامكم بالليل والنهار ....» (الروم: 23) يقضى الإنسان نحو ثلث عمره نائما أى بمعدل نحو 8 ساعات يوميا وهناك عدة طرق لشرح تبادل النوم واليقظة: أولا: منظومة الساعة البيولوجية: وهذه الساعة البيولوجية موجودة فى منطقة تحت المهاد البصرى وفترة هذه الساعة عبارة عن 24 ساعة وتشمل عدة دورات وطريقة عمل هذه الساعة البيولوجية غير معلومة حتى الآن إلا أنها قد تكون عن طريق تأثير هرمونى عن طريق اتصالات عصبية بمركز النوم. وترجع أهمية هذه الساعة إلى أن غالبية الناس ينام أغلب فترة نومه فى ساعات الليل وتكون الرغبة فى النوم أقل ما يمكن فى أول النهار ثم تزداد هذه الرغبة فى آخر النهار ثم تقل هذه الرغبة فى المساء وحتى إذا حرم الشخص من النوم فإنه يخضع لهذه الساعة البيولوجية. وليست هذه الساعة وحدها المتحكمة فى النوم واليقظة وإلا لوقع الإنسان نائما بدخول الليل وقام يقظانا مع دخول النهار. وهذه من نعم الله سبحانه وتعالى ويظهر ذلك فى سياق الآية الكريمة من كلمة بالليل والنهار فالنوم إذن أساسا بالليل ولكن قد يكون أيضا بالنهار ولذلك فهناك أشياء أخرى تتحكم فى النوم منها. ثانيا: منظومة الخاصية الداخلية للجسم: التى تفترض وجود مواد كيميائية تتزايد أثناء اليقظة تدريجيا ثم تقل أثناء النوم وتسمى مواد النوم ويفترض وجود مواد كثيرة منها تقوم بهذا الغرض. وعندما تتطابق الطريقتين معا أى منظومة الساعة البيولوجية ومنظومة الخاصية الداخلية للجسم ويكون الجو مناسبا ينام الإنسان وتغلق العينين ويقل شد العضلات وتقل موجات رسم المخ ويدخل الإنسان فى فقد الوعى مع دخول النوم مرحلة النوم المصاحب بموجات المخ البطيئة وذلك عن طريق نشاط مركز النوم بالجزء الخلفى منه وأما الجزء الباطنى من منطقة تحت المهاد فإنها تشتمل على مراكز مهمة وتسمى (GABA neurons) وتفرز بعض هذه المراكز مادة الهستامين والتى تلعب دورا مهما فى منظومة الساعة البيولوجية ومنظومة الخاصية الداخلية للجسم. ثالثا: الساعة التبادلية بين نوعى النوم: وهما النوم المصاحب بموجات المخ البطيئة (SW) والنوم المصاحب بالحركة السريعة للعينين (REM) وهذه الساعة موجود بمنطقة قناة فارول (Pons) وترتبط بمنطقة تحت المهاد البصرى وتتأرجح هذه الساعة بين 90-100 دقيقة فى كل دورة وربما تعمل هذه الساعة أثناء اليقظة عند مستوى منخفض مما يسبب الشعور بتبادل نقص الانتباه والنشاط العضلى على تلك الفترات أثناء اليقظة ويتحكم فيها مراكز عصبية فى قناة فارول تفرز مواد نورأدرينالين وأستيل كولين وتتأرجح هذه المراكز لتحدد حالة الإنسان بين ثلاثة أنظمة هى اليقظة والنوم المصاحب بموجات المخ البطيئة والنوم المصاحب بحركة العينين السريعة. رابعا: ساعة التحكم فى التنفس وتتحكم هذه الساعة فى الشهيق والزفير وهذه مشابهة للمراكز العصبية المتحكمة فى النوم واليقظة ولكن على فترات قصيرة جدا (3 ثوان) حيث تتحكم فى مراكز الشهيق والزفير الموجودة بالنخاع المستطيل حيث توجد تغيرات فى التنفس أثناء النوم وقد يحدث نقص أو توقف للوظيفة التنفسية مؤقتا أثناء النوم نتيجة هذه الساعة. وهكذا يتضح أن النوم ليس أمرا سهلا وإنما هو منظومة فى منتهى الدقة والتعقيد يؤدى فى النهاية إلى راحة الأبدان واستمرار الحياة ولا دخل للإنسان فى هذه المنظومة المعقدة. وصدق من قال فى كتابه الكريم منذ أكثر من 1400 عام فى سورة الروم آية 23 «ومن آياته منامكم بالليل والنهار ....».