تعد صناعة المنسوجات اليدوية من الحرف التراثية التي تناقلتها الأجيال منذ آلاف السنين أبا عن جد وهي من الصناعات المعقدة التي تحتاج إلي حرفية عالية ومهارة كبيرة وإتقان في العمل.. وتنفرد مصر بالكثير من الصناعات الحرفية والمشغولات اليدوية التي لا يتقنها سوي أبنائها ومنها صناعة التلي وهي من الحرف النسائية التي تشتهر بها محافظة سوهاج والتي عرفتها مع بداية سبعينيات القرن الماضي علي يد امرأة عجوز من عقيلات سوهاج بجزيرة شندويل والتي حملت علي عاتقها علي الرغم من تجاوزها الثمانين عاما تدريب الفتيات علي هذه الحرفة التي كادت أن تندثر حتي تمكنت من إحيائها مجددا لتغزو بها دول العالم وتلقي إقبالا من شعوبها بمختلف انتماءاتهم وثقافاتهم.. الأمر الذي يتطلب الحفاظ عليها من الاندثار ومواجهة المشكلات التي تؤثر عليها وخاصة مشكلة التسويق بالداخل والخارج وزيادة أسعار الخامات ونقص الأيدي العاملة المدربة. وتمتاز منتجات سوهاج بروعة تصميماتها التي تتضمن زخارف مأخوذة من الموروثات الثقافية القديمة التي تعود لآلاف السنين وبعض الوحدات الزخرفية الهندسية الأخري والرسومات التي ترتبط بالبيئة المحلية والتراث والفن الشعبي. تقول آمال سيد حسن, رئيسة إحدي الجمعيات الخاصة بالمشغولات اليدوية والتراثية بجزيرة شندويل بسوهاج: إن صناعة التلي في بدايتها كانت قاصرة علي استخدامها في تطريز الطرحة والعباية فقط مما جعل انتشارها محدودا ولكن بجهود المحافظة تم إشراكنا في برنامج تحديث الصناعة الذي نظم مجموعة من الدورات التدريبية لتطوير المنتج وتسويقه ونجحت سوهاج في الحصول علي جائزة التميز من وزارة الصناعة بعد أن تم إدخال صناعة التلي في عمل مفارش السرير والسفرة وفساتين السهرة وغيرها, مشيرة إلي أنها شاركت في العديد من المعارض الداخلية بالقاهرة والإسكندرية والخارجية بدول إيطاليا وأمريكا وفرنسا وقبرص والإمارات والكويت وكازاخستان والتي درت علينا عائدا ماديا كبيرا فضلا عن تردد اسم سوهاج بالخارج علي ألسنة الخبراء والجماهير. وتضيف سنية أحمد يوسف28 عاما صانعة تلي: تعلمت المهنة منذ أن كان عمري عشر سنوات وهي من المهن المعقدة التي تحتاج إلي صبر حتي وصلت إلي درجة عالية من المهارة فيها ومع مرور السنوات بدأت في تدريب الفتيات لإحياء حرفة التلي والحفاظ عليها من الاندثار. تقول ماجدة عبد الرحيم إنها تعشق صناعة التلي والتطريز علي الملابس باستخدام الخيوط المصنوعة من الحرير والصوف والأنواع الأخري من الخيوط القيمة وقمت عام1987 بعمل مشروع لصناعة التلي وشاركت عام1991 في أول معرض أقامه الصندوق الاجتماعي لمنسوجات التلي بعدها بدأ الصندوق في تنظيم معارض أخري بالمحافظات من خلال مديريات الشباب والرياضة ومع انتشار الإقبال علي منتجاتنا نظم الصندوق معرضا بإمارة دبي حيث قمت بالمشاركة فيه لعدة سنوات ويقام مرتين في السنة.. الأولي في شهر أبريل والثانية في شهر نوفمبر وهذه المعارض أتاحت لنا فرصة التعاقد مع الأجانب لعرض منتجاتنا في الدول الأوروبية كما شاركت في معارض بدول فرنسا وهولندا وتم اختياري ممثلة لمصر لحرفة التلي بهولندا لتدريب الهولنديات علي تعلم هذه الحرفة. من جانبه أكد فتحي إبراهيم مدير عام إدارة التعاون الإنتاجي بسوهاج, أن المحافظة تولي اهتماما كبيرا بالصناعات التراثية والحرفية التي تتميز بها عن غيرها من المحافظات باعتبارها منتجات تجمع بين الأصالة والذوق الرفيع كما توفر الكثير من فرص العمل لشباب وفتيات سوهاج, مشيرا إلي أن صناعة التلي أحد أهم الحرف التي تتميز بها سوهاج وتشهد منتجاتها إقبالا كبيرا في كل المعارض سواء محليا أو دوليا.. والتي نعمل جاهدين علي التوسع في إقامتها والمشاركة فيها لدعم عملية التسويق. وأضاف أنه يتم تنظيم دورات تدريبية لتطوير صناعة التلي تشمل تدريب الفتيات علي أحدث أساليب الصناعة كان آخرها تدريب300 فتاة منذ شهور قليلة.