أكد الفنان فاروق الفيشاوي أن إعلانه إصابته بمرض السرطان لم يقلقه علي الإطلاق, بقدر ما أراد أن يقدم نموذجا بضرورة محاربة هذا المرض, وعدم الاستسلام له, خاصة بعدما رأي أن البعض بدأ يتعافي منه, بالإضافة إلي حصول اثنين من العلماء علي جائزة نوبل بعد تطوير دواء للسرطان, مشيرا إلي أنه فضل بث روح الأمل وأنه قريبا جدا سيشفي منه كل مريض, علي أن يظهر ضعفا أو عجزا أمام الكاميرات ليحصل علي عطف, مثل بعض الإعلانات التي نراها تعلن عن الألم والمرض. جاء ذلك خلال ندوة تكريم الفيشاوي, التي خرجت وكأنها مظاهرة حب له, وحرص علي حضورها عدد كبير من زملاء ومحبي النجم الكبير كان في مقدمتهم محمود حميده, إلهام شاهين, لبلبة, محمود قابيل, كمال أبو رية, أحمد عبد العزيز, رجاء الجداوي, سامح الصريطي, مسعد فودة, فاروق صبري, ومحمد العدل. وأضاف أنه مدين في مشواره الفني لثلاثة أشخاص هم عبد الرحيم الزرقاني الذي حينما شاهدني في مسرح الجامعة قال لي بتعمل إيه هنا, إنت مش هينفع تعمل حاجة غير أنك تمثل, وساعدني في أن أقدم مسرحية طائر البحر وبعد نجاحها أهدي لي صورة وكتب عليها الشهرة بالنسبة لنا ليست الأضواء ولكنها المسئولية وهي نص من المسرحية, ثم استكمل كاتبا علي الصورة في ذكري اشتراكنا في مسرحية طائر البحر وقد حققت نجاحا يشهد به الجميع ومازلت احتفظ بهذه الصورة وأضعها في أي مكان أذهب إليه. وتابع: أما الشخصية الثانية فهو المخرج حسين كمال الذي رشحني لفيلم ديك البرابر بعد أن كنت أقدم شخصية الجان أو الضابط, وأتذكر أنني قلت له في أي دور تريدني بالفيلم فقال خلف فأجبته إزاي, فقال لأنني أحببت خلف وأريد أن أراك في هذا الدور, وبالفعل قدمته ونلت عنه العديد من الجوائز المهمة إحداها من مهرجان الإسكندرية. وأخيرا المخرج محمد فاضل حيث لأنه من أفضل مخرجي التليفزيون في العالم لاهتمامه بالتفاصيل الدقيقة جدا, ومستعد أن يعيد المشاهد ويعلم خلال التصوير, يمتلك حس الإيقاع السريع وله فضل كبير علي في أن يعلمني فن التمثيل. وأجري المخرج محمد فاضل مداخلة تليفونية خلال الندوة قال فيها إن فاروق الفيشاوي من الفنانين المميزين الذين يمتلكون القدرة علي تقديم كل الأدوار, موجها التهنئة له علي تكريمه بمهرجان الإسكندرية ومتمنيا له الشفاء. وحول توجهه للإنتاج السينمائي في إحدي الفترات قال إنه حينما فكر في الإنتاج لم يكن يبحث عن المال, ولكن لأنه خلال هذه الفترة كانت تقدم أفلام المقاولات فاتجهنا للإنتاج أنا ويحيي الفخراني ونور الشريف وليلي علوي لكي نقول للجمهور إذا أردتم أن تعرفونا فهذه تجاربنا وفكرنا من خلال هذه الأفلام التي ننتجها من الأموال التي تحصلنا عليها من العمل في السينما, مشيرا إلي أن النجاح الذي حققته الأفلام في الوقت الحالي يؤكد أننا كنا علي حق. وأوضح أن السينما المصرية دائما ما تتعرض لكبوات, كما أن المنتج المصري معذور لأنه يعتمد علي مصادر تمويل سريعا ما تختفي, مشيرا إلي أن حال السينما يشهد تراجعا ملحوظا ولا يخفي علي المنتجين الكبار الحاضرين للندوة, ولكن أستطيع أن أقول إن ما يقدم اليوم يهدم تاريخا طويلا للسينما العربية وليست المصرية لأنني مؤمن أن ما تقدمه مصر من فن السينما فهو للعالم العربي أجمع, أما اليوم أخجل أن أقول الفيلم المصري باستثناء فيلم أو اثنين في العام, علي العكس قديما حينما كنا نقدم80 فيلما منها50 فيلما جيدا في العام, وعلي الدولة أن تتدخل لإنقاذ صناعة كانت المصدر الثاني للدخل القومي بعد القطن. وكشف الفيشاوي عن حلمه الذي يتمني تحقيقه وهو تقديم فيلم عن المطران كابوتشي هذا القبطي السوري في القدس الذي تعاطف مع القضية الفلسطينية, وكان يهرب الأسلحة للمقاومة الفلسطينية, مشيرا إلي أنه كان سيقوم بإنتاجه وأجري مقابلات في سوريا وأمدوه بكل شيء قبل أن يصطدم ببعض العراقيل في مصر, موضحا أن الفيلم حلم كبير منذ شاهد الفيلم الأجنبي تشيلدرن ليست والذي يشوه صورة العرب والمسلمين ويصفهم بالإرهابيين فوجد أن عملا عن المطران كابوتشي سيكون أفضل رد علي الدعاية الصهيونية التي تدعي أننا إرهابيون, مؤكدا أنه سيوصي نجله أحمد الفيشاوي بتنفيذ هذا العمل. وأكد الفيشاوي أنه عاش حبا جديدا في حياته لم يكن يعرفه وهو حب حفيدته لينا ولم يستطيع أحد أن يشعر به إلا إذا كان, وأنا أحبها جدا وتطاوعني جدا وتقول لي أمام الناس جدو وبيني وبينها فاروق, مشيرا إلي أنه نفس الشعور حينما كان صغيرا ويظل ممسكا بيد والده حيث كان دائم الالتصاق به وكان ملبيا لكل مطالبي لأنني كنت آخر العنقود, وحينما توفاه الله تولاني شقيقي الأكبر الحاج رشاد وتربيت أنا وهدي ابنته واستمر الدلع إلي أن كبرت. وقال الفنان محمود حميدة إن الفنان فاروق الفيشاوي يعلمنا معني الحياة وألا نتراجع عن الاستمتاع بالحياة, فأي شخص يصاب بالسرطان ينزوي حتي لا يعرف أحد بينما فاروق لا لم يخف أو يتراجع أو يطلب شفقة من أحد. وأشارت الفنانة رجاء الجداوي بشجاعة الفيشاوي في إعلانه عن مرضه موقف يحسد عليه خاصة أن الجميع يخشون الحديث عنه أو يصفونه بالمرض الوحش أو الشر بره وبعيد, وهو ما يؤكد لنا أن فاروق الفيشاوي إنسان قوي ومؤمن. وروت الفنانة وفاء عامر قصة تعرضها للظلم أثناء دراستها بالمعهد ليتدخل فاروق الفيشاوي الذي لم يكن يعرفها ويقف أمام الجميع وينصرها, بينما قالت لبلبة إن آخر عمل جمعهما كان دائما ما يحمل همها ويساعدها, مؤكدا أنها وكل من يحبونه يصلون من أجل أن ينجيه الله. وطلب السوري أنور القوادري أن يوجه رسالة للشعب السوري فقال الفيشاوي: تحية للشقيقة العزيزة البلد الأول سوريا التي تعرضت لمؤامرة وهجمة كبيرة, ومازلنا ندكر كلمة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عندما قال إن هناك مؤامرة تتحكم فيها تركيا والعراق وإن شاء الله نتمني لسوريا كل رفعة وتعود كما كانت الشقيقة العزيزة علي مصر وكل العرب. وفي نهاية الندوة قام مسعد فودة نقيب المهن السينمائية بتقليد فاروق الفيشاوي ميدالية طلعت حرب الذهبية, كما تلقي درعا من غرفة صناعة السينما قدمها له رئيس الغرفة فاروق صبري وأخري من إحدي الجمعيات بمدينة الإسكندرية, وقال الفيشاوي إنه اليوم يمتلك طاقة إيجابية تكفيه عمرا آخر غير الذي عاشه. من ناحية أخري عقدت ندوة للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي للحديث حول فيلمه الكتابة علي الثلج, حيث أعرب عن رفضه تصدير الصورة السينمائية المعتادة عن الفلسطينيين وهو إما ضحايا أو أبطال, ولهذا السبب فضل البحث عن الطرح الطبيعي للفلسطيني فهناك فساد وعملاء وفدائي ومقاتل ومناضل. وأضاف أنه يتمني أن تصل السينما الفلسطينية إلي العالم وألا اقتصر فقط علي فيلم واحد يحقق نجاحا, لذا لا بد من بناء أجيال سينمائية من الرجال والسيدات وفي جميع العناصر, خاصة أن السينما نجحت في أن توصل شكل وثقافة وهوية فلسطين أكثر من أي سياسي, وبالتالي نستطيع أن نستند علي هذه اللغة في أن تحمينا فالفيلم الواحد يحرك بلدا ولو هناك ألف فيلم يحققون تغييرا خلال20 سنة أتمني أن أكون واحدا منهم. وأوضح أن السينما الفلسطينية تعتمد علي الأفراد لا المؤسسات حيث كانت تنقسم إلي جزأين أفلام يقوم بتصويرها أفراد يعيشون في الخارج, وآخرون يصورون الواقع الفلسطيني, مؤكدا أن السينما الفلسطينية بحاجة إلي ترجمة للعالم الخارجي ليري تفاصيل الاحتلال لا أن نقدمها للمقتنعين لكي يصفقوا لنا وهو ما كان سببا لأقدم سينما متنقلة وكذلك سينما للطفل, كما نحتاج إلي دعم العالم العربي لتوزيع أفلام فلسطينية في الوطن العربي, مع اقتناعي أن أي موزع سيعرض فيلمي سيخسر وكذلك الحال بالنسبة لأي فيلم فلسطيني, لكن علينا أن ننظر لتجربة الدول الأوربية مثل هولندا تساعد الموزعين في توزيع أعمالهم المحلية لكي يحافظون علي هويتهم ويعطوا نسبة للفيلم المحلي ولكي يفتتوا فكرة الحلم الأمريكي من خلال انتشار السينما الأمريكية في العالم. وأرجع السبب وراء فشل مؤسسة السينما التي أنشأتها منظمة التحرير إلي وجود بعد جغرافي حيث كانت تقدم من الخارج وتحمل شعارات لكونها موجهة من أحزاب سياسية, ولم تستطع أن تأنسن الفلسطيني لتصنع منه البطل القادر علي كل شيء وهو مفهوم خاطئ, ولهذا قدمت في فيلمي فلسطينيا يبكي علي عكس الصورة السائدة التي يجري تصديرها, كما أن الأفلام ليست مجرد قضية, ولكن تقديم سينما ومنافسة دول لها كيان سينمائي منذ مائة عام, لذا ينبغي أن نصل للعالم من خلال اللغة السينمائية القضية الفلسطينية. كما أقيم علي هامش المهرجان احتفال بمئوية الفنان محمد فوزي بحضور حفيده, بالإضافة إلي عرض الفيلم السوري أمينة إخراج الفنان السوري أيمن زيدان في أولي تجاربه الإخراجية, وبطولة نادين خوري, كما عرض الفيلم المغربي ولولة الروح وأعقبها ندوة للمخرج المغربي عبد الإله الجوهري, كما عقدت ندوة للفنانة الفرنسية أنا موجلاليس وأدارتها الناقدة نعمة الله حسين.