بعد أكثر من40 عاما علي رحيل الزعيم جمال عبد الناصر, ظل عداء الجماعة الإرهابية لثورة23 يوليو قائما, حتي بعد مجيء الجماعة إلي الحكم في2013, ربما لا يفسر ذلك إلا اعتقاد الجماعة الإرهابية في نفسها حسب تصريح مرشدها الأسبق مصطفي مشهور في جريدة الشرق الأوسط9 أغسطس2002 بقوله لن نتخلي عن استعادة الخلافة المفقودة ومن يعادون الإخوان يعادون الله ورسوله مساويا بين الإسلام والإخوان. وترصد الأهرام المسائي تلك العلاقة لتكشف جذور الكراهية المتأصلة في الجماعة الإرهابية ما قبل الثورة تشير صفحات التاريخ إلي أن علاقة الإخوان بعبد الناصر تعود إلي ما قبل ثورة1952 بسنوات طويلة, وكان الدافع إليها الأحداث التي انعكست علي تنظيم الضباط الأحرار التي أثرت علي مجري الحياة السياسية في المجتمع المصري, وأهمها حادثة4 فبراير1942, وثورة رشيد الكيلاني في العراق وظروف الحرب العالمية الثانية, ثم حرب فلسطين عام1948 التي تعد أحد الأسباب المباشرة التي عجلت بقيام ثورة يوليو.1952 بدا الإخوان المسلمون في صورة جيدة أمام أعين تنظيم الضباط الأحرار بعد انتهاء الحرب, لسببين: أولهما معاداة الجماعة للأحزاب لصورتها التائهة التي كانت سائدة قبل الثورة, والسبب الثاني هو ما اتسم به نظامها من دقة, حيث كانت أكثر انضباطا من كل الأحزاب. في عام1946, ابتعد تنظيم الضباط الأحرار عن الإخوان لوقوفهم مع إسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء ضد الحركة الوطنية المعادية للحلفاء, وكذلك نتيجة للشكوك التي أعقبت استقالة إبراهيم حسن من حركة الإخوان وطرد أحمد السكري, وشبهة الاتفاق مع القصر, وهي الشبهات التي دفعت أحد السياسيين البارزين في تلك الفترة( وهو أحمد حسين زعيم مصر الفتاة) إلي أن يري أن حسن البنا أداة في يد الرجعية وفي يد الرأسمالية اليهودية, وفي يد الإنجليز وصدقي باشا, ومن ثم القصر كما ورد في صحيفة مصر الفتاة بتاريخ7/27/.1945 رأي العديد من مؤرخي هذه الفترة أن المسألة الوطنية وحرب فلسطين كانتا هما نقطة الالتقاء التي تجمعت حولها أغلب القوي الوطنية وكان الإخوان يتظاهرون بالدفاع عن فلسطين ويدعون للمشاركة فيها.
بداية الصدام كانت الفترة من1952-1954 كانت مرحلة تحول كبري في تاريخ مصر وعندما استثنت الثورة الإخوان المسلمين من قرار حل الأحزاب السياسية وعينت وزيرين منهم في وزارة محمد نجيب, أعلن الإخوان في أول بيان لهم أن هذه الثورة ثورتنا, وأنها حركة مباركة, لكن عندما أعلنت الثورة قانون الإصلاح في أيامها الأولي, وأقالت رشاد مهنا, المعروف بانتمائه إلي الإخوان, بدأ الصدام رغم أن السلوك السياسي للإخوان لم يكن إلا بنفس الدرجة في مواجهة الضباط الأحرار, خصوصا حين خرج الإخوان في مظاهرات تأييد لمحمد نجيب, أو يتغلغلون داخل صفوف الجيش أو يبحث زعماؤهم مع مستر إيفانز المستشار الشرقي للسفارة البريطانية موضوع الجلاء أو يدعمون جهازهم السري وقواتهم المسلحة, حتي قامت الثورة في14 يناير1954 بقرار مجلس قيادة الثورة بحل جماعة الإخوان, ثم تلاه في مارس1954 أزمة الصدام الدامي الشهير كمرحلة ثانية, حين أطلقت ثماني رصاصات علي عبد الناصر في الإسكندرية لتعقبها مرحلة السقوط في تاريخ العلاقة.
الجماعة تتعنت وعبد الناصر يرفض أخونة الدولة يذكر الدكتور رفعت سيد أحمد في مقالات نشرها بموقع التحرير أنه طلب المرشد العام للجماعة أن يلتقي مع أحد رجال الثورة في منزل صالح أبو رقيق الموظف بجامعة الدول العربية, وفي هذا الاجتماع دار حوار طويل بين المرشد العام وعبد الناصر, طلب فيه المرشد العام أن تطبق الثورة أحكام القرآن الكريم, وعندما أجابه عبد الناصر بأن الثورة قامت حربا علي الظلم والاستبداد السياسي والاجتماعي والاستعمار البريطاني, وهي بذلك ليست إلا تطبيقا لأحكام القرآن الكريم, لم يتحمس المرشد لهذا الرد, ورأي أن تصدر الثورة قانونا بفرض الحجاب حتي لا تخرج النساء سافرات بشكل يخالف الدين, وأن تغلق دور السينما والمسرح. ووجد عبد الناصر أنه سوف يدخل في معركة مع ال25 مليون مصري أو نصفهم علي الأقل, وأجابه بأنه- أي الهضيبي- يطلب منه طلبا لا طاقة له به, فكانت إجابة الهضيبي أنه مصمم علي طلبه, فقارن له عبد الناصر بين سلوك ابنته التي تذهب إلي كلية الطب سافرة, وأنه في بيته لا يستطيع أن يفرض علي ابنته الحجاب فهل يفرض علي المجتمع كله, فصمت الهضيبي, لكنه كان صمتا تشوبه المرارة, فلقد بدا عبد الناصر يرفض( أخونة) الدولة ويتمرد, وتلك كانت من الإشارات الأولي للصدام القادم!.
قانون الإصلاح الزراعي يفجر الخلاف بلغ الاختلاف مداه حول سبل الإصلاح في العهد الجديد, وحول تحديد الملكية الزراعية وهما النقطتان اللتان ذكرهما بيان الإخوان حيث اتضح تضاد رأي الأخوان مع رؤي الضباط الأحرار, خصوصا عبد الناصر وتحديدا في مجال الملكية والتربية الدينية والعسكرية والتشريعات الخاصة بالعمال وصغار الملاك, التي صيغت أغلبها في لغة عامة غير محددة معهم, أما بالنسبة إلي قانون تحديد الملكية الزراعية, فلقد رأي الهضيبي أن يكون الحد الأقصي للملكية خمسمائة فدان, بينما رأي عبد الناصر أن الثورة مصممة علي أن يكون هذا الحد مائتي فدان فقط,
الإرهابية تريد فرض قرارها علي الثورة لم يشفع لدي جماعة الإخوان الإرهابية إعادة التحقيق في مصرع حسن البنا وإصدار الثورة قرار بالعفو الشامل عن كل الجرائم السياسية التي وقعت قبل1952, وقد بلغ عدد المفرج عنهم934 مواطنا معظمهم من الإخوان, ولا حتي صدور القانون رقم179 لسنة1952 وقرار17 يناير1953 اللذين استثنيا الإخوان من قانون حل الأحزاب السياسية بل كانوا يريدون فرض قرارهم علي تشكيل الوزارة الجديدة التي ضمت الشيخ أحمد حسن الباقوري وزيرا للأوقاف حيث اجتمع مكتب الإرشاد وقرر فصل الباقوري من الإخوان.
الثورة لم تعد للجماعة صدر في13 يناير1953 مرسوم بتشكيل لجنة لوضع مشروع الدستور من خمسين عضوا كان بينهم ثلاثة من الإخوان هم صالح العشماوي, وحسن العشماوي, وعبد القادر عودة, وفي17 يناير1953 صدر قانون حل الأحزاب السياسية القديمة, لأنها أفسدت أهداف ثورة1919, وأرادت الجماعة أن تسعي ثانية بالفرقة, ولم تتورع عناصر منها عن الاتصال بدول أجنبية وتدبير ما من شأنه الرجوع بالبلاد إلي حالة الفساد السابقة بل الفوضي المتوقعة. 4 أسباب رئيسية لتطور الصدام كانت هناك4 تطورات مهمة شكلت بدايات الصدام بين عبد الناصر والجماعة الإرهابية وهي: المباحثات التي جرت بين الإنجليز والإخوان لحل القضية الوطنية واستعدادات الإخوان في الجيش والبوليس ومطالبة عبد الناصر للإخوان بحل التنظيم السري والاتصالات بين الإخوان واللواء محمد نجيب لعقد تحالف ضد عبد الناصر. علاقة الإنجليز بالإرهابية أثار أمر الإنجليز من الاتصال بالإخوان بشأن القضية الوطنية علامات استفهام كثيرة وأجاب صالح أبو رقيق أحد قيادات الإخوان عن هذا السؤال قائلا: إن السبب في ذلك أن سياسة الإنجليز تختلف عن سياسة الفرنسيين, فالفرنسيون لا يخرجون من البلاد التي يستعمرونها إلا مرغمين, أما الإنجليز فهم يريدون أن يخلفوا وراءهم أصدقاء, وقد أدرك الإنجليز بعد خروج الملك وزوال الفساد ومجيء ضباط عسكريين لا تشوب ماضيهم شائبة, أنهم لا بد سيخرجون, فأرادوا الاتفاق علي الجلاء, وقد طلبوا رأينا لهذا الغرض. والدلالة المباشرة لهذا الحديث هي التي تفسر لماذا اتخذ الضباط العسكريون الذين لا تشوب ماضيهم شائبة- وفقا لقول صالح أبو رقيق- موقف المجابهة وعدم القبول لتحركات الإخوان, ولماذا شابت علاقاتهم معهم مع نهاية عام1953 سمات التوتر والصدام المكتوم فالمباشر. إضافة إلي ما سبق كان عبد الناصر يرفض الجهاز السري للإخوان حيث كانت هناك محاولات من الإخوان لتوسيع الجهاز السري بحيث يضم عددا من ضباط الجيش والبوليس, رغم طلب عبد الناصر من الجماعة الكف عن ذلك, بل أرادت الجماعة أن تستقوي بمحمد نجيب لمساندته ضد عبد الناصر مما أدي إلي أن يصدر في14 يناير1954 قرار مجلس قيادة الثورة باعتبار جماعة الإخوان حزبا سياسيا يطبق عليها أمر مجلس قيادة الثورة الخاص بحل الأحزاب السياسية. هجوم إخواني عنيف قام الإخوان بهجوم عنيف علي هيئة التحرير وتنظيمها الشبابي يوم12 يناير1954, وقد بلغت ضراوة القتال بينهما أمام حرم الجامعة حد استخدام الأسلحة والقنابل والعصي وإحراق السيارات في الجامعة في ذلك اليوم, وهو اليوم الذي خصص للاحتفال بذكري شهداء معركة القناة وكان لوجود الإيراني نواب صفوي زعيم منظمة فدائيان إسلام محمولا علي أكتاف الإخوان تأثيره المباشر علي احتداد المواجهة ليتم اعتقال حسن الهضيبي و450 عضوا بالجماعة في القاهرة والأقاليم, وأدت وساطة الملك سعود إلي الإفراج عن الهضيبي والإخوان المسلمين تطبيقا لقرار صدر بإلغاء قرار يناير1953 بشأن إلغاء الأحزاب السياسية, ورفعت الرقابة تماما عن الصحف وأصبح في إمكان أي شخص أن يقول ما يشاء. بعد خروج الهضيبي من السجن والسماح له بالسفر إلي سوريا والسعودية أدلي المرشد العام بتصريحات ضد الثورة وضد اتفاقية الجلاء. حادث المنشية شهد شهر أكتوبر1954 انفجار الصدام بين الإخوان والثورة, فمنذ الأيام الأولي للشهر قررت المجموعة التي سميت بقيادة الجهاز السري, القيام باغتيال عبد الناصر في19 أكتوبر وهو اليوم الذي وقع فيه عبد الناصر معاهدة الجلاء مع البريطانيين, لكن الظروف لم تكن مواتية وفي الرابع والعشرين من أكتوبر زار كمال خليفة وهو واحد من أبرز أعضاء مكتب الإرشاد جمال سالم نائب رئيس مجلس الوزراء وأطال في تهنئته بالمعاهدة, وفي ذلك المساء وبينما كان عبد الناصر يلقي خطابه أمام حشد كبير من المواطنين في المنشية بالإسكندرية انطلقت عدة رصاصات لقتل عبد لناصر. وكانت حادثة الاعتداء نقطة تحول مهمة في مشاعر الشعب الذي كان يرفض إرهاب الإخوان المسلمين قبل23 يوليو1952 وصدرت الأوامر باعتقال أعضاء الجماعة الإرهابية.