فعلها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ودفع إيران إلى قلب العاصفة وأشعل فتيل التوتر فى المنطقة بالانسحاب من الاتفاق النووى الموقع عام 2015 , وأعاد الجميع للمربع رقم صفر وربما لما قبل ذلك. نووى إيران ليس مجرد ملف شائك بين دولة وأخرى ولكنه يكتسب خطورة متزايدة نظرًا لتشابك وتعقد الدور الإقليمى والدولى لإيران, وتورطها فى العديد من ملفات وقضايا المنطقة وصو إلى ما يسمى باحتلال خمس عواصم عربية هى بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء والدوحة. المؤكد فى هذا السياق الملتهب أن أى مواجهة عسكرية ستضع المنطقة بأسرها داخل برميل بارود شديد الانفجار.. إيران.. علي المحك.. إما قيود ترامب الأبدية أو التراجع باتت إيران وتأثيرها الإقليمي والدولي علي المحك, بعد قرار ترامب, وتزايدت علامات الاستفهام حول قدراتها علي الاستمرار في المواجهة لاسيما أن الرئيس الأمريكي ليس لديه أي نوايا للتراجع علي الأقل حتي الآن. في هذا السياق ذهب تقرير حديث لمجموعة الأزمات الدولية انترناشونال كرايسيس جروب إلي أنه من غير الواقع تماما تصديق أن إيران ستوافق علي قيود أبدية علي سيادتها. وتعتبر الخبيرة في شئون الشرق الأوسط في مركز راند للأبحاث والدراسات داليا داسا كايه أن إيران قد تجري محادثات أولية إذا قدمت لها القوي الأوروبية جانبا اقتصاديا مثيرا للاهتمام. ويعتبر تأثير إيران من صلب المخاوف الغربية, حيث تكرر واشنطن أن طموحات الهيمنة الإيرانية تنتهك روح اتفاق2015 وتدين دورها المزعزع للاستقرار. وتتهم واشنطنطهران بتقديم الدعم المادي والمالي, للإرهاب والتطرف, في إشارة إلي حزب الله اللبناني الذي يعتبر الحزب المسلح الوحيد في البلاد. في العراق وكذلك في سوريا حيث تدعم طهران منذ2011 نظام الرئيس السوري بشار الأسد, تؤكد إيران أنها تتصرف باسم أمنها الوطني ضد جهاديي تنظيم داعش الإرهابي. في اليمن, تدعم إيران المتمردين الحوثيين. وبحسب خبراء الأممالمتحدة, تنتهك إيران الحظر علي الأسلحة عبر السماح للحوثيين بالتزود بطائرات من دون طيار وصواريخ بالستية لضرب السعودية. وأخيرا, تعتبر إيران في صدارة ما تسميه المقاومة لمواجهة إسرائيل, القوة النووية غير المعلنة التي تشكل تهديدا إقليميا بحسب طهران. وتقول مجموعة إنترناشونال كرايسيس جروب إن طهران لطالما اتبعت سياسة الحرب بالوكالة عبر استخدام الدول الضعيفة: لبنان ضد إسرائيل, العراق ضد الولايات المتحدة, اليمن ضد السعودية. وتضيف أنه ما دامت إيران تتبع هذه السياسة, الدفاعية في الأصل والتي يعتبرها آخرون عدوانيا, ستبقي التوترات واحتمال حدوث مواجهة عسكرية مباشرة موجودين. في سوريا, قد تكون روسيا الأمل الأكبر للحد من الوجود الإيراني, علي الأقل في الجنوب لتجنب التصعيد مع إسرائيل. لماذا يستثني العالم إسرائيل ؟ اعتاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يحذر طوال سنوات عديدة بشكل صاخب من خطورة برنامج التسلح النووي الإيراني, لاعبا دور الصوت الوحيد الذي يصرخ في البرية لفتح أعين العالم الساذج علي النوايا الحقيقية لطهران. غير أن ما لم يذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي البالغ من العمر68 عاما هو أن إسرائيل هي في حد ذاتها قوة نووية, علي الرغم من أنها لم تعترف رسميا علي الإطلاق بامتلاكها أسلحة نووية. فلماذا يتم السماح لإسرائيل بحيازة هذه الأسلحة ولا يسمح لإيران بالمثل؟ وعندما وجه مذيع من محطة سي.إن. إن الإخبارية سؤالا لنتنياهو عن هذه القضية مؤخرا, رد قائلا: قلنا دائما إننا لن نكون أول من يدخل الأسلحة النووية في المنطقة, وبالتالي فإننا لم ندخلها, وهذه إجابة جيدة علي قدر استيعابك لها. تقول وكالة الأنباء الألمانية إنه سرعان ما حول رئيس الوزراء الإسرائيلي دفة الحوار باتجاه إيران وإلي معاهدة عدم الانتشار النووي, وقال إنني سأخبرك بشيء أعتقد أنه مهم وهو أن إيران وقعت علي معاهدة عدم الانتشار النووي, ووقعت علي جميع أشكال الالتزامات الدولية, وأعلنت إيران أنه ليس لديها برنامج للتسلح النووي. وقد انتهجت إسرائيل لعدة سنوات سياسة الغموض المتعمد من أجل تجنب النزاع بشأن برنامجها النووي, وتشير تقديرات معهد استكهولم الدولي لأبحاث السلام الذي يتمتع بسمعة مرموقة إلي أن إسرائيل تمتلك80 رأسا نووية. وينظر إلي شيمون بيريز الحاصل علي جائزة نوبل للسلام والذي توفي عام2016 علي أنه الأب الروحي لبرنامج إسرائيل النووي. ودشن بيريز هذا البرنامج بمساعدة من فرنسا منذ نحو60 عاما. وعندما تعرضت إسرائيل لضغوط أثناء حرب أكتوبر1973, يقال إن وزير الدفاع وقتها موشي ديان مارس الضغوط علي رئيسة الوزراء الإسرائيلية الراحلة جولدا مائير لدراسة استخدام الأسلحة النووية. وردت مائير علي ديان مطالبة له بأن ينسي هذا الأمر. وفي صحراء النقب يقع ما يسمي مصنع النسيج في ديمونة, حيث يوجد في هذا الموقع نحو2700 من الفنيين ينتجون البلوتنيوم المستخدم في صناعة ترسانة إسرائيل النووية, والتي يقدر بأنه يكفي لإنتاج عشرة رءوس نووية سنويا. وفي عام1986 كشف مورديخاي فانونو الذي كان يعمل كفني في هذا الموقع عن أسرار البرنامج النووي الإسرائيلي في مقابلة مع صحيفة صنداي تايمز البريطانية. وقبل انتهاء ذلك العام استدرج جهاز المخابرات الإسرائيلي فانونو إلي روما, عن طريق عملية إغراء تقليدية تستخدمها أجهزة الاستخبارات يطلق عليها اسم فخ العسل, حيث تم إغراؤه بعميلة شقراء تعمل لحساب الموساد عرفت باسم سيندي, وعندما وصل إلي العاصمة الإيطالية تم تخديره ونقله إلي إسرائيل, ثم تم في النهاية الحكم عليه بالسجن لمدة18 عاما في محاكمة سرية. وأثار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت عام2006 عاصفة من الاحتجاجات عندما ألمح في مقابلة إعلامية إلي أن بلاده تمتلك أسلحة نووية. رهانات روحاني عول الرئيس الإيراني حسن روحاني كثيرا علي الاتفاق النووي الموقع في2015 والذي وضع حدا لسنوات من العزلة, لكنه حاليا يواجه احتمالات خسارة الرهان علي استمرار ذلك الوضع. بغض النظر عن قرار ترامب بشأن الاتفاق النووي الذي توج جهود روحاني الدبلوماسية, فإنه من الواضح أن العداوة التقليدية بين واشنطنوطهران قد عادت بقوة كما يقول المحلل السياسي في طهران مجتبي موسوي الذي يري أن روحاني راهن كثيرا علي الاتفاق النووي واستثمر كل رصيده السياسي فيه. كما يري أن روحاني سيخسر كل شيء: جميع خططه الاقتصادية والسياسية, التي بناها علي الاتفاق النووي. من البداية شكك المحافظون خصوم روحاني بشدة في المفاوضات مع واشنطن, وقد تحققت مخاوفهم عندما اتضح أن الضغوط الأمريكية ستستمر في عرقلة العلاقات التجارية الإيرانية حتي بعد اتفاق.2015 ومع تهديداته المستمرة بالخروج من الاتفاق, ضمن ترامب أن يبقي العالم حذرا في التعامل اقتصاديا مع إيران. وقال كليمان ثيرم الخبير في الشئون الإيرانية في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في بريطانيا إن حالة الغموض التي تحيط بمصير الاتفاق النووي هي نصر للمحافظين الذين يستندون إلي عدائية السياسة الخارجية الأمريكية لتشديد قمعهم الداخلي والحد من تحركات المؤسسات المنتخبة في الجمهورية الإسلامية. ويواجه روحاني قوي محافظة قوية بين أوساط رجال الدين, والقضاء ومجلس صيانة الدستور الذي يحظي بالقدرة علي الاعتراض علي القوانين ومرشحي الانتخابات, ناهيك عن سلطة المرشد الأعلي للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي. تنقل وكالة الصحافة الفرنسية عن أردافان أمير أصلاني المؤلف والمحامي الدولي أن روحاني أخفق في الوفاء في جميع وعوده, إلا أنه أكد علي خطابه الإصلاحي مؤخرا في محاولة للاحتفاظ بقاعدته الشعبية وتوجيه أصابع الاتهام للمحافظين. وقال أمير أصلاني إن افتتاح عدد من المقاهي الجديدة والسماح للنساء بالكشف قليلا عن شعورهن ليست هي الإصلاحات الأساسية التي تحتاجها إيران. قصة الاتفاق الأزمة ينص الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني علي رفع تدريجي ومشروط للعقوبات الدولية عن إيران مقابل ضمانات من طهران بعدم حيازة السلاح النووي. وتم توقيع الاتفاق في14 يوليو2015 بعد أزمة استمرت12 عاما ومفاوضات دامت21 شهرا بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي الولايات المتحدة والصين وروسياوفرنساوبريطانيا بالإضافة إلي ألمانيا. وينص علي رفع تدريجي ومشروط للعقوبات مقابل ضمانات من طهران بعدم حيازة السلاح النووي. تلتزم طهران بموجب الاتفاق الحد من قدراتها النووية أجهزة الطرد, مخزون اليورانيوم المخصب... خلال عدد من السنوات. والهدف من ذلك هو جعل إمكانية صنع قنبلة نووية شبه مستحيل بالنسبة إلي إيران, وضمان حق طهران في تطوير صناعة نووية ذات طابع مدني. بموجب الاتفاق, وافقت إيران علي خفض عدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم إلي5060 فقط في مقابل10200 عند توقيع الاتفاق, وتعهدت بعدم تجاوز هذا العدد لمدة عشر سنوات. كما وافقت طهران علي تحويل المفاعل الذي يعمل بالماء الثقيل في أراك حتي لا يمكنه إنتاج البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه لأغراض عسكرية وذلك تحت إشراف الأسرة الدولية. بموجب الاتفاق, تزيد مختلف هذه الإجراءات المدة الضرورية لإنتاج قنبلة ذرية إلي عام بعد أن كانت شهرين أو ثلاثة عند توقيع الاتفاق. دخل الاتفاق حيز التنفيذ في16 يناير2016 مما أفسح المجال أمام رفع جزئي للعقوبات الدولية علي إيران, تلاه رفع العديد من العقوبات مما فتح الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية. تم إبقاء الحظر الذي تفرضه الأممالمتحدة علي الأسلحة التقليدية والصواريخ البالستية حتي2020 و2023 علي التوالي, إلا أن مجلس الأمن الدولي يمكن أن يعلن استثناءات في كل حالة علي حدة. في أكتوبر2017, رفض ترامب التأكيد أن طهران تحترم التزاماتها, لكنه أكد أن بلاده لن تنسحب من الاتفاق الدولي في الوقت الحالي. في12 يناير2018, مدد ترامب تعليق العقوبات الاقتصادية التي تم رفعها في إطار الاتفاق, لكنه اشترط موافقة من الأوروبيين من أجل تصحيح الثغرات الكبيرة في الاتفاق قبل12 مايو, المهلة الأمريكية المقبلة لتعليق العقوبات علي إيران. ودون أن ينتظر انتهاء المهلة قرر ترامب إعلان قراره معترضا الطريق أمام الجهود التي تقوم بها منذ أسابيع عدة بريطانياوفرنساوألمانيا من أجل الإبقاء علي الاتفاق.