عندما كان المخرج والمنتج والماكيير والمؤلف حلمي رفلة في طريقه من ليون إلي باريس لمعاينة أماكن التصوير لفيلمه الجديد عن قصة حياة توفيق الحكيم وافته المنية ورحل عن دنيانا تاركا تراثا عريضا من الفن. الذي لا يخصه وحده وإنما يخص جميع معاصريه تقريبا من أهل الفن. وإذا اردنا تلخيصا لحياة رفلة فهي أنه كان يحب السيما. وعمل رفلة في السينما منذ تحركت شفاهها, وأصبحت ناطقة فقد تعلم فن المكياج ومارس هذا العمل كمساعد في الأفلام التي اخرجها توجو مزراحي. كانت صلة صداقة تربطة بالمخرج أحمد بدرخان, ولما عرف منه أنه مسافر إلي باريس لدراسة فن الإخراج في بعثة علي حساب ستوديو مصر قرر هو الآخر أن يسافر إلي فرنسا ليتعلم فن المكياج فشد الرحال إلي بلاد الجن والملائكة وهو لا يمتلك الكثير من المال وعاش هناك قصة كفاح حتي شعر أنه تعلم الكثير من أسرار المكياج وألم بالاخراج السينمائي كفن ناشيء. بمجرد عودته إلي القاهرة استدعاه طلعت باشا حرب رجل المال والاقتصاد الوطني وألحقه بالعمل مساعدا لبعض الاجانب الذين استقدمهم طلعت حرب من أوروبا للعمل بالاستوديو في جميع نواحي العمل السينمائي. وبرغم الفقر في المادة المتوافرة عن رفلة, فإن تحقيقات صحفية قديمة تخبرنا بأنه ظل يعمل في ستوديو مصر حتي أعلنت وزارة المعارف إيفاد بعثات فنية إلي فرنسا, ومن بينها بعثة لدراسة فن المكياج تمهيدا لافتتاح الفرقة القومية المصرية وكان حلمي رفلة هو الماكيير الوحيد الذي تقدم لهذه البعثة وسافر إلي فرسنا ثانية لكنه لم يكتف هذه المرة بالتخصص في المكياج بل درس التصوير والديكور والإخراج وغير ذلك مما يتعلق بصناعة السينما. عاد رفلة من البعثة فوجد ستوديو مصر يستقبله أفضل استقبال وهو الفصل من العمل لاعتبارات السفر دون إذن فالتحق بالعمل في الفرقة القومية المصرية المسرح القومي حاليا- وعمل ماكييرا بالمسرح خمس سنوات, قبل أن يعمل ماكييرا محترفا في السينما, وكان أول فيلم قام بعمل الماكياج فيه هو يحيا الحب1938 اخراج محمد كريم. غير أن الماكيير الأول وجد أنه يمتلك ما يكفي لإدارة فيلم من بابه, فانتقل للعمل بالإخراج خاصة بعد أن كون شركة إنتاج مع صديقيه أحمد بدرخان وعبده نصر, وقام بإخراج أول فيلم له العقل في إجازة(1947) الذي قدم للسينما والأغنية المصرية من خلاله خدمة جليلة وهي الفنانة شادية اطال الله بقاءها, ثم توالت أفلامه حيت وصلت إلي ثمانين فيلما كان آخرها ليلة حب أخيرة الذي كان عرضه الأول في مثل هذا اليوم منذ39 سنة. رحم الله حلمي رفلة الذي اكتشف للسينما العديد من نجومها الذين صنعوا تاريخها ويكفيه محمد فوزي وشادية ومديحة يسري وكان تركيبة متناقضة من المغامرة الفنية والإنتاج الذي يميل للبساطة ولم يكن في هذا ولا ذاك يفكر إلا فيما يخدم فن السينما وربنا يرحم الجميع.