تتخذ العلاقة بين السينما والأدب أشكالا مختلفة ولا يتوقف صناع السينما أبدا عن الغوص في عالم الادب بحثا عما يمكنهم نقله لشاشة السينما, خاصة وأن أعظم الافلام في تاريخ السينما والتي تتحول إلي كلاسيكيات تعتمد في الأساس علي أعمال أدبية. استقلبت سجادة مهرجان برلين الحمراء أمس3 أفلام في المسابقة الرسمية لدورته ال68 المقامة حاليا, اثنان منها مقتبسان عن روايات ادبية وهما ترانزيت للمخرج الألماني الشهير كريستيان بيتزولد وايفا للمخرج الفرنسي المعروف ايضا بينوا جاكوت أما الفيلم الثالث فهو دوفلاتوف عن سيرة الكاتب الروسي الشهير سيرجي دوفلاتوف. ترانزيت بطولة بولا بيير وفرانز روجوسكي وكتبه له السيناريو وأخرجه كريستيان بيتزولد وقدم فيه اقتباس معاصر لرواية للكاتبة الألمانية انا ساجيرز تدور أحداثها في عام1942 عن اللاجئين الهاربين من النازية إلي فرنسا في الحرب العالمية الثانية ومحاولاتهم للحصول علي تأشيرة سفر لعبور البحر. ويعتبر رابع فيلم لبيتزولد يحظي بعرضه العالمي الأول في مهرجان برلين, وحاول فيه بيتزولد تقديم فكرة لواقع افتراضي تربط الماضي بالحاضر, حيث يصور قيام الفاشيين الألمان في العصر الحالي بغزو فرنسا وتحول العديد من الاشخاص إلي لاجئين بسبب هذا الاحتلال, ويتخذ بعضهم من مدينة مارسيليا محطة ترانزيت ليعبر منها البحر ويسعون للحصول علي تأشيرة للخروج والسفر إلي أمريكا أوالمكسيك لكنهم يواجهون الاحباط والفشل. وقالت بطلة الفيلم بولا بيير اثناء المؤتمر الصحفي الذي اعقب عرض الفيلم إن اروع ما في القصة من وجهة نظرها هو هذا المستوي من التجريد, حيث أنها رواية تاريخية في الاساس لكنها تحولت لمستوي اخر الهدف منه تنبيه الناس إلي أن حركات الهجرة موجودة منذ سنوات طويلة وعلي مر العصور وكانت المجتمعات تتفاعل معها بنفس الطريقة التي نراها حاليا وهي غير موضوعية بالمرة, والفيلم يعرض ما يحدث الان مع اللاجئين والمهاجرين في كل مكان, ويحاول منح المشاهدين فهما عاطفيا لهذه الحالة ولمشاعر هؤلاء الاشخاص المهجرين, حتي يمكننا التعلم من الماضي لأان التاريخ يكرر نفسه, ويمكننا أن نتعلم الكثير إذا نظرنا إلي الوراء في بعض الأحيان. وقال فرانز بطل الفيلم إن رؤية بيتزولد للقصة تحمل جانبا سياسيا لا يجب تجاهله ابدا, وعبر عن معاناة اللاجئين والمهاجرين بشكل عام. بينما اقتبس المخرج الفرنسي بينوا جاكوت في فيلمه إيفا رواية للكاتب جيمس هادلي تشيس, وقامت ببطولته النجمة الفرنسية ايزابيل هوبير في سادس تعاون لها في فيلم سينمائي مع بينوا, ويشاركها البطولة جاسبار يوليل. وتدور أحداثه عن علاقة معقدة بين كاتب روايات, وعاهرة يعتبرها ملهمته ويحاول استغلالها, وقالت هوبير خلال المؤتمر الصحفي الخاص بالفيلم عن الشخصية التي تقوم بادائها في الفيلم أنها امرأة قوية تحمل مستويات مختلفة وما تخفيه أكثر مما يظهر علي السطح, وحاول الكاتب استغلالها بأشكال مختلفة لكنها استطاعت بشخصيتها أن تجذبه هي. ومن ناحية أخري علقت هوبير خلال المؤتمر علي حملات مناهضة التحرش في مجال صناعة السينما التي تسيطر علي الساحة منذ عدة أشهر بأن كل ما يحدث أو يقال في هذا الشأن يجعل تشعر بالشفقة والأمل في نفس الوقت, لأنها اختارت العمل في السينما بالتحديد للتعبير عن قوة المرأة والتحدث عنها والمطالبة بحقوقها, مشيرة إلي أنه من الجيد ان هذه القضية قد خرجت للعلن ويتم مناقشتها بوضوح. اما فيلم دوفلاتوف للمخرج الكسي جيرمان فيقوم ببطولته ميلان ماريتش ودانيلا كوزلوفسكي ويتناول معاناة عدد من الكتاب الروس في فترة السبعينات تحت حكم الاتحاد السوفيتي حيث تم منع أعمالهم من النشر, بسبب سياسات النشر الموجهة من قبل النظام الحاكم والذي دفع بعضهم للانتحار والهجرة بعد تضييق الخناق عليهم, ويركز الفيلم علي شخصية الكاتب سيرجي دوفلاتوف الذي هاجر إلي أمريكا بعد أن يأس من نشر كتاباته الساخرة في روسيا ومات بأزمة قلبية في سن48 سنة, ولم تحظ أعماله بالشهرة والتقدير الذي تستحقه إلا بعد وفاته, حيث يعد الآن من أنبغ وأفضل الكتاب في روسيا وله قاعدة عريضة من المعجبين في انحاء العالم. وبعيدا عن المسابقة قدم المخرج والممثل روبرت ايفري مساء امس فيلم ذا هابي برينس أو الأمير السعيد ضمن عروض مهرجان برلين الخاصة والمأخوذ أيضا عن رواية بنفس الاسم للكاتب الشهير أوسكار وايلد, أشار إيفرت إلي أنه والدته كانت تقرأها له في الصغر منذ أن كان عمره6 سنوات وهي من الروايات المحببة جدا للاطفال وكان احد احلامه أن يدقمها في فيلما سينمائيا وسعي كثيرا ولفترة طويلة في سبيل تحقيق ذلك, حيث أن انتاج الأفلام السينمائية الآن ليس امرا سهلا طالما أنه لا توجد ستوديوهات كبري تدعمها وتطلب الامر وقتا طويلا حتي يجد التمويل اللازم لانتاج الفيلم.