تجيب أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية بأن الدعاء المأثور: «اللهم آت سيدنا محمد الوسيلة والفضيلة، والدرجة العالية الرفيعة، وابعثه اللهم مقامًا محمودًا الذى وعدته، إنك لا تخلف الميعاد، اللهم أقمها وأدمها ما دامت السماوات والأرض» بعد الإقامة ليس هو من السنن السيئة التى لا تتفق مع أحكام الشريعة وأصولها حتى توصف بأنها بدعة مذمومة، كما أن لها أصلًا من السنة ومن كتب الفقهاء؛ فقد ورد استحباب قول هذا الدعاء فى السنة النبوية الشريفة بعد سماع الأذان على وجه الإطلاق؛ فقد أخرج مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أنه سمع النبى صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِى الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِى إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ». والإقامة هى فى الحقيقة نوعٌ من الأذان لغةً؛ لأن الأذان فى اللغة هو الإعلام، والإقامة شرعت للإعلام بالشروع فى أداء الصلاة، ولقد ثبت عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم تسمية الإقامة بالأذان؛ فأخرج البخارى ومسلم فى «صحيحيهما» عن عبد الله بن مغفل المزنى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ -ثَلَاثًا-؛ لِمَنْ شَاءَ»، قال الحافظ ابن حجر فى «فتح الباري» قوله: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ» أيْ: أذانٍ وإقامة، ولا يصح حمله على ظاهره؛ لأن الصلاة بين الأذانين مفروضة، والخبر ناطقٌ بالتخيير؛ لقوله: «لِمَنْ شَاءَ». فإذا كانت الأحاديث الشريفة أطلقت استحباب هذا الدعاء بعد الأذان، فإنه من التنطُّع الموغِل فى الضلال والمبالغةِ فى التمسك بالحرفية المجردة للنصوص والمصادرةِ على المقصود أن يُقَيَّد ما أطلقته السنة بما قبل الإقامة ويوصف من قال الدعاء بعد الإقامة وقبل الشروع فى الصلاة بأنه صاحب بدعة، بل إن ذلك على الحقيقة هو البدعة المنكرة، على أنه قد ورد فى السنة النبوية الشريفة ما يجعل للإقامة نفسَ ما للأذان من آداب؛ كالإجابة بمثل ما يقول المُقيم، وكالدعاء أيضًا؛ وذلك فيما أخرجه أبو داود فى «سننه» عن أبى إمامة رضى الله عنه -أو عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وآله وسلمن، أن بلالًا رضى الله عنه أخذ فى الإقامة، فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «أَقَامَهَا اللهُ وَأَدَامَهَا». وقال فى سائر الإقامة كنحو حديث عمر رضى الله عنه فى الأذان، وفى هذا الحديث أيضًا مشروعية قول: «اللهم أقمها وأدمها ما دامت السماوات والأرض»؛ فهو أمرٌ ثابتٌ عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ومشروعٌ كما ورد فى الحديث الشريف بقوله صلى الله عليه وآله وسلم «أَقَامَهَا اللهُ وَأَدَامَهَا». وبِناءً على ما سبق، فإنه يجوز لك على الاستحباب أن تدعو بهذا الدعاء، وبما شئت أن تدعو به بعد الإقامة وقبل الشروع فى الصلاة، والقول بتبديع ذلك هو قولٌ مبتدَعٌ باطلٌ لا تعويل عليه ولا التفات إليه.