هل من الممكن أن تنهار العملة الأوروبية الموحدة( اليورو) علي المدي القصير أو المتوسط أو حتي الطويل؟ هل من الممكن أن تصبح هذه العملة أثرا بعد عين جراء أزمة الديون السيادية التي تعصف حاليا بالاتحاد الأوروبي, وهو ما قد يعني بالضرورة انهيار أكبر اتحاد اقتصادي ونقدي في تاريخ البشرية, ذلك الاتحاد الذي اعتبرت تجربته, مضرب الأمثال في شتي أرجاء العالم؟ ثمة دراسة أعدها مركز الأبحاث الاقتصادية والتجارية في المملكة المتحدة توقعت أن ينهار اليورو ويختفي من الوجود بحلول عام.2013 مبررات الانهيار وأكد دوجلاس ماك وليامز الرئيس التنفيذي لهذا المركز في معرض تفسيره لمبررات الانهيار المحتمل لتلك العملة الموحدة أن أزمة الديون السيادية اليونانية ستتفاقم علي الأرجح إلي موقف غاية في التعقيد والغرابة في الوقت نفسه, إذ سيشعر المدين( أي الدولة اليونانية) والدائن( أي المستثمرين الأجانب من حائزي السندات السيادية اليونانية) بأنهم متورطون في معركة خاسرة, مما سيؤدي في نهاية المطاف إلي خروج اليونان من نادي اليورو وهو ما يعني من الناحية العملية انهيار تلك العملة الموحدة. ولعل هذه المخاوف يمكن أن نجد صدي لها لدي مسئول اقتصادي أوروبي كبير هو جان كلود يونكر الذي يرأس مجلس وزراء مالية دول مجموعة اليورو والذي حذر من أن أزمة الديون السيادية يمكن أن تنتشر عدواها سريعا لتضرب اقتصاديات دول أوروبية قوية مثل إيطاليا وبلجيكا. وأضاف يونكر أنه من المحتمل أن يكون لهذه الأزمة تأثير كارثي علي اليورو, وحذر من أن ما يجري في أوروبا حاليا هو بمثابة لعب بالنار علي حد تعبيره. وتابع يونكر قائلا: إنه إذا أعلنت اليونان إفلاسها وعجزها عن سداد الديون المستحقة عليها فإنه سيكون لهذا الأمر تداعيات جذرية بالنسبة لبقية الدول الأعضاء في نادي اليورو. ولعل هذا الأمر هو ما دفع العديد من السياسيين في أوروبا إلي المطالبة جهارا نهارا بطرد اليونان شر طردة من نادي العملة الأوروبية الموحدة كي تستريح مجموعة اليورو منها إلي الأبد. ناد بلا باب خروج لكن في المقابل هناك من يقول إن هناك اشكالية ضخمة في هذا الصدد تتمثل في أنه لا توجد أصلا أي آلية في نادي اليورو تحدد طريقة طرد أو خروج أي عضو فيه, وبمعني آخر فإن نادي اليورو هو ناد يمكن الالتحاق به وفق شروط بعينها وهي الشروط التي حددتها معاهدة ماستريخت لكن لا يوجد باب للخروج منه. ومن شأن انهيار اليورو أن يؤدي إلي فوضي عارمة في المنظومة الاقتصادية العالمية, إذ سيؤدي إلي افلاس مؤسسات مالية ومصرفية ضخمة في أوروبا, وتهاوي معدلات النمو الاقتصاد في تلك القارة العجوز, وتشريد الملايين من العمال والموظفين في الشوارع, وربما يتطور الأمر إلي أزمة مالية عالمية جديدة تضارع في شراستها تلك الأزمة التي عصفت بالمشهد الاقتصادي والمالي والسياسي العالمي في خريف عام.2008 هذا الأمر دفع كثيرين إلي الاعتقاد بأنه من الصعوبة بمكان أن يترك الزعماء الأوروبيون خصوصا الألمان والفرنسيين اليورو نهبا لهذه الأزمة, وأنه حتي لو كانت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل تبدي تشددا عنيفا بشأن حتمية التزام الدول الأوروبية المثقلة بالديون بتطبيق خطط تقشف صارمة, فإنها قد تتراجع عن تشددها بعض الشيء إذا تطورت الأمور بسرعة وخرج مارد تفكك كتلة اليورو من قمقمه. فاليورو يشكل عماد الاستقرار في المشروع الاقتصادي الأوروبي الوحدوي ا لكبير, فمن شأن وجود عملة موحدة في هذا الكيان العملاق أن يؤدي إلي استقرار أسعار السلع والخدمات, وتخفيض الرسوم في شتي أنواع المعاملات التجارية والصفقات, وتقليص أسعار الفائدة علي نحو يشجع الاستثمارات, ومن ثم تشغيل المزيد من الأيدي العاملة وزيادة الانتعاش الاقتصادي. أمريكا واليورو ولكن كيف يري عمالقة المال والأعمال الأمريكيين مستقبل اليورو؟ أحد هؤلاء يدعي وارين بافيت, وبافت هو أحد أغني أغنياء العالم, بل إنه سبق له وتربع علي عرش أغني مليارديرات الدنيا ليزيح بذلك الأمريكي بيل جيتس مؤسس شركة مايكروسوفت عملاق صناعة البرمجيات العالمي من علي هذا العرش.