فازت أحزاب الانفصال بمقاطعة كتالونيا التي تطالب بالانفصال عن أسبانيا, بأغلبية الأصوات في انتخابات محلية أجريت يوم الخميس الماضي, وبذلك أكدت مرة أخري, بعد الاستفتاء الذي أجرته في بداية العام, علي رغبتها في الانفصال عن أسبانيا; لتضع الحكومة الاسبانية في مأزق خطير, خاصة أن الحكومة ذاتها هي التي دعت الي الانتخابات المبكرة بأمل أن تأتي نتائجها مغايرة لنتائج الاستفتاء, ويتم استبعاد فكرة الانفصال نهائيا. ولكن الرغبة في الانفصال تأكدت, وتحولت النتائج كما قال رئيس كتالونيا, كارليس بيجديومونت, بمثابة صفعة علي وجه رئيس وزراء أسبانيا, ماريانو راخوي. ومع هذا التوجه الذي تنهي به كتالونيا عام2017, تفتح الأبواب لمقاطعات أخري في دول أخري تسعي الي اللحاق بها, مثل كورسيكا في فرنسا, مسقط رأس نابليون بونابرت; وتؤكد أن الخطوة التي أتخذتها بريطانيا من أجل الانفصال عن القارة الأوروبية لن تكون الأخيرة في هذه السلسلة من الخطوات. فبعد انتخابات كتالونيا الحاسمة بدأت تشهد جزيرة كورسيكا الفرنسية, جزيرة الجمال, دعوات من أجل الحصول علي حكم ذاتي أكبر; وذكر السياسيون في الجزيرة انهم لا يطالبون بالانفصال الكامل ولكن فقط علي حرية أكبر في حكم أنفسهم, حيث أن كورسيكا تدرك إنها ليست مقاطعة غنية مثل كتالونيا, وستظل معتمدة علي باريس في التمويل; ولكن في الجولة الثانية من الانتخابات المحلية في الأسبوع الماضي حصل ائتلاف القوميين علي أكثر من56% من المقاعد, مما يدعم دعوتهم لاستقلالية أكبر في حكم أنفسهم, وتحديد مطالبهم في الاعتراف باللغة القومية علي قدم المساواة مع اللغة الفرنسية, والعفو عمن تعتبرهم معتقلين سياسيين من سكان كورسيكا, والاعتراف بقوانين إسكان محددة لجزيرة كورسيكا والتي تمنع الأجانب من شراء مسكن للعطلة الصيفية علي الجزيرة. هذا الموقف يضع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في موقف صعب خاصة بعد أن شهد الأزمة التي تعاني منها الحكومة الاسبانية الأن. هذه التوجهات قد تثير رغبة ولاية كاليفورينا بالولاياتالمتحدة الي إعادة دعوتها للاستقلال عن الولاياتالمتحدة, خاصة إنها من أغني وأكبر الولاياتالامريكية. هذا التوجه قد تشجعه سياسة الرئيس الامريكي دونالد ترامب التي تغذي المشاعر القومية الامريكية; فقد كان شعاره في الانتخابات الامريكية قبل عام, دعوة الي الاهتمام ب أمريكا أولا, في محاولة منه لتشجيع المنتج الامريكي والعامل الامريكي, وإعادة المصانع التي تنتج في دول أخري حيث اليد العاملة الرخيصة, الي الوطن الأم. لقد شهد عام2017 توجه شبه عام نحو الانفصال عن القارة الأم أو الدولة الأم, وذلك في تحرك معاكس لفكرة العولمة التي سادت في التسعينيات, والتي كانت تدعو الي فتح الحدود بين الدول وتحرير حركة البشر والتجارة وتوحيد العملات والمنتجات. ولكن ظهر أخيرا نداءات ضد العولمة في العالم الثالث أولا, ثم حتي في دول العالم الأول, مثل الولاياتالمتحدة. فقد خرجت أصوات تؤكد أن العولمة غير عادلة لدولها, سواء كانت من العالم الثالث أو الأول, وادعي الرئيس الامريكي دونالد ترامب أن مفاوضيه التجاريين واجهوا معوقات من مفاوضي المكسيك والصين. فهل سيعود العالم الي التقوقع مرة أخري داخل ذاته؟ أم أنه أثبت أن فكرة العولمة تسير عكس الطبيعة الجغرافية والبشرية؟