سؤال برلماني حول معايير اختيار أسماء المرشحين في التشكيل الحكومي    الضرائب: 15 يوليو بدء تطبيق المرحلة السادسة من «توحيد معاييراحتساب ضريبة الأجور»    بدأت اليوم.. موعد صرف مرتبات شهر يونيو 2024 قبل إجازة عيد الأضحى وفقًا لوزارة المالية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    وزير المالية: حريصون على دعم تعزيز الاستدامة المالية للنظم الصحية الأفريقية    معلومات المناخ: موجة شديدة الحرارة بداية من الأربعاء لمدة 10 أيام    وزير الإسكان: حملات مكبرة على الإشغالات والظواهر العشوائية ب6 مدن    سلطنة عمان تدين الهجوم الإسرائيلي الوحشي على مخيم النصيرات    حماس: مصر وقطر لم تبلغا قادة الحركة بمواجهة الاعتقال إذا رفضوا صفقة التهدئة مع إسرائيل    طائرات الاحتلال المروحية تطلق نيرانها شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة    3 شهداء وعدد من الجرحى في قصف إسرائيلي استهدف منزلا بمخيم البريج بغزة    الصحة الروسية تعلن عن موعد كشف نتائج الدراسات السريرية للقاح السرطان    الخارجية الكويتية: مجزرة النصيرات تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي    موعد مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري السوبر لكرة السلة والقنوات الناقلة    بهدف قاتل من إندريك.. البرازيل تفوز على المكسيك ودياً استعدادا لكوبا أمريكا (فيديو)    نجم الزمالك السابق يرد.. هل أخطأ حسام حسن بمشاركة الشناوي؟    موجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس حتى نهاية الأسبوع    تجهيز 100 لجنة لاستقبال 37 ألف طالب وطالبة لامتحانات الثانوية بالمنيا    السعودية توفر شرائح إنترنت واتصال مجانية لضيوف الرحمن    السكة الحديد: تخفيض السرعة المقررة للقطارات نظرا لارتفاع درجات الحرارة    «السكة الحديد» توجه نداءً عاجلاً للركاب بسبب ارتفاع درجات الحرارة    مصرع ربه منزل فى حادث قطار "القاهره/أسوان" بسوهاج    نشرة مرور "الفجر".. انتظام حركة المرور بشوارع القاهرة والجيزة    شاهد عيان في واقعة عمرو دياب: «المعجب هو اللي وصل نفسه للضرب»    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    الليلة.. عرضان في ثاني أيام مهرجان فرق الأقاليم المسرحية تعرف عليهما    هيئة الرعاية الصحية: نستهدف الاستفادة من الخبرات العالمية لمؤسسة مجدي يعقوب    جامعة عين شمس تتقدم في تصنيف QS العالمي 133 مرتبة    جامعة عين شمس تتقدم في تصنيف QS العالمي    الأحد 9 يونيو 2024 .. البنك المركزي يطرح أذون خزانة ب 55 مليار جنيه    صربيا تفوز على السويد بثلاثية دون مقابل وديا قبل يورو 2024    اليوم.. جمعية الفيلم تقيم تأبينًا ل صلاح السعدني وعصام الشماع ونادر عدلي    عن أى أساطير تتحدثون؟!    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أبرز لقطات البرومو الرسمي لفيلم "عصابة الماكس"    البحرية البريطانية: اندلاع النيران في سفينة جراء إصابتها بمقذوف في خليج عدن    اليوم.. محاكمة المتهم بإنهاء حياة 3 مصريين في قطر    وصفات طبيعية لعلاج قشرة الرأس، أبرزها الزبادي وزيت شجرة الشاي    فضل الدعاء في هذه الأيام المباركة.. لا يرده الله    للحجاج والمعتمرين.. محظورات لا يجب فعلها أثناء الحج    «البترول»: خططنا لتلبية احتياجات الكهرباء من الغاز أو المازوت    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    ما سبب الشعور بالصداع عند الاستيقاظ من النوم؟.. «السر في التنفس»    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    ماذا قالت سيدة التوقعات مع عمرو أديب عن العوضي وياسمين عبد العزيز وأمل ماهر وشيرين؟ (فيديو)    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    حظك اليوم برج الدلو الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبد الواحد النبوي
وزير الثقافة الأسبق ل الأهرام المسائي: مصر تتعافي وتنطلق إلي الأمام
نشر في الأهرام المسائي يوم 05 - 05 - 2018

غم تأكيده أن مصر تمر بأخطر فترة في تاريخها, فإن الدكتور عبد الواحد النبوي وزير الثقافة الأسبق, كرر في حواره معنا أنه ليس قلقا علي مصر فهي تتعافي وتنطلق للأمام, لكنه أوضح أيضا أن الحكومات السابقة تركت المجال واسعا لأصحاب الفكر المتطرف يغرسون فكرهم, ووصف الحكومة الحالية بأنها غير سياسية, كما طال انتقاده وزارة الثقافة ومؤسساتها بل وزملاء له في الحكومة.وإلي نص الحوار:
بداية كيف تري المشهد الثقافي المصري؟
أعتقد أنه من أهم المراحل التي تمر بها مصر في الوقت الحالي, وهناك أولويات في إعادة ترتيب هذا المشهد بأشخاصه, والشيء المهم هو تحديد المطلوب في هذه المرحلة ففي كل فترة من فترات الزمن كل دولة تعيد ترتيب أولوياتها سواء الثقافية أو السياسية أو الاقتصادية والاجتماعية, والمشهد المصري حاليا يعاد فيه ترتيب الأولويات, وأحيانا يتم ذلك بدون قصد عندما تظهر شخصيات وأفكار جديدة علي الساحة الثقافية أو أحداث تستدعي أن يكون هناك تفاعل ثقافي معها, والأخطر والأهم هنا هو التساؤل حول هل فعلا الشعب المصري بمثقفيه والمسئولين عن الحركة الثقافية به مدركون هذه الأهمية أم لا؟.
وهل تري أن هذا الإدراك موجود أم غائب؟
البعض مدرك أما الباقون فأري أنهم مع مرور الزمن قد يدركون.
وهل تشكل هذا الرأي من خلال تجربتك عندما كنت وزيرا للثقافة؟
هذا جانب بالإضافة إلي كوني متابعا ومراقبا للمشهد الثقافي الذي يحدث, وما يجب كدارس للتاريخ لما عليه المشهد الثقافي الذي يمر بحالة غير جيدة وغير متسق بشكل جيد مع الدولة المصرية التي لها وضع مختلف بعد30 يونيو ولها أيضا سياسة مختلفة, فهي دولة تبني نظاما جديدا, يقوم علي استعادة فاعلية الشعب المصري علي أرضه وفي إقليمه وعلي المستوي الدولي, وهنا يجب التعرف علي كون المثقفين والمسئولين عن إثارة الوعي مدركين ذلك, وأؤكد أن البعض مدرك والبعض غير مدرك والبعض الآخر قرر ألا يدرك.
ولمن الغلبة في كل هؤلاء؟
أتصور أنها نسب متساوية إلي حد ما, ولا بد أن نتحلي بالصراحة لنعلم أنه حتي الآن هناك مثقفون يتخذون موقعا علي الجانب الآخر من النظام السياسي الحالي ومن الحالة المصرية بعد30 يونيو, والبعض يعاديها تماما, وهؤلاء يجب أن يراجعوا أنفسهم خاصة مع نجاح المرحلة التي نحن فيها والنجاحات التي تتحقق.
تعد معركة الإرهاب والقضاء عليه من أهم معارك الدولة المصرية بعد30 يونيو,
وكثيرون يرونها معركة أمنية فقط, ليس للمثقفين أو المسئولين عن الثقافة دور فيها فما ردك؟
الثقافة أول سلم فيها هو الإنتاج الفكري الذي يقدمه الفرد المثقف داخل المجتمع المصري سواء كان أديبا أو قاصا أو شاعرا أو مسرحيا أو فنانا تشكيليا أو سينمائيا, فإذا كنا نقيس ما أنتجته القريحة المصرية الثقافية من أعمال تتفق مع هذه المرحلة المهمة من تاريخ مصر سنجدها قليلة جدا, وهي جهود مبعثرة لا تسير في اتجاه واحد ليس بها نوع من الاتحاد أو التوافق أو الاتفاق, وبالتالي نحتاج إعادة هذا الأمر لتحقيق المواجهة الثقافية للفكر المتطرف.
وأين أجهزة الدولة وعلي رأسها وزارة الثقافة بهيئاتها المختلفة؟
بعيدا عن الحديث عن دور الأجهزة والمؤسسات, فهناك وازع وطني ووازع من الضمير يملي ما الذي يجب فعله لمساندة هذه المرحلة من تاريخ مصر, وما الذي يجب تقديمه لكي تتعافي مصر مما هي فيه, وما الذي يجب فعله لكي تتبوأ مصر مكانتها ولتستعيد مجدها وفاعليتها وحركتها.
وهل يترك الأمر برمته لوازع الضمير فقط؟
جزء كبير منه كذلك, لأنه مهما فعلت الدولة ومؤسساتها سيظل قليلا, وعليها أن تنشط الحالة بتقديم دعم للسينما والمسرح, وتنشئ المسابقات لخلق حالة من التنافس, لكن الدافع والوازع الوطني جزء مهم داخل كل فرد, بداية من التعبير عن الرفض لأي سلوك غير جيد وصولا لتقديم منتج ثقافي يحتج ويرفض كل ما هو غير جيد, والفكرة هنا أين هذه الحركة من مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف, وأين الأفلام والمسلسلات والمسرحيات منذ2011 وحتي اليوم من معالجة هذه الأفكار المتطرفة, والدولة أي دولة في العالم لا يمكن أن تقوم بالعمل الثقافي كاملا, وتقتصر مساهمتها علي25 أو30% من مجمل هذا الأمر والباقي جهود فردية ومؤسسات أهلية تعمل في هذا الأمر, ويجب أن ندرك أهمية وجود الوازع الوطني لدي كل مهتم بالثقافة وعامل فيها وإلا سيظل المجتمع يعاني من آفاته وتطول مدة المعاناة من المشكلات, فيجب أن نتكاتف جميعا للخروج من أزماتنا وعلي رأسها الإرهاب والفكر المتطرف.
كيف تغلغل الفكر المتطرف بهذا الشكل داخل أركان المجتمع
حتي صار القضاء عليه بهذه الصعوبة؟
هذا التغلغل لم يتم بين ليلة وضحاها, فالنفس البشرية من الصعوبة تغييرها, لكن العمل عليها وتركها فترات طويلة يمكن أن يغير قناعاتها, وكثيرا ما أقابل شبابا حاليا سواء في الجامعة أو خارجها, وأحزن كثيرا علي ما وصل إليهم من أفكار; حيث تم العمل علي أدمغتهم منذ أن كانوا أطفالا, ونحن للأسف تركناهم وكان يجب منذ المرحلة الابتدائية العمل علي مواجهة هذه الأفكار, ولذلك يجب أن تتغير مناهجنا وتتطور وأن يعود النشاط المدرسي, فمدرسة ليست فيها فصول لتعليم الرسم والموسيقي والاهتمام بالرياضة, واهتمت فقط بحشو العقول بمناهج قديمة وتعاني من التكدس حتي صارت العملية التعليمية علي ثلاث فترات دراسية أحيانا, من الطبيعي أن يكون هذا هو منتجها من عقول سهل أن تتم السيطرة عليها من مثل هذه الجماعات المتطرفة, وبخاصة في الأرياف والمناطق النائية التي يعيش فيها ما يقرب من80% من المجتمع المصري فيجب العمل علي مواجهة كل ذلك.
ومن المسئول؟
مسئولية الدولة المصرية بكل من فيها, بداية من الفرد والأسرة وصولا إلي المؤسسات علي كل المستويات.
من أين نبدأ العلاج؟
أتصور أنه لا بد من وجود إستراتيجية عمل, وعندما كنت في الوزارة تكلمنا عنها, وأكدنا أنه يجب أن يحدث تفاعل بين الوزارات المسئولة عن العقل المصري, وهي وزارات الثقافة والشباب والرياضة والتربية والتعليم والأوقاف والتعليم العالي, وكلها وزارات يجب أن تجلس معا وتخرج بخطة إستراتيجية كاملة لهذا العقل, وأن تكون المؤسسات الدينية من الأزهر والكنيسة جزءا فاعلا في هذا الأمر.
ولكن هذا كلام سمعناه كثيرا من أكثر من وزير ومسئول,
فلماذا لم يتحقق حتي اليوم؟
كثيرا ما يحدث تنسيق لكنه ليس علي المستوي المطلوب, وخلال تجربتي في وزارة الثقافة عندما أردت التنسيق مع وزارة الأوقاف تعرضت لهجمة شرسة واتهامات بتديين الثقافة لمجرد أني زرت وزارة الأوقاف, رغم أن الفكرة كانت أن نأتي بالمثقفين الذين يتمتعون بدرجة كبيرة من الوعي والمعرفة, وأن تحدث لقاءات فكرية مع الأئمة لينفتح الأئمة علي الثقافة, وأن تتم مناقشة القضايا بشكل جدي, وليس هناك ما يسمي تديين الثقافة فالثقافة لها خط واضح يتعاون مع الجميع لصالح هذا الوطن, ويجب أن ندرك أن الشعب متدين بفطرته, وأخذه بعيدا عن الدين بقيمه السمحة ستجعله ينفر من هذا الخطاب.
نسمع عن ضرورة تطوير الخطاب الديني,
فهل يحتاج الخطاب الثقافي أيضا إلي تطوير؟
رد بسرعة, قائلا: نعم يحتاج الخطاب الثقافي إلي تطوير, فلدينا تنوع خطير في الخطاب الثقافي المصري فهناك الخطاب الليبرالي وخطاب اشتراكي وخطاب إسلامي معتدل وخطاب إسلامي غير معتدل, وهناك أشخاص يكتبون لحدود الوطنية وأشخاص يكتبون لحدود الهوية الفرعونية وغيرهم يكتبون لحدود الهوية الوطنية للفترة الحديثة, ونحن في حاجة لأن نعلم أن هؤلاء جميعا يتفقون علي الكثير ويختلفون في القليل, وعلينا أن نعزز من الاتفاق حول مصلحة الوطن وكيف ينهض ويتبوأ مكانه, وكيف يحافظ علي أجياله ويكون قوة حيوية مستمرة ومتدفقة طوال الوقت, وبالتالي هذه المرحلة تتطلب التكاتف معا, وأن نحدد أولوياتنا ونؤجل نقاط اختلافنا حتي تتعافي الدولة المصرية.
بالعودة للتنسيق بين الوزارات المعنية بالعقول والإستراتيجية المقترحة التي تحدثت عنها
وبعيدا عن الهجمة التي وصفتها بالشرسة فما العقبات الأخري التي تواجه هذا التنسيق المطلوب؟
بداية تجربتي في الوزارة كانت قصيرة, وكنت وقتها حلقة بين مجموعة من الوزراء الذين كان لكل منهم دور, فالوزير الذي جاء بعد25 يناير مباشرة كان عليه أن يلملم شتات الوزارة, ويحافظ عليها حتي لا تقع, لأنها جزء من مؤسسات الدولة التي هي دليل علي أن هذه الدولة حضارية ولها جذور, وهناك وزراء واجهوا شراسة في المطالب الفئوية التي كانت موجودة وقتها والمظاهرات والاعتصامات, وهناك وزراء بدأوا يضعون خطوطا للانطلاق للأمام, ومن هم موجودون حاليا يكملون المسيرة بمشكلات أقل من سابقيهم وعليهم الدفع بالعمل للأمام, والأخطر هو كيف يمكن التنسيق بين مؤسسات وزارة الثقافة المختلفة للقضاء علي التضارب والعمل في جزر منعزلة, فلا يجب مثلا أن يكون هناك نشر آخر في مؤسسة ونشر في مؤسسة أخري, ولكن النشر يجب أن تقوم به مؤسسة واحدة حتي تستطيع أن تضع رؤية كاملة لما يجب أن ينشر وما يقدم للمجتمع, وما الذي يجب أن يستهدف من هذا النشر المقدم وفق رؤية موحدة, فكيف تكون هناك عشر مؤسسات داخل وزارة الثقافة تقوم بالنشر, وكذلك الفنون التشكيلية والحرف والسينما والمسرح, فهناك نوع من ذوبان الحدود والتخصصات بين مؤسسات وزارة الثقافة مما يجعلها جزر منعزلة.
وماذا عن الوزارات المختلفة, وهل تعاني من هذه المشكلة ؟
يبدو أنها جينات مصرية, وخلال فترة وجودي في وزارة الثقافة كان ضمن تعاوننا مع وزارة التربية والتعليم أن نستخدم مسارحها في النشاط المسرحي, وإذا كان هناك نشاط مسرحي لوزارة التربية التعليم يكون هناك مسرحيون من وزارة الثقافة يتولون مسئولية التدريب ونقل الخبرة, وفي تصوري كان هذا مهما, حيث كانت تواجه وزارة التربية والتعليم وقتها مشكلة نقص في مدرسي الرسم, فعرضت علي الوزير محب الرافعي بأن قطاع الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة يمكن أن يقدم فنانين علي استعداد لهذه المهمة لسد العجز والاستفادة بخبراتهم العلمية والعملية, وهذا هو التعاون الذي يجب أن يستمر وفي النهاية يجب أن يكون الحديث باسم الدولة المصرية.
ولكن هذا التعاون نفتقده علي أصعدة كثيرة والنتيجة هي ما نعاني منه حاليا,
فلماذا يكون هذا التعاون بمبادرات شخصية من وزير أو أكثر ولا يكون تعاونا مؤسسيا لا ينتهي برحيل الأشخاص عن مواقعهم؟
نحن تحكمنا عقلية تحتاج دائما لأن يتدخل الكبير ويقوم بالتوجيه والقيادة, وعندما يأتي الأمر من المسئول الأعلي, فالكل سيسمع ويطيع, ولكن عندما تترك الأمور فأحيانا هناك بعض الوزراء يدركون أهمية التنسيق وضروراته, وأحيانا البعض يستهويه العمل في جزره المنعزلة, والأزمة أننا أحيانا نكرر أنفسنا فتضيع الجهود, ولذلك فنحن دائما في حاجة إلي المايسترو الذي يقود العمل داخل الوزارة أو بين الوزارات وبعضها البعض.
ما تقييمك لتجربة مصر الأخيرة في الترشح لليونسكو,
وما الذي يجب أن نراعيه إذا أردنا تكرار المحاولة؟
مصر بتاريخها وحضارتها ودورها في اليونسكو تجعلها من الدول التي لها حق في أن تكون هناك شخصية مصرية علي قمة هذه المؤسسة, وبالتالي هذا أمر يجعلنا يجب أن نعد له جيدا بداية من اختيار الشخصية والظرف التاريخي الذي يجب أن نختاره بعناية, فمع احترامي للتجربة الأخيرة لكن الظرف التاريخي لم يكن معنا في هذا التوقيت الذي فيه مصر دولة كانت تستعيد مكانتها مرة ثانية, ومن المهم أن يكون هناك تنسيق عربي, فنحن ككتلة عربية يجب ألا يكون هناك تصارع وتناحر يصل بنا إلي أن يكون هناك8 شخصيات عربية أعلنت ترشحها في البداية وهذا أمر غير جيد, ولكي نعمل علي هذا الملف كان يجب أن تكون البداية داخليا علي مؤسساتنا الثقافية وفي المجالات التي تتصل بعمل اليونسكو وهي المنظمة الدولية للثقافة والعلوم والتربية بحيث نقدم نموذجا جيدا سيحقق نجاحا في اليونسكو إذا رغبنا في تكرار التجربة فنجاحنا يبدأ من داخل الأراضي المصرية ثم يبقي اختيار الشخصية التي لها ثقل علي المستوي الدولي واختيار الظرف التاريخي المناسب للترشح لهذه المؤسسة وإقامة نوع من التنسيق في إقليمنا العربي والإفريقي وعلي المستوي الدولي ووقتها ستكون من السهولة المنافسة والنجاح, ولنعلم أن من فازت بمقعد مدير منظمة اليونسكو من فرنسا ترشحت في اليوم الأخير عندما وجدت الدول الأوروبية أن الشخصيات الموجودة لها عليها تحفظات وبالتالي دفعت فرنسا في اليوم الأخير للترشح بوزيرة الثقافة الفرنسية السابقة ووقفوا وراءها وفازت.
هناك دعوات من بعض الدول لاستضافة تراث وآثار البلدان العربية بحجة الحفاظ عليه حتي استقرار الأوضاع,
فما الدور الذي يمكن أن تقدمه مصر في هذا الصدد؟
مصر تمر بأخطر مرحلة في تاريخها فلم يحدث أن حاربت علي أربع جبهات في الوقت نفسه وفي الداخل أيضا سوي في الوقت الحالي, فنحن نحارب في5 جبهات وصانع السياسة ومتخذ القرار المصري يمسك بجمر من نار, في هذه المرحلة المهمة وهي مسئولية ضخمة نحاول فيها لملمة شتات أنفسنا, ويجب علي الشعب ورموزه مساندة صانع القرار المصري في أن ينتقل للأمام بشكل أفضل, والصراع الدائر في سوريا خطر ضخم وكبير علينا, وما يحدث في ليبيا والسودان وفلسطين في الضفة وغزة, والسياسة المصرية حاليا لا تقوم علي صدام أو فرض العضلات لكن تدير ملفاتنا بعقلانية وتحافظ علي مصالح الأطراف جميعها حتي في ملف مياه النيل نتعامل معه بهدوء.
نريد أن نطمئن علي وثائقنا القومية, فهل هي بأمان,
وما حجم الخسائر بعد حريق المجمع العلمي؟
الوثائق القومية آمنة, وتعمل علي حمايته الدولة بأجهزتها المختصة, لكن فيما يتعلق بحريق المجمع العلمي فقد فقدنا تراث مؤسسة مهما وخطيرا ولم يكتشف كثيرون قيمته إلا بعد الحريق, وتم تعويض جزء كبير منه من الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة كانت لديه قوائم للمجمع فقد قدم تقريبا8887 كتابا من الكتب النادرة المطبوعة والمخطوطة التي كانت توجد نسخ منها في المجمع واشتراها من جميع دول أوروبا وقدمها هدية رائعة للمجمع العلمي.
ما المشروع الثقافي الذي تحلم به لمصر؟
الثقافة انعكاس لحالتنا ولا بد أن تكون الحالة انعكاس لدولة قوية تنطلق للأمام, وأحلم أن تعود ريادتنا مرة أخري في السينما والمسرح والرواية والقصة القصيرة والفنون التشكيلية وهذا لن يتأتي إلا بإصلاح وإخراج أجيال جديدة خاصة في الأقاليم وهذا يتطلب رؤية واضحة وكانت تجربتنا صيف ولادنا تهدف إلي الانتقال إلي القري والأقاليم وتوزيع مليوني كتاب مجانا علي الأسر والأطفال وكذلك مسابقة في المسرح والفنون, وكانت الفكرة الانفتاح علي الأطراف التي تعد مكمن خطورة يتم اللعب عليها من قبل الجماعات والدول المعادية وبالاهتمام بها يمكن أن تكون مكمن قوة تؤكد عظمة هذا الشعب وقدرته علي إنتاج مبدعين في كل المجالات علي أن تكون هذه الرؤية ضمن ثوابتنا التي لا تتغير بتغير المسئولين.
هل سحبت بعض الدول العربية البساط من تحت قدمي مصر ثقافيا؟
أري أن أي دولة عربية تقوي في مجال من المجالات فهذا قوة للعرب وليس معناه ضعف لمصر, وقوة مصر موجودة لكننا تعودنا علي أننا دائما متفوقون من حيث الميراث الثقافي, وعلينا أن نأخذ ذلك علي محمل التنافس والتكامل فيما بينا ودافع لنا أن نحسن من أنفسنا لنزداد قوة وتفوقا فلسنا بصدد حرب وإنما تكامل خاصة أن الدول العربية تنظر لمصر دائما أنها القلب الحنون والقدوة والمثل التي تعلموا منها, وإذا تحسنت مصر سيظل هذا الحب لها في الأجيال العربية المتعاقبة, ومن حق الجميع تحسين نفسه وعلينا أن نطور ذاتنا خاصة أن عوامل القوة لدينا أكبر لكن يجب أن نستغلها وندفع بها للأمام.
ولكن هناك مخاوف كثيرة تحيط بمصر
تجعل الكثيرين يتساءلون إلي أين نحن ذاهبون؟
ليست مخاوف ولكنها نوع من الترقب, وأنا أؤمن بأنه وفقا لمن يقود في هذه المرحلة فمصر ليس من السهل جرها إلي أزمات وما أكثر هذه الأزمات خلال السنوات القليلة الماضية وهذا يطمئننا بأن مصر لن تتورط في مؤامرة, وما يقلقني أن بعض الشعب غير مدرك لطبيعة المرحلة وجزء من المسئولية عن ذلك أن الحكومات الموجودة ليست سياسية ولا تخرج لتتحدث إلي المجتمع بشكل جيد ولا تريد أن تفتح بابا عليها في النقاش, مثلما يحدث حاليا في الحديث عن زيادة أسعار مرتقبة فإدارة هذا الملف لا بد أن تكون قائمة علي الشفافية وإعلان الحقائق وليس إيثار السلامة بعدم الحديث وترك الأمور للشائعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.