بمناسبة مرور عشر سنوات علي رحيل المخرج الكبير يوسف شاهين, عقد مهرجان الإسكندرية السينمائي ندوة عن المخرج الراحل وأعماله أدارها الناقد نادر عدلي, وتحدث فيها المنتج حسين القلا, المخرج خالد يوسف, والفنان محمود قابيل, وحضرها الناقد السينمائي الأمير أباظة رئيس المهرجان, المخرج مجدي أحمد علي, والفنان سامح الصريطي, وآخرون. وقال المنتج حسين القلا إنه تجمعه بالمخرج الراحل العديد من الذكريات التي لا تنسي, مشيرا إلي أنه نجح في تأسيس مدرسة فنية حرر بها السينما المصرية بمهارة شديدة, كما أنه شخصية منفردة لا تشبه أحدا, مما جعله أستاذا بمعني الكلمة. بينما قال الفنان محمود قابيل إن بداية معرفته بيوسف شاهين كانت في صيف1964, حيث كان يعيد وقتها الثانوية العامة بسبب رسوبه في مادة اللغه العربية. وتابع قائلا: كنت أحلم بدخول الكلية الحربية وقدمت أوراقي بها بالفعل دون معرفة أسرتي, وخلال أحد الأيام كنت بمنطقة العجمي بالإسكندرية والتقيت هناك بالفنانين فاتن حمامة وأحمد رمزي وصالح سليم, والمخرج يوسف شاهين الذي كان غريبا عن المجموعة المعتاد لقاؤها, ونظر لي بشدة, فسألت من هو وعلمت أنه المخرج يوسف شاهين, حيث كنت معجبا بدوره في فيلم باب الحديد, وفي اليوم الثاني التقيت بمساعده سمير نصري وطلبت منه مقابلة شاهين, ومن هنا كانت بداية معرفتي به حيث رشحني لفيلم فجر يوم جديد, وجلست مع الفنان عبد الوارث عسر لضبط مخارج حروف اللغة العربية بسبب دراستي في مدارس فرنسية, إلا أن الفنانة سناء جميل رفضت تقديمي للدور, وقالت جايبلي عيل أمثل أمامه ليتم استبعادي, ثم يوجهني بعدها إلي معهد السينما ونجحت في اختبارات القبول وطلب مني أن أكمل دراستي به, لكنني كنت في حيرة بين الالتحاق بمعهد السينما أو الدراسة بالكلية الحربية, واخترت الأخيرة. فيما وجه المخرج خالد يوسف في بداية كلمته تحية للعسكرية المصرية بمناسبة ذكري انتصارات أكتوبر كما وجه التحية لرفقاء الراحل المخرج يوسف شاهين. وبمناسبة ذكري أكتوبر روي خالد يوسف موقفا بين شاهين والمشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع آنذاك قد يراه البعض مضحكا لكن شاهين كان يتحدث عنه بجدية وحزن, حيث ذهب لوزير الدفاع عقب الحرب منزعجا لأنه لم يصور حرب أكتوبر, فأجابه المشير مكنش حد يعرف في مصر إلا السادات وأنا, فرد شاهين ليه مكنش أنا الثالث فضحك المشير. وأضاف خالد يوسف: شاهين كان علي استعداد لتصوير الحرب كاملة وهذه اللحظة الفارقة التي تمثل معجزة في تاريخ العسكرية المصرية لما شهدته من بطولات, وأن أحد أسباب حزن شاهين أنه عاصر الحرب ولم يصورها, وحينما كان يروي هذا الموقف تشعر أن قلبه موجوع, مؤكدا أن شاهين كان محقا في أهمية توثيق هذه اللحظة المجيدة التي تعد معجزة. وأشار إلي أن السينما عند شاهين هي الحياة والعبقرية من وجهة نظره هي العمل الشاق وزيادة ساعات العمل وليست الموهبة, مدللا علي حبه للسينما بفنانتين كبار واحدة كان يحبها وهي الفنانة ماجدة لعشقها للسينما بعد أن أنفقت ما ربحته من السينما علي إنتاج أفلام, بينما الأخري قامت بشراء عمارة سكنية, ولهذا كانت السينما حياته ولعبته ومأساته. كما روي خالد يوسف موقف آخر لشاهين عندما قرر التوجه مع عدد من الفنانين إلي رفح للتظاهر ضد اعتداءات إسرائيل إلا أنه صدرت أوامر بإلغاء الرحلة خوفا من تعرض الوفد لخطر, فأبلغت شاهين فحزن حزنا شديدا ووافق علي إلغاء الرحلة لنفاجأ في اليوم التالي بشاهين وقد ذهب إلي رفح ووصل للحدود وقرر صعود التبة العالية للإشارة للجنود الإسرائيليين بالاعتراض, وكان وقتها متعافي من جلطة ورغم ذلك قرر التظاهر وحده ضد العدو, وأخبره بعد أن عاد قائلا كنت هموت لو معملتش كده. واختتم حديثه بآخر موقف وقع بينهما حيث ذكر أن فيلم هي فوضي تأخر عرضه6 أشهر بسبب إصرار شاهين علي كتابة اسمي, بينما أصررت علي أن يكتب إخراج يوسف شاهين, إلي أن قال لي جملة منعتني من الرد وهي ترضي أن آخر إطلالة لي علي الجمهور أكون بكذب عليه, قبل أن يجمعنا المنتج جابي خوري ويقرر أن يكتب أسمنا سويا. من ناحية أخري شهد ندوة التكريم للمخرج حسين القلا التي أدارها الناقد سمير شحاتة, مشادات بين مسعد فودة نقيب المهن السينمائية والمخرج عادل أديب علي خلفية ما طرحه القلا حول وجود أزمة حقيقية تعاني منها السينما المصرية, علي رأسها قرصنة الأفلام من خلال بعض القنوات التي تبث خارج مدار القمر الصناعي المصري نائل سات لكن إشارتها قريبة من مدار النايل سات فتكون في قائمة قنوات القمر الصناعي المصري, هذا إلي جانب عدم وجود أب أو أم حتي وإن تواجدت رغبة حقيقية للتغير, مطالبا بضرورة ضبط الإيقاع في صناعة السينما وإيجاد كيانات تتمثل في اتحادات للمنتجين تكون مهمتها الأساسية الارتقاء بمستوي العمل السينمائي والتنسيق بين أطراف هذة الصناعة, خاصة أن هناك أزمه تواجه المنتج وهي كيفية استرداد أمواله من العرض الداخلي المتمثل في دور العرض المحدود حاليا والذي لا يتناسب مع الصناعة بشكل عام خاصة أن التوزيع الخارجي للأفلام لا يحقق ما هو مرجو منه. وقال أديب إن الجميع مدانون ولابد من إيجاد مشروع حقيقي للصناعة وأن تتم الاستعانة ببيوت خبرة عالمية متخصصة في المجال, قبل أن يقاطعه المخرج مسعد فودة نقيب المهن السينمائية ليؤكد أنهم ليسوا في حاجة إلي بيوت خبرة وأن أبناء المهنة عليهم التكاتف لحلها. وهو ما اعترض عليه أديب قائلا إن أبناء المهنة استنفذوا جميع الحلول ولم نجد نتائج ملموسة علي أرض الواقع وبالتالي لم تعد الحلول البلدي تصلح, ليرد عليه فودة قائلا إن الأمر لا يحتاج تدخل أجنبي وعلي أبناء المهنة أن يحلوا مشكلاتهم, قبل أن ينفجر أديب رافضا تلميح فودة واتهامه بعدم الوطنية ويخرج بعدها غاضبا من القاعة. وحرص فودة عقب خروج أديب علي توضيح كلامه قائلا إنه لا يشكك في وطنية أحد, وكل ماكان يقصده هو أن يعقد صناع السينما من خلال المهرجان حلقة بحث والخروج بتوصيات لحل أزمات تلك الصناعة, علي أن تتم الاستعانة ببيوت خبرة فيما بعد, علي أن يضع خبراء المهنة أسس وحلول تلك المشكلة, ثم قام بتفويض المخرج عمر عبد العزيز رئيس اتحاد النقابات الفنية بتسليم المنتج حسين القلا ميدالية تكريم نقابة المهن السينمائية ويغادر القاعة قبل أن يسعي عدد من الحضور لإعادته مرة أخري وتسليم ميدالية التكريم بنفسه. كما عرض ضمن فعاليات اليوم الثالث للمهرجان الفيلم المصري عمر خريستو ويدور حول القبطان عمر الذي يعيش في الإسكندرية ويتنقل كثيرا في البحر بحكم طبيعة عمله, ثم تطلب منه جماعة إرهابية تنفيذ تفجير يستهدف خطوط الغاز بالبحر المتوسط, وقاموسا بتهديده بابنته الوحيدة. من ناحية أخري, أقيمت ندوة تكريم الفنان السوري عباس النوري والتي أدارها نضال كشحه, وقال النوري الذي قرر الحديث عن الوضع السوري وربطه بحال الثقافة السورية قائلا إن الوضع السوري لا يتلخص فقط في الدمار فكل هذا سهل بناؤه مرة أخري بل الأهم من كل ذلك هو بناء النفس علي منطلقات حقيقية. وأضاف أن لا أحد فينا ينتمي لأي جهة إلا للبلد, ونحن جميعا عندما نقول إن هناك فسادا في جهاز بالحكومة أو مؤسسات الدولة فتبين فيما بعد وجود فساد منخور بشكل أكبر في أجهزة المعارضة, وأصبحنا لا نجد شيئا نستطيع أن نقف وراءه سوي القوة التي يمكن أن تعيد الأمان لأنه دون أمان لا نستطيع أن نبدأ علي الإطلاق. وأشار إلي أنه بعد نجاح تجربة الفنان الكبير دريد لحام والذي أعتبره الوردة الأولي والأكبر في بستان الفن ونتعلم وسنظل, من ضمن الاقتراحات السينمائية التي تقدم, وهي عبارة عن تعبير ثقافي مثلما شاهدنا في فيلم الفنان السوري دريد لحام دمشق- حلب والإخراج المميز السوري, وهو ما يؤكد ويوثق وقدرة السوري علي الصبر لأنه من الضروري أن يكون هناك صبر قبل أن يكون هناك تفكير للأمام, مؤكدا أن الاقتراحات السينمائية التي تعرض ينبغي أن تشير أيضا إلي السوريون الذين يعانون خارج سوريا وهؤلاء ينبغي أن نقدم حكاياتهم, مثل الموجودين في مصر حيث وصلنا جميعا أنكم تقولون عنهم إنهم أشخاص لا يعرفون سوي لغة العمل ونجحوا في تحريك الاقتصاد والصناعات وفي بعض الحالات لم يستطع الاقتصاد السوري استيعاب تجاربهم وآفاقهم وهذه واحدة من النقاط التي ينبغي الوقوف عندها, إضافة إلي أنهم ينجحون في الغربة رغم مرارة حياتهم وقسوة الظروف التي جعلتهم يبتعدون.