يلتصق بالخدمة الطبية المقدمة في المستشفيات الجامعية بالإسكندرية تهمتا التقصير والإهمال طوال الوقت وأصبح الدفاع عنها غير ذي جدوي... والمستشفيات الجامعية العشر الموجودة لا تخدم أهالي الإسكندرية فقط بل تمتد خدماتها إلي خمس محافظات أخري, لذلك أصبح العبء عليها ثقيلا, وتحول اللجوء لهذه المستشفيات إلي مأساة.. وآهات من أفواه المرضي.. علي الجانب الآخر هناك اعتراف من المسئولين ببعض القصور, ولكن في النهاية تظل قضية نقص الإمكانيات البشرية والمادية هي الفيصل في الأمر من أجل تقديم خدمة طبية متكاملة للمرضي خاصة محدودي الدخل.. يقول السيد متولي الحاج- أصبت بفيروس سي وقد أصاب بسرطان الكبد ولأنني من محافظة كفر الشيخ ولا أملك تكاليف العلاج بالمستشفيات الخاصة لجأت للمستشفي الرئيسي الجامعي بالإسكندرية....ومنذ دخولي وأنا ملقي بقسم الطوارئ وكل علاجي بعض الأقراص فقط....وعندما يسأل أحد من أبنائي الأطباء عن حالتي الصحية لا أحد يجيب...وعندما يشتد بي الألم وأصرخ تحضر الممرضة بعد فترة لتضع لي المحلول وتتركني دون أن تطمئني أو تطمئن أحدا من أسرتي..ويلتقط أطراف الحديث ولده حسن ويقول: أخبرنا الطبيب في قريتنا أن والدي في حاجة لدخول العناية المركزة ولكن للأسف كلما نطلب من الأطباء نقله من الطوارئ للعناية المركزة تكون الإجابة واحدة في كل مرة...لا يوجد سرير فاضي...وحتي الآن لا ندري ماذا نفعل؟ يضيف عبد العال مصطفي- أنا من أبناء محافظة البحيرة وأعاني من آلام بالقلب وبالكشف عند أحد الأطباء اتضح أنني بحاجة إلي عمل قسطرة وتركيب دعامتين فأسرعت إلي المستشفي الجامعي بالإسكندرية, وبعد إعادة الكشف أكد الطبيب ضرورة إجراء العملية الجراحية ولكن للأسف مازلت منذ أكثر من أسبوعين في انتظار دوري لأن القائمة تضم عددا كبيرا من المرضي, والأسوأ من ذلك أن المستشفي طالبني بشراء بعض الأدوية لأنها غير متوافرة بها. الأدوية ومن داخل مستشفي الشاطبي الجامعي للنسا والتوليد تنطلق شكوي نعمة محرم زايد فتقول....ذهبت للمستشفي وأنا في حالة وضع لمولودي الأول, وصدمت عند دخولي العنبر...حالة النظافة سيئة للغاية والأسرة غير نظيفة, وطلبوا من زوجي شراء الأدوية اللازمة من الخارج لعدم توافرها بالمستشفي...وتتساءل هل من المعقول عدم توافر احتياجات المرضي وهل يتكبد المرضي وذووهم تكاليف العلاج؟ المفترض أن المترددين علي هذه المستشفيات من الفقراء الذين لا يملكون تكاليف العلاج بالمستشفيات الخاصة والتي تصل لعدة آلاف من الجنيهات. ويفجر الزوج نادر المنوفي مفاجأة بقوله: عندما تمت عملية الولادة فوجئنا بضرورة احتياج المولودة للحضانة لصعوبة التنفس لديها وجاءت الإجابة..لا توجد حضانة فاضية وعليك البحث عن حضانة بأحد المستشفيات الخاصة وعند السؤال عن تكلفة الحضانة بأحد المستشفيات الخاصة فوجئت بأنها تصل إلي200 جنيه في اليوم الواحد. .ويتساءل ماذا أفعل وأنا موظف لا أملك ما أنقذ به حياة المولودة....هل من المعقول أن يكون هناك عجز في الحضانات بهذا الشكل لدرجة أن يسمح بشبح الموت يحوم حول المواليد المبتسرين؟ من المسئول عن نقص الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية؟ ومن المسئول عن ترك محدودي الدخل فريسة سهلة لجشع المستشفيات الخاصة؟ لا توجد ومن داخل مستشفي الحضرة الجامعي( مستشفي ناريمان) يقول إيهاب عصام- طالب- تعرضت لحادث سيارة أثناء سيري بالطريق وأسرع بي بعض المارة للمستشفي, كنت اعتقد في البداية أنني أعاني من كسر بالقدم وسيتم وضع جبيرة واخرج...وعندما حاولت أسرتي تفهم الأمر بصعوبة بالغة لحالة اللامبالاة من العاملين هناك...فوجئت باني أعاني من كسر مضاعف مما يتطلب معه ضرورة إجراء عملية جراحية كبيرة. يلتقط أطراف الحديث والده عصام حسين فيقول...طالبني المستشفي بشراء مسامير طبية وشريحة من اجل إجراء العملية بالإضافة إلي توفير كيسين من الدم, قبل إجراء العملية فوجئت بأن كل هذه المستلزمات غالية الثمن إلي جانب المعاناة في رحلة البحث عن اكياس الدم...ولم اجد وسيلة سوي الاقتراض من زملائي لإنقاذ قدم ابني وانتظرت الدور في جدول العمليات حتي تمت والحمد لله. إيجابية وإذا كانت السطور السابقة تحمل شكاوي إلا أن ناهد سمير عوض موظفة تؤكد أمر آخر مختلف حيث تقول: لقد شعر والدي بتعب شديد أعقبه قئ دموي أسرعنا به إلي المستشفي الجامعي وإحقاقا للحق فور وصولنا أحاطه الأطباء بالعناية الكاملة من أدوية ومحاليل وبعد مرور نحو الساعة توقف القيء وبدأ والدي في استعادة وعيه, ولكن الأمر لم يتوقف بل سعي الأطباء إلي توفير سرير بالعناية المركزة وتم نقله بالفعل وظل تحت العلاج المكثف حتي تحسنت حالته الصحية...وتضيف بقولها...ما أحزنني أن المستشفي طلب منا إحضار بعض الأدوية من الخارج لأنها غير متوافرة ورغم إن الأمر كان صعبا ولكننا رضخنا وبالفعل أحضرنا ما طلبه الأطباء حفاظا علي حياة والدي. 5 محافظات من جانبه أكد الدكتور أحمد عثمان عميد كلية الطب جامعة الإسكندرية ورئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية أن هناك حقائق لابد أن تعلن للمواطن وهي أن بالإسكندرية(10) مستشفيات جامعية لا تخدم الإسكندرية فقط بل تمتد خدماتها لأهالي محافظاتالبحيرة والغربية وكفر الشيخ ومرسي مطروح...ولذلك فان عدد المرضي المترددين عليها يبلغ مليونا و(200) ألف مريض سنويا ما بين مترددين علي العيادات الخارجية أو الذين يتم حجزهم بالأقسام المختلفة لتقديم العلاج الطبي أو العناية المركزة أو الخدمات الجراحية مابين عمليات بسيطة أو متوسطة أو ذات مهارة خاصة. وقال: هناك ضغط شديد علي المستشفيات لتراكم الخبرات المقدمة من أعضاء هيئة التدريس والخدمات الصحية المتخصصة غير المتوافرة بالمؤسسات الصحية الأخري مثل جراحة المخ والأعصاب وجراحة العظام والصدر والقلب والأوعية الدموية وبهذه المستشفيات(11) ألفا و(300) سرير...كما تضم مراكز متميزة مثل مركز زرع النخاع لمرضي السرطان والغسيل الكلوي بمستشفي المواساة ومركز الغسيل الكلوي للأطفال ووحدة قسطرة القلب ووحدة مناظير الجهاز الهضمي والتنفسي للأطفال بمستشفي سموحة الجامعي للأطفال... وغير ذلك الكثير من المراكز التي تتفرد بها المستشفيات الجامعية. تقصير وأبادره بسؤال.. كل هذه الإمكانيات إلا أن الصرخات تنطلق من المرضي إما بسبب القصور في تقديم الخدمة.. أو الإهمال ما السبب؟ بسرعة يجيب.. هناك عدة أسباب دفعت المرضي للشكوي أولها وأهمها عدم توافر أسرة بالعناية المركزة في المستشفيات الجامعية لخدمة المرضي, حيث إن استحداث سرير عناية مركزة تصل تكلفته من200-250 ألف جنيه وفي ظل نقص المتاح من الموازنة العامة نضطر للجوء لمعاونة المجتمع المدني والذي في واقع الأمر يقوم بدور رائع في دعم المستشفيات الجامعية..وأضاف أنه عند استعراض ميزانية المستشفيات نجد إن الميزانية المخصصة للمستلزمات الطبية بكافة أنواعها من أدوية وأمن وتغذية وأعمال صيانة تبلغ(215) مليون جنيه فقط, في الوقت ذاته تتراكم المديونيات الخاصة بالمستشفيات الجامعية لدي هيئة التأمين الصحي ووزارة الصحة والعلاج علي نفقة الدولة حتي وصلت إلي(30) مليون جنيه.. في حين أن الموازنة المخصصة لشراء الأجهزة الطبية تبلغ(5) ملايين جنيه فقط...وهذا المبلغ لا يسمح بشراء جهاز واحد وهذا الأمر دفعنا بالمطالبة مرارا بزيادة المخصص في الموازنة العامة لقطاع المستشفيات الجامعية, خاصة إن الشركات الموردة للاجهزة تطالبنا بمستحقاتها والتي تبلغ(60) مليون جنيه....ويشير قائلا...أما السبب الاخر هو أن البنية الأساسية في بعض المستشفيات تحتاج الي إحلال وتجديد لنستطيع تقديم خدمة صحية متكاملة للمرضي مما يضطرنا الي اغلاق بعضها مثلما حدث مع وحدة العناية المركزة بمستشفي الشاطبي اطفال والتي تم تجديدها بالكامل بتكلفة بلغت مليون جنيه وأيضا وحدة الغرغرينة والقدم السكري بالمستشفي الرئيسي الجامعي والمغلقة حاليا وسيتم الانتهاء من تجديدها وتشغليها الشهر القادم....وقال: إن المستشفيات الجامعية تستقبل حالات الطوارئ طوال24 ساعة علي مدار الأسبوع وهذا يقابله في بعض الأحيان نقص في العنصر البشري الذي يقدم الخدمة العلاجية وأهمها هيئة التمريض والأطباء المقيمون وهنا يزداد العبء وتعرضهم للضغط من المرضي وأسرهم, ولكن هذا لا ينفي أن هناك قصورا في مهارات التواصل بين بعض مقدمي الخدمة من أطباء وتمريض والمرضي. نقص التمريض ويواصل الدكتور عثمان بقوله.. إن نقص أعداد هيئة التمريض تعد من كبري المشكلات التي نواجهها في المستشفيات ويؤثر بشدة في أداء الخدمة الطبية, أما بعدم التشغيل الكامل لبعض الأقسام مثل وحدة المبتسرين بمستشفي سموحة للأطفال حيث لا يمكن تشغيل سوي(20) حضانة فقط من إجمالي(40) حضانة رغم حاجتنا الشديدة لتشغيلها نعاني من نقص التمريض في عملية التشغيل....ويوضح قائلا...في هذا الصدد نحن في حاجة إلي(1315) ممرضة ومشرفة تمريض في المستشفيات الجامعية في حين أتلقي طلبات نقل للمحافظات الأخري من أكثر من(400) ممرضة.. ليست للعلاج كل تلك الأسباب وغيرها أدت إلي شكوي المرضي من قصور في أداء الخدمة الصحية لهم في حين إن هناك مفاجأة إن المستشفيات الجامعية غير مسئولة عن تقديم الخدمة الصحية والعلاجية للمرضي, بل هي مستشفيات تعليمية بحثية ولكننا نساهم مع المؤسسات الصحية الأخري في تقديم خدمة صحية, وفي واقع الأمر نحن نقدم الخدمة الطبية لكل المستويات العلاجية مما يستنزف الكثير من الموارد المالية والطاقة البشرية. وعن الحلول التي تتم لتجنب شكاوي المرضي وتساعد علي تحسين الخدمة الطبية المقدمة يقول.. هناك بعض الحالات تحتاج إلي ما يسمي بالعناية المتوسطة وهذا ما نتجه إليه الآن.. وفيما يتعلق بشراء المستلزمات الطبية بأنواعها فقد تم التغلب علي هذه المشكلة من خلال ما يسمي بالشراء المجمع لكل المؤسسات الطبية والصحية علي مستوي الجمهورية بأسعار مقبولة وصلت في بعض الأحيان إلي ثلث الثمن الذي كان يورد به من الشركات الخاصة..كما أننا نقوم بتنمية مواردنا الذاتية من اجل تخفيف العبء عن الدولة وذلك من خلال الوحدات ذات الطابع الخاص والعلاج الاقتصادي.