28 عاما هي عمر المشوار الفني للراحل حسن الأسمر, علي الأقل من الناحية الرسمية, فقد بدأ المطرب الشعبي الشهير رحلته مع الغناء أواسط السبعينات, من خلال الأفراح الشعبية, في منطقة العباسية التي ولد بها, وما حولها من مناطق. وقد ورث حسن الأسمر منطقة فنية كان يحتلها الفنان أحمد عدوية قبل أن يتعرض للحادث الشهير, وقد استطاع الأسمر أن يحتل هذه المساحة بمنتهي البراعة, فأصدر أول ألبوميه عامي1983, و1984, ورغم صدورهما من إحدي الشركات الصغيرة( أغلقت فيما بعد) لكنهما حققا نجاحا كبيرا, كان من أشهر أغنيات هذين الألبومين: يا بتاع باب الشعرية, وتمثيلية, وتوهان, وكله يدلع نفسه. يذكر أنه لا توجد نسخ أصلية من هذين الألبومين, بعد إغلاق الشركة المنتجة, وبيع الأصول إلي إحدي الشركات المتنازع علي ملكيتها. انتقل الأسمر بعد هذين الألبومين إلي مرحلة الانتشار, فقدم خلال النصف الثاني من الثمانينات والنصف الأول مع التسعينات عدة ألبومات, تضمنت أهم وأشهر أغنياته, أنا مين, وكتاب حياتي يا عين, وسألوني, وغيرها من الأغنيات التي أغري نجاحها منتجي الدراما بكل ألوانها, سينمائية وتلفزيونية ومسرحية, فكان هذا سببا في ظهور الفنان الراحل في عدة أعمال لاسيما في السينما, لعل أبرزها بوابة إبليس مع مديحة كامل1993, إخراج عادل الأعصر. يشهد العام1994 انتقال الأسمر إلي أهم مراحله الفنية, والوصول إلي قمة النضج, فمن ناحية انتقل للعمل مع شركة إنتاج كبري قدمت له ألبومات علي فين يا هوي(1994) واتخدعنا(1996) وعدي يا ليلة1998, وكانت هذه الألبومات هي السبب في التفات كثير من النقاد إلي مساحات في صوت حسن الأسمر لم تكن مستثمرة من قبل, وتضمنت هذه الألبومات أغنيات بها مساحة من الطرب, مثل بحلم وأنا صاحي وطعم الأيام ويا خوفي. كما شهدت الفترة نفسها ظهور حسن الأسمر الممثل في عملين متتاليين أبرزا قدرات تمثيلية عالية, فقد ظهر في مسلسل أرابيسك في دور رزق العجلاتي1994, إخراج جمال عبد الحميد وتأليف أسامة أنور عكاشة, كما أدي دورا مهما في فيلم ليلة ساخنة1995, إخراج عاطف الطيب. ورغم أن الطيب استطاع استخراج طاقات هائلة من الفنان الراحل إلا أن رحيل الطيب بعدها بعام لم يعط الأسمر فرصة للظهور في أعمال أخري. مع بداية الألفية الجديدة, وسيطرة الفضائيات علي سوق الغناء والتمثيل, لم يعد اللون الذي يقدمه الأسمر مطلوبا, بعد أن أصبحت الأغنية تشاهد ولا تسمع, فكان هذا سببا في تراجع المساحة التي يحتلها الأسمر, ومع انهيار سوق الكاسيت في مصر, لم يعد هناك طلب علي الأغنيات الشعبية والمواويل بالشكل الذي كان يقدمه الراحل, حيث سيطرت علي الأفراح فكرة المطرب النبطشي الذي يجيد تسخين الفرح علي نحو أكثر مما يجيد الغناء. وخلال شهر رمضان يعود الأسمر للظهور بعد غيبة طويلة في إعلان لإحدي شركات الاتصالات, وفي الوقت الذي كان الجميع يستبشرون بهذا العمل البسيط, رحل الفنان الكبير فجأة في الساعات الأولي من فجر أمس, بعد رحلة مرض قصيرة قضاها في أحد المستشفيات الخاصة.