أتابع كرة القدم من خلال صيحات الجيران المبتورة فى الهجمات الخطرة، والطويلة مع تصفيق حار عند إحراز الأهداف، وأحيانا فى تعليقات الأصدقاء على مباريات الدورى المحلى الأشبه بالخضار السوتيه، لا طعم ولا رائحة، مقارنة بالدورى الإنجليزى ذى الجماهيرية الكبيرة فى أوساط المشجعين المصريين، خاصة مع احتراف النجم محمد صلاح فى فريق ليفربول، وتحقيقه نجومية كبيرة فى مجالى اللعب والأخلاق فاستحق احترام الجميع، أيضًا يحظى الدورى الإسباني، بزعامة ريال مدريدوبرشلونة، بشعبية جارفة، ولا يخفى على أحد حشد النجوم العالميين فى هذه البطولات، الأمر الذى يجعل متابعة تلك المباريات متعة ذهنية ونفسية تدعونا للتأمل فيها واستخلاص الدروس. الدقيقة الأولى كالأخيرة، تلعب الفرق المحترفة بروح قتالية لا تختلف ولا تتأثر بمرور زمن المباراة، فالأهداف يمكن أن تحرز فى الدقيقة الأخيرة كما يمكن تسجيلها فى الدقائق الأولي، من ثم يبذل اللاعبون جهودًا غير عادية، لا تعرف اليأس ولا الاستسلام، أيًا كانت نتيجة المباراة، إيمانًا بمبدأ السعى والأخذ بالأسباب، سجل صلاح ورونالدو وميسي، وغيرهم، فى الدقيقة التسعين من زمن المباراة وغيروا نتائجها لصالح فرقهم. الصف الثاني، أصيب صلاح فى مباراة فريقه مع نيو كاسل، فى الدورى الإنجليزي، ليغادر مصابًا ويشارك بدلاً منه ديفوك أوريجي، ويسجل هدف الفوز لفريقه، ومع تأثر صلاح بالإصابة وعدم مشاركته أمام برشلونة، شارك أوريجى وسجل هدفين ساعدا فى حسم اللقاء، إلى جانب هدفى الهولندى فينالدوم، ليثبت البدلاء أن لا فرق بينهم وبين النجوم الأساسيين فى سد الفراغات، وجود صف ثان يضمن استدامة العمل المؤسسي. روح الفريق، هناك مقولة شهيرة فى الإدارة تتحدث عن أن أفضل أنواع السيارات لا تستطيع مغادرة مكانها إذا دارت كل من عجلاتها الأربع بأقصى سرعة فى اتجاهات مختلفة، لا يهم أن تكون السيارة حديثة جدًا، قدر ما يهم تجانس أدائها وانسجام عناصرها، على الرغم من ارتفاع جوانب المهارات الفردية لدى لاعبى الفرق الكبري، والذى يكتظ موقع يوتيوب بمقاطع كثيرة منها لا تقل فى جمالها عن روعة إحراز الأهداف، وعلى الرغم من تلك المهارات الفردية المميزة، يوقن الجميع أنها لا تكفل للفريق تحقيق الأهداف والفوز بالمباريات، من هنا يحرص الجميع على استخدام الجوانب المهارية فى استخلاص الكرة من الخصم بحرفية تنتزع آهات الجماهير، ثم تمريرها لزملائه، روح الفريق أساس العمل الجماعي، بمقدار التجانس يرتفع الأداء. فى مباراة الذهاب أحرز برشلونة ثلاثة أهداف فى مرمى ليفربول، فأيقن الجميع اقتراب برشلونة من النهائى وأن مباراة الإياب ليست سوى مباراة شرفية، هز الجميع رءوسهم ورفعوا أكتافهم وتساءلوا فى استسلام »ما الذى يمكن أن يقدمه المدرب الألمانى يورجن كلوب لفريقه المهزوم بالثلاثة«، لعب ليفربول مباراة الإياب بدون نجميه، صلاح وساديو ماني، مما زاد من صعوبة الأمر فى نظر المشجعين، وعلى خلاف جميع التوقعات، أحرز ليفربول أربعة أهداف مقابل لا شيء، ليفقد برشلونة ونجومه بقيادة ميسى فاعليتهم، وليصعد ليفربول عن جدارة لمباراة النهائي، وينتزع الإعجاب والاحترام من الجميع، وعلى رأسهم الفريق الخصم. صبيحة المباراة، وفى مبنى البرلمان الإنجليزي، قال جيرمى كوربن، رئيس حزب العمال البريطانى لرئيسة الوزراء المهمومة بالبريكست: »ربما عليك أن تستعينى بنصائح من يورجن كلوب لتحققى النجاح فى أوروبا«، لترد عليه بثقة: »لقد أظهر ليفربول إمكانية تحقيق النجاح عندما يظن الجميع أن الأمر قد انتهي«، صدقت يا سيدتي، لا عليك سوى مراجعة أخطائك والعمل بروح فريق يمتلك أكثر من بديل جاهز للمشاركة الفعالة.