إذا كانت المطالب الإنسانية جسدية كانت أو عقلية أو نفسية أو اجتماعية تتفيأ الحاجة إلي الأمن وإلي العدالة فحري بالحاجات الوجدانية الأخري أن تستظل بظلاله وتصب في مجراه لدي الشباب. والإحساس بالأمن والشعور بالاطمئنان من أكثر الحاجات النفسية إلحاحا علي الشباب في أطوار نموهالفكري المختلفة, فإذا كان الإنسان في حاجة إلي الأمن منذ طفولتهإلا أنهفي أمس الحاجة إليها عند يفاعته لإحساسه بالضعفوقلة الحيلة وهوان أمره, فالشعور بالأمن شرط ضروري كحاجة جسمية وعقلية ونفسية واجتماعية, وما رغبة الشاب في تعزيز شعوره بالعدالة إلا نتيجة حاجته إلي الإحساس بالأمنالذي ينشده. إن النمطية التي يسلكها المسئولون جلهمبداية من البيتومرورا بالجامعة حتي التخرجسلوك من شأنه بث روح الطمأنينة وبعث الأمن في وجدان الشباب في فترة من فتراتحياته, فيشعر علي أثره بتحقيق مبدأ العدالة الذي ينشدها إلي حد ما, وسرعان ما يلقي به في أجواء التناقض التي تعكس وضع عدم الاتزان النفسي لديه حين ينكشف النقاب عن الحقيقة والواقع. مثل هذه السلوكيات من الممكن أن تنسجمبعض الوقت مع ما يعايشه الشباب من حقيقة واقعية تحمل في ثناياها كثيرا من الرموز والأبعاد من الممكن أن يدرك مغزاها ويفهم إيحاءاتها, لكنها بالمقابل تظل مبهمة بالنسبة للشباب المحدودة خبراتهم والضيقة مساحة ذخيرتهم المعرفية والفكرية. إن هذه النمطية ستئول بهحتما إلي وضع نفسي يضج بانفعالات سلبية وعواطف متأججة تنعكس آثارها علي سلوكه الحسي والحركي وعلي طبيعة تفكيره وإدراكه وهنا مكمن الخطر. حيث التباين بين ما نريدغرسه في وجدان الشاب وضميره علي أمل أن يرتد علي سلوكه وبين تلك الرؤية الحياتية التي تنبثق عن الواقع غير الآمن. ولذاتفرض متطلبات العصرتقديم النموذج الواقعيالحي للشباب الذي يبين حقيقة الحياة حتي لا يغتر في مستقبل أيامه بسلاستها وطيب عيشها ثم يصدم بواقع خال من الشعور بالأمان والاستقرار, بل ويعيشون عالما مليئا بالصراعات والتحديدات والتناقضات.