صوت البحر.. الدانوب الأزرق وموسيقي يوهان شتراوس.. حركة الرافعات الشوكية في الممرات الضيقة لأحد محلات الجملة الكبري في ألمانياالشرقية.. موظف جديد يخفي ماضيه.. عمال علي هامش الحياة.. قصة حب.. أمل مفقود. . ثم الألم والميلاد الجديد, تلخص هذه الأفكار الصورة الشعرية التي قدمها المخرج الألماني توماس ستوبر في فيلم في الممرات الذي ينافس به علي جوائز المسابقة الرسمية للدورة ال68 لمهرجان برلين السينمائي الدولي المقرر إعلان نتائجها مساء اليوم. حول ستوبر قصة قصيرة كتبها كلمينز ماير في25 صفحة إلي فيلم شديد الحساسية يدخل لحياة مجموعة من الأشخاص علي هامش الحياة يعملون في الشفت الليلي بسوق ضخمة للبيع بالجملة تقع في منطقة نائية بألمانياالشرقية, من خلال شخصية كريستيان العامل الجديد الذي يخفي خلف صمته الكثير من الأشياء عن ماضيه, لكنه يندمج بالتدريج في حلقة الترابط التي تجمع بين كل العاملين في هذا السوق وخاصة عمال الشفت الليلي. استطاع عمال الشفت الليلي أن يخلقوا لأنفسهم عالمهم الخاص, حيث يبدأ الشفت بصوت مديرهم مرحبا بهم, ثم يضع في مكبر الصوت المقطوعة الموسيقية المسماة بالدانوب الأزرق ليوهان شتراوس التي تجعل حركة العمال في ممرات السوق الضيقة أشبه بالرقص, وتشاركهم الرقص الفوركليفت أو الرافعات الشوكية التي تعتبر واحدة من أبطال الفيلم واضطر أبطال الفيلم الثلاثة الرئيسون; ساندرا هولر وفرانز روجوسكي وبيتر كورس, للتدرب علي قيادتها قبل بداية تصوير الفيلم والحصول علي رخصة تسمح لهم بذلك ايضا. يظهر كريستيان, فرانز روجوسكي, في بداية الفيلم كشاب غامض لا يتحدث كثيرا بل أنه في النصف الأول من الفيلم لا ينطق إلا بكلمات معدودة, ويعطي انطباعا أنه شخص مصاب بالتوحد أو لديه قصور عقلي, وتتغير هذه الحالة بالتدريج وتظهر حقيقة شخصيته, عندما يقترب أكثر من زميله في العمل برونو, بيتر كورس, الذي يتولي تدريبه ويعرفه علي باقي العاملين في السوق, ويطلعه علي اسم الفتاة التي أثارت اهتمامه من أول نظرة وهي ماريون, ساندرا هولر. وقدم ستوبر سيناريو محكما قادرا علي إثارة اهتمام المتفرج ومفاجأته باستمرار, فالصورة التي ظهر بها كريستيان يتضح بالتدريج أنها علي النقيض تماما من شخصيته الحقيقة حيث كان سجينا سابقا لأنه شارك أصدقائه في عدة سرقات والوشم علي النصف العلوي من جسده يذكره بحياته السابقة التي يحاول التخلص منها وبناء حياة جديدة نظيفة وهادئة, ومن المفاجآت أيضا اكتشاف كريستيان أن الفتاة التي يحاول التقرب منها متزوجة من شخص آخر وأغفل برونو إطلاعه علي هذه المعلومة في البداية وشجعه علي هذا الاعجاب, وبرر ذلك فيما بعد بأنها غير سعيدة في زواجها لأن زوجها يعاملها بشكل سيء. أغلب أحداث الفيلم تدور بداخل هذا السوق الضخم وحول علاقة الأبطال وخاصة كريستيان بالفوركليفت حيث يجد صعوبة في البداية في التعامل معها وتوجيهها بشكل صحيح وهو ما قد يهدد عمله في المكان حيث أنه ما زال في مرحلة الاختبار, ويدربه برونو علي استخدامها إلي جانب دراسته للحصول علي الرخصة, لكن المشاعر المضطربة التي يعيشها كريستيان بسبب إعجابه بماريون تؤثر علي قيادته للفوركليفت, فعندما تنهره غاضبة في إحدي المرات وتحصل علي إجازة مرضية بعدها لفترة طويلة يصبح كريستيان مضطربا وغير قادر علي قيادة الفوركليفت, ويقضي سهرة مع أصدقائه القدامي ويحضر للعمل في اليوم التالي متأخرا وتظهر عليه آثار الخمر بوضوح. يحمل الفيلم حس كوميدي لطيف وليد المواقف والعلاقات بين الشخصيات قال عنه المخرج توماس ستوبر إنه كان ضروريا للاحداث لأن قصة مثل هذه وفي مكان مثل هذا كان من الصعب التعامل معه بدون هذا الحس الكوميدي الذي خلق حالة من المرح خففت من حدة المواقف السيئة مثل انتحار برونو المفاجئ في نهاية الفيلم والألم الذي سببه لكل العاملين في السوق وعلي رأسهم كريستيان حيث اكتشف فجأة أن برونو كان يعده ليكون بديلا عنه بعد وفاته ولم تتح له الفرصة لإنقاذه من السبب الذي دفعه للانتحار وهو الوحدة التي يعيش كريستيان مثلها. وتعتبر علاقة الحب الرومانسية بين كريستيان وماريون وسيلته لإنقاذ حبيبته المحاصرة في زيجة سيئة, وبناء حياة جديدة لنفسه أيضا تنقذه من ماضية, وتجمع بينهما من جديد الفوركليفت وصوت البحر الذي نسمعه في المؤثرات الصوتية في أول لقاء تعارف حقيقي بينهما أمام ماكينة القهوة وفي الخلفية صورة لشاطئ البحر, واستخدم ستوبر صوت البحر في هذا المشهد بديلا عن صوت الفوركليفت المستخدمة في ممرات السوق, ثم نسمعه مرة أخري عندما يستعيد كريستيان مسار حياته الجديدة مرة أخري ويتجاوز الالم بعد وفاة برونو, حيث تطلعه ماريون علي سر الفوركليفت الذي اطلعها عليه برونو وهو التشابه بين صوت حركتها وصوت أمواج البحر. حصل ستوبر وكليمنز ماير علي الجائزة الألمانية لأفضل سيناريو عن سيناريو هذا الفيلم في عام2015, واحتفي به جمهور مهرجان برلين بعد عرضه امس ليكون آخر عروض أفلام المسابقة الرسمية ومن المتوقع أن ينافس بقوة علي الجوائز, ساندرا هولر تواصل نجاحها في هذا الفيلم بعد أن حققت شهرة عالمية بدورها في فيلم توني اردمان الذي حصد العديد من الجوائز العالمية أما فرانز روجوسكي فيعد حاليا من أهم نجوم برلين وينافس في هذه الدورة من مهرجان برلين بفيلمين فإلي جانب فيلم في الممرات يشارك بفيلم ترانزيت للمخرج كريستيان بيتزولد, أما المخرج توماس ستوبر فسبق له الحصول علي عدد من الجوائز علي فيلمه السابق القلب الثقيل في.2015