شهدت الحياة الحزبية تغيرات عديدة عقب عام2011, حيث ازدحمت الساحة بأعداد كبيرة من الأحزاب التي لم تحدث أي تغيير يذكر في المشهد السياسي المصري حتي اليوم, لدرجة أن البعض منها لم يفز بأي مقعد في البرلمان, فضلا عن أحزاب أخري ترأسها بعض رجال الأعمال بهدف العودة للمشهد بغطاء سياسي, وليس بغطاء اقتصادي بحثا عن مصالحهم الشخصية التي تمكن رغبتهم في السيطرة والتحكم في سياسات الحزب, وأدت إلي وجود فراغ في الشارع السياسي. وتمويل الأحزاب مسألة غاية في الأهمية بحسب المهندس باسل عادل البرلماني السابق, ومؤسس حزب النيل, حيث يري أن معظم الأحزاب التي كان لها دور في الحياة السياسية أو تركت لها بصمة كان يتبعها التمويل خاصة في الفترة الأخيرة, وبالتالي لا نستطيع أن نغفل مسألة التمويل. وأضاف ل الأهرام المسائي, أن حزب المصريين الأحرار علي سبيل المثال كان إضافة, واستطاع أن يتصدي لحالة الأخونة في البلد في ذلك التوقيت من خلال تأسيسه لهذا الحزب, وانتشاره في كل مصر في فترة بسيطة نظرا لوجود التمويل, مؤكدا أنه ستظل مشاكل الأحزاب التي يخضع تمويلها لرجال الأعمال جزءا كبيرا من اتجاهها لرغبة صاحبها نظرا لاتجاهه السياسي وتأثيره علي صناعة القرار, وهذا في حد ذاته يعد خطرا كبيرا. ويري أن الوفد أيضا كان لديه وديعة في الفترة السابقة, ودور كبير في الحياة السياسية, وحينما واجهته المشكلات المادية خفت دوره تماما, مشيرا إلي أن الأحزاب التي ستظل معتمدة علي التمويل ستزيد مشكلاتها. واقترح البرلماني السابق, أن يكون هناك حوكمة من قبل الدولة بشكل أو بآخر حتي لا يسيطر رجال الأعمال علي الأحزاب بأموالهم, وأن يتم إيداع الأموال باسم الحزب, وتكون تحت بصر الدولة ويستطيع الحزب التصرف فيها بشكل مؤسسي يمكنه من اتخاذ القرار, بالاضافة إلي تخصيص جزء للتمويل العام للأحزاب من صناديق تحيا مصر وغيرها, ويتم عمل تقييم للأحزاب بعد أول انتخابات سواء كانت برلمانية أو محلية, مثلما يحدث في أندونسيا ويحدد التمويل وفقا لأعداد المقاعد التي حصل عليها الحزب, وبذلك نقضي علي قضية التحكم في الأحزاب. أما الدكتور بشري شلش الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي, فيؤكد أن الأحزاب التي كانت نشأتها علي يد رجال أعمال بعد عام2011 لم تكن موفقة, لأن الأحزاب بشكل عام تحتاج لفكرة وكوادر وتمويل وتصنع من الشارع أو من البرلمان من خلال مواقف الهيئات البرلمانية, لافتا إلي أن أحزاب الأيدلوجيات انتهت من العالم. وأضاف أن حزب العمال البريطاني اعتلي السلطة في عام2000 بعضوية150 ألف عضو عامل فاعل استطاعوا جمع ملايين المؤيدين لصناديق الانتخابات. في الوقت نفسه يوضح أنه لا يمكن أن يستقل القرار السياسي للحزب بكافة تشكيلاته التنظيمية, وهو يعتمد علي مصدر تمويله من شخص واحد يترأس الحزب أو يديره من الخلف, مضيفا إذ لم تكن هناك لجنة لتنمية موارد الحزب من مجموعة من الأعضاء القادرين علي التمويل والإنفاق علي برامجه وأنشطته والدعاية الانتخابية لمرشحيه في المجالس الشعبية المحلية والبرلمان, ستظل هذه الأحزاب قيد إرادة من ينفق. وأشار إلي أن يجب أن يكون هناك تعديل تشريعي لقانون الأحزاب يجعل لها الحق في إقامة مشروعات اقتصادية تسهم فيها الأعضاء, وينفق من عائدات أرباحها علي الحزب, مع الاهتمام ببرامج تنشيط العضوية وتبرعات الأعضاء.