اعترف الفنانون أن ثورة30 يونيو لم تأخذ حقها حتي الآن من العمل الإبداعي, واتفق بعضهم علي أن الثورة حدث كبير وأن تناوله في الأعمال الفنية يحتاج إلي وقت وإنتاج ضخم. وفي البداية أعرب الفنان عزت العلايلي عن استيائه من عجز المبدعين عن التعبير عن ثورة30 يونيو حتي الآن, موضحا أن ناتج الإبداع الذي يعبر عن هذا الحدث الكبير يساوي صفر وتساءل هل نضبت مصر من المبدعين, أين كتاب الدراما والملحنون والشعراء والمنتجون؟ وقال: لا بد من وجود إدراك فني وثقافي يعادل أهداف الثورة, وأحمل المفكرين وكتاب الدراما المسئولية عن عدم وجود عمل فني يعبر ويتناسب مع ثورة30 يونيو, ويجب أن يكون للدولة دور داعم للفنانين ليقدموا أعمالا تحاكي هذه الفترة, ففي عام1962 وعقب ثورة23 يوليو1952 كونت مسرح التلفزيون المصري بمشاركة رشوان توفيق وصلاح قابيل وعبد المنعم مدبولي وفؤاد المهندس وأنشأنا10 فرق مسرحية بإنتاج مباشر من رئاسة الجمهورية وذلك دعما للثورة, فجميع الثورات تعتمد علي الفن حتي في الفترات الانتقالية فالقوي الناعمة تروج للثورات أفكارها من خلال السينما أو الدراما أو المسرح. وأوضحت الفنانة نبيلة عبيد أن إنتاج عمل فني عن ثورة30 يونيو هو دور يجب أن تقوم به الدولة وليس أي منتج خاص, فمثل هذه الأعمال تحتاج إلي إنتاج ضخم لن يقدر عليه منتج خاص, فلدينا ممثلون ومؤلفون ومخرجون جيدون لكن لا يوجد الإنتاج وهو عامل أساسي; لذلك من الضروري أن تتكفل به الدولة وعندما توجه لعمل فني عن الثورة ستجد مؤلفين ومخرجين وفنانين كثيرين مستعدين للعمل, ونحتاج بالفعل إلي عمل عن30 يونيو لأنه حدث كبير وقف أمام القوي الظلامية والإرهاب الذي ما زلنا نعاني منه. وتابعت: أعرف أن إنتاج عمل بهذه الضخامة سيكون عبئا علي الدولة في ظل الظروف الحالية والأعباء الكثيرة التي تتحملها, لأننا فيما يشبه حالة الحرب, ويمكن أن يكون إنتاج مثل هذا العمل معطلا بسبب المسئوليات الكبيرة علي الدولة لكن عندما توجه بالتأكيد سيكون هناك طريقة لإنتاجه, وأقول دائما إن السينما ثقافة وضمير أمة تعبر عن كل شيء ومرآة تعكس الواقع وحياتنا لذلك من المهم أن تؤرخ السينما لهذه المرحلة. وقال المخرج علي عبد الخالق: إن30 يونيو حدث كبير في تاريخ مصر والأحداث الكبيرة في تاريخ الشعوب لا يصح أن يتم تناولها فنيا بشكل سريع, فلا بد أن يمر عليها وقت لتنكشف الحقائق وحتي الآن الصورة الكاملة لم تتضح بعد, فإذا قدم عمل سينمائي أو دراما تليفزيونية عن ثورة30 يونيو ستكون معلوماته ناقصة, وإذا ظهرت في المستقبل معلومات جديدة سيكون العمل مبنيا علي معلومات غير صحيحة, لذلك هذا النوع من الأحداث يحتاج إلي فترة كبيرة لتناوله فنيا تصل ل25 عاما, لكن ما يمكن عمله الآن هو تناول زاوية أو شخص كجزء من الحدث, لكن لا يمكن أن يناقش الصورة كاملة وأسبابها ونتائجها التي وصلت إليها, وهذا طبيعي في العالم كله أن الأحداث الكبري خاصة عندما تتعلق بمصير الشعوب يتم التأني قبل تناولها فنيا, فبعد نكسة1967 وبعد حرب أكتوبر1973 ظهرت حقائق جديدة, ويؤثر هذا علي التناول الفني لأننا نتحدث هنا عن تاريخ شعب لا نستطيع أن نقدم عملا مبنيا علي شيء غير الحقيقة. وتضيف الفنانة عايدة رياض: لم يعط المبدعون ثورة30 يونيو حقها حتي الآن, لأن الحدث كبير والمبدعون دائما ينتظرون رد الفعل, لكن إلي حد ما تناولت الدراما بعض المشاهد للتعرف علي بطولات الجيش المصري والحرب الدائرة ضد الإرهاب, أما من وجهة نظري لا تستوعب نتائج الثورات إلا بعد مرور وقت كاف قد يتعدي20 عاما. وأشارت إلي أنه لم تظهر أعمال فنية تضاهي قيمة وعظمة ثورة30 يونيو, مطالبة دعم الدولة لإنتاج أفلام ومسلسلات وطنية ذات إنتاج ضخم ليعبر عن أعظم ثورة في تاريخ مصر, وأضافت أنها شاركت في الدراما الرمضانية هذا العام بدور أم الشهيد في مسلسل نسر الصعيد ولن تتمني في حياتها إلا أن تكون أما للشهيد وقد عانيت في هذا المشهد إحساس الأم بفقدان ابنها, فمهما كانت فرحة نيل الشهادة لكن ألم الفراق فظيع. وتمنت عايدة رياض أن تحتفل بثورة30 يونيو العام المقبل ومصر في حالة اقتصادية مزدهرة لأننا نستطيع والشعب أيضا يستطيع فنحن في حاله حرب, ونفسنا نفرح قلوبنا, كما أتمني من كل قلبي أن يحفظ جميع الدول العربية من شر عدم الاستقرار والابتعاد عن مقدرات التفتيت والتقسيم. وقالت الفنانة شيرين: عقب الأحداث الكبري يتفاعل الكتاب معها لكن بصبر وتريث بعيدا عن الانفعالية الوقتية فالثورات تأتي بشكل مفاجئ دون توقع, وتغير المجتمع تغيير جذري في كل المجالات, مشيرة إلي أنها كممثلة عبارة عن أداة فقط, لكن المهم في بداية مرحلة الإبداع كتاب السيناريو المحترفون خاصة بعد رحيل العمالقة مثل أسامة أنور عكاشة ومحفوظ عبد الرحمن ويسري الجندي الذين أثر رحيلهم بالسلب علي العملية الإبداعية, وعدم إعطاء ثورة30 يونيو حقها حتي الآن. وأضافت: يوجد الآن موجة من الاستسهال أو ما يسمي بورش السيناريو بدون وجود مبدعين حقيقيين يتصدرون المشهد, لافتة إلي وجود سبل كثيرة لتقديم أعمال فنية تليق بثورة30 يونيو أهمها السيناريو يليه الجانب الإنتاجي الضخم ثم المخرج الجيد, ضاربة المثل لو أردنا عمل فيلم عن إيلات لا بد من دعم كبير من الدولة دون انتظار ربح مادي من وراءالعمل, والاستعانة بخبرات الممثلين والمخرجين الأكفاء الذين يمتلكون الخبرات لتجسيد الشخصيات مع توافر الماكيير المتخصص لعمل مكياج الحروب من حرق وتدمير وأصابات وخلافه. وأوضحت: تمنيت زوال الإرهاب الأسود من المنطقة, وطالبت المبدعين والشباب بالانتفاض في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها البلاد, قائلة: جاء دوركم فلا تتقاعسوا وشاركوا بميدان العمل لأننا سئمنا الانتظار ولا بد أن نكون علي أهبة الاستعداد لأن الحرب ضروس والفنان لديه قبول لدي الجمهور وقدرة لتوصيل الحقائق أفضل من أي سياسي. وقال عمر عبد العزيز رئيس اتحاد النقابات الفنية: إن معظم المبدعين لم يشاركوا في أعمال فنية تجسد أحداث ثورة30 يونيو, وأرجع السبب إلي أن المبدع في مجال الدراما يظل باحثا عن مناسبة لتقييم التجربة خاصة في ظل وجود حالة ضبابية ومحاكمات لا تزال قائمة, لكن في المستقبل ستظهر علي الساحة أعمال فنية تليق بثورة30 يونيو لأن المبدع يأخذ وقته ليرصد عن كثب نهاية الأحداث. وشدد علي ضرورة تدخل الدولة في الإنتاج السينمائي والدراما لأن أفلام الثورات تحتاج إلي مجاميع ضخمة ودبابات وسيارات مصفحة وغيرها, فإذا انسحبت الدولة من معترك الإنتاج لم نشاهد إلا خزعبلات الغلو في إعلانات فواصل مسلسلات الدراما ولا بد أن تقوم الدولة بدورها وأن تقوم بتقليص رسوم التصوير بالمناطق الأثرية والمطارات لأن الغلو في تحصيل الرسوم يجعل المنتجين يستغنون عن مشاهد توثق تاريخ مصر في أكثر من سياق درامي, مشيرا إلي أن دور النقابات الفنية في مصر يقتصر علي رعاية الأعضاء اجتماعيا وصحيا, وقال عبد العزيز: لا بد أن يكون هناك دور ملموس لقطاع الإنتاج وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج. وأوضح سيد فتحي مدير غرفة صناعة السينما أن هذا الجيل لاعب رئيسي في أحداث الثورة إما بالمشاركة أو المشاهدة عبر الفضائيات, فكيف يغامر المنتج أو المبدع بعمل فيلم عن الثورة في حين أن الجمهور عاصر معظم أحداثها ومن هنا كان الإحجام عن عمل أفلام أو مسلسلات تعطي ثورة30 يونيو حقها. وأشار إلي أنه إذا كانت هناك الرغبة لعمل إبداعات حول الثورة لا بد من وجود مادة مكتوبة ومؤرخة بشكل حقيقي بجانب تمويل ضخم لأن تصوير هذه الأعمال مكلف ماديا. وفي الغالب لا بد من دعم الدولة, ومن وجهه نظري الشخصية لا يوجد منتج يغامر ويقدم أفلاما سينمائية أو دراما تلفزيونية عن أي ثورة لكن يمكن أن توثق بأفلام تسجيلية من داخل الحدث, وعلي سبيل المثال عندما أقدم الكاتب والسيناريست وحيد حامد علي مسلسل الجماعة واجه بالكثير من الانتقادات خاصة في الجزء الثاني, وأضاف أن زمن الفن الجميل كان الممثل يشارك في الإنتاج بخلاف هذا الجيل الذي لا يحب المغامرة.