انتشرت ظاهرة الهروب الجماعي للمحتجزين والمسجونين بالسجون وأقسام الشرطة وكان آخرها ما حدث من محاولة تهريب محتجزين أمس بقسم شرطة منشأة ناصر, وهي المحاولة التي تم إحباطها وتم اتخاذ الاجراءات القانونية تجاه الهاربين. بدأت تلك الظاهرة عقب أحداث يناير وأخذت في الانتشار تباعا, الأمر الذي وصفه الخبراء بالعمليات المنظمة التي تدعمها أياد خارجية, وأوصوا بضرورة مواجهتها بالتأهيل والإعلام. من جهته قال اللواء فؤاد علام الخبير الأمني وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق إن ظاهرة مساعدة المسجونين علي الهرب من الأقسام والسجون انعكاس لظاهرة الانفلات الأمني التي تعاني منها مصر في الكثير من المواقع, وتعد من أخطر مظاهر الانفلات. وأشار إلي أن أحداث يناير شهدت اقتحام العديد من السجون وهروب23 ألف مسجون منها, واعتبر ذلك دليلا علي وجود دعم ومساندة من خارج مصر لعمليات تهريب المسجونين, خاصة مع تكرار محاولات الهروب من الأقسام والسجون. إلا أنه يري أن الوقت الحالي يشهد وجودا أمنيا يختلف كثيرا عن فترة ما بعد ثورة يناير وهي الفترة التي عانت من ضعف الوجود الأمني, وأن الدليل علي ذلك أن المحاولات الأخيرة لهروب مسجونين ومحتجزين يتم إحباطها وآخرها حباط محاولة الهروب الجماعي للمحجوزين بقسم منشأة ناصر أمس. ويضع علام عددا من الاجراءات لاحتواء هذه الظاهرة والتي تشمل توفير قوات شرطة كافية بكل قسم وسجن, وكذلك توفير قوات احتياطية في حالة عدم القدرة علي تدعيم أقسام الشرطة والسجون بالحماية الكافية, وهذه القوات من شأنها المواجهة الفورية لأي محاولة هروب جماعي علي أن تخصص لها مواقع يتم استدعاؤها منها بسرعة لمواجهة أي أزمة. ويقترح علام إقامة محاكمات عسكرية رادعة جدا لكل من يحاول الهرب أو يهرب بالفعل من قسم أو سجن, مطالبا المواطنين بالتعاون مع الشرطة, بحيث يتحول الشعب كله إلي لجان شعبية لمنع تلك المحاولات ومواجهتها, وهذه الإجراءات جميعها من شأنها ردع الظاهرة والمتسببين فيها والقضاء عليها تماما. واعتبر عبدالله خليل الناشط الدولي في مجال حقوق الإنسان أن ظاهرة هروب المسجونين والمحتجزين هي ظاهرة منظمة, وتتم بأسلوب واحد ومتفق عليه مسبقا, وأن سيناريوهات الهروب التي تمت خلال الأشهر الماضية متشابهة, وهذا التشابه ينبئ عن وجود تنظيم يشارك في هذه العمليات وأنها ليست محاولات عفوية. ويؤكد انتشار الظاهرة في جميع الدول التي مرت بمراحل انتقالية في أوروبا الشرقية وإفريقيا خاصة نيجيريا, وبالتالي تجب دراستها والتحري عن الرءوس المدبرة لهذه الأحداث, خاصة أنه علي سبيل المثال تم اكتشاف أن من وراء عمليات الهروب الجماعي في أوروبا الشرقية, كان رجال شرطة سابقون ومطرودون من الخدمة يقومون بمعاونة العصابات الإجرامية في إثارة الفوضي داخل المجتمع بل ويقدمون المساعدة من خلال الأفكار والأفراد وتنظيم الاتصالات بين أهالي المحتجزين والمسجونين وأيضا التخطيط لعمليات الاقتحام, كما كانوا يلجأون لتجنيد بعض عناصر الشرطة الموجودة في الخدمة, ومن بينهم عناصر في الأماكن التي يتم اقتحامها نظير مبالغ مالية, وهي عملية شبيهة بعمليات رشوة المماليك في العصور السابقة, معتبرا أن ذلك هو ما يتم في مصر الآن بالفعل. ويضيف قائلا: إذا كان تصنيع القنابل يتم نشره علي النت, فإن خبرات العصابات الدولية في القيام بتلك العمليات يتم اقتباسها عبر وسائل التكنولوجيا ويتم تنفيذها في مصر سواء في اقتحام السجون ومقار الاحتجاز أو في السطو علي البنوك وكذلك العمليات المنظمة التي تستهدف ترويع المواطنين في الشوارع وما يرتبط بها من أعمال السلب والنهب وحرق دور العبادة, وكلها عمليات مكررة ومشابهة كما كان يحدث في مراحل انتقالية في دول عدة.. وعلينا ألا ندفن رءوسنا في الرمال ونعترف بهذه الحقيقة. ويري أن تلك الظاهرة لا يمكن مواجهتها إلا من خلال تدريب وتأهيل ضباط الشرطة العاملين في قطاع الأمن علي مكافحة تلك الجرائم, وهناك خبرات في هذا المجال يمكن استغلالها, وهي الخبرات التي تغافل النظام السابق عن الاستفادة منها وامتنع عن تأهيل رجال الأمن لمكافحة الجرائم المنظمة مثل جرائم غسل الأموال وتهريب الأموال والأسلحة والمخدرات.