يقول تعالي( إن الله يأمر بالعدل والإحسان), فالإحسان هنا إشارة إلي المراقبة وحسن الطاعة, فإن من راقب الله أحسن عمله, وأما المعاشرة فهي المخالطة وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم( إنكن أكثر أهل النار) فقيل: ولم يارسول الله؟ قال:( لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير) والعشير: هو الزوج, وحسن المعاشرة هو مايكون بين الزوجين من الألفة, وهو التزام كل واحد من الزوجين في معاملة الآخر بالمعروف وكف الأذي, بالبشر والابتسام, وبالرحمة والانسجام, وقد طلب الشارع الحكيم من الزوجين أن يعاشر كل منهما صاحبه بالمعروف, فقال تعالي( ياأيها الذين آمنوا لايحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولاتعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) وقال أيضا سبحانه( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف), فيجب علي كل من الزوجين امتثالا لأمر الله أن يعامل كل منهما الآخر بالمعروف, وأن يؤدي كل واحد منهما واجباته نحو الآخر, فالرجل يحسن عشرة المرأة بما هو معروف من عادة الناس أنهم يفعلونه لنسائهم, وهي كذلك تحسن عشرة زوجها مما هو معروف من عادة النساء أنهن يفعلنه لأزواجهن من طاعة وتزيين, وقد أوصي النبي صلي الله عليه وسلم بالنساء فقال( استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء من الضلع أعلاه, فإن ذهبت تقيمه كسرته, وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء) فكيف إذا أخبر النبي أن أكمل المؤمنين هو أحسن الناس خلقا فقال صلي الله عليه وسلم( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا, وخياركم خياركم لنسائهم), وكذلك المرأة إذا رضي عنها زوجها دخلت الجنة, فيجب أن تقوم العلاقة الزوجية علي أساس المعاملة الحسنة, فهي معاشرة بالفضل والإحسان قولا وفعلا وخلقا, والمعاشرة بالمعروف تحتاج إلي لين الكلام وحلاوة اللسان والإحسان علي الدوام, والمرأة راعية علي بيت زوجها فعليها أن تحفظه في نفسها وماله ولاتخرج إلا بإذنه ولاتبذر من ماله شيئا, وألا تخالفه إذا غاب في أمر تعلم أنه يسوؤه إذا كان حاضرا) وحقها عليه أن ينفق عليها ويطعمها ويكسوها ولايؤذيها باللسان ولا باليد, ولايطيل عليها عبوس الوجه, ومن المعاشرة بالمعروف الصحبة الجميلة وكف الأذي, فتتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله فيكم, ومن حسن المعاشرة ألا يهمل الزوج نفسه وأن يعتني بمنظره وهندامه أمام زوجته كي لاتنفر منه ويكون ذلك سببا لكرهها له, وقد قال ابن عباس( إني أحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي), ومن حسن معاشرة الزوج لزوجته ألا يدخل عليها ليلا فجأة, بل يطرق الباب قبل دخوله حتي تستعد لاستقباله وتصلح من شأنها, فإذا حرص كل طرف علي إرضاء الآخر وأظهر محاسنه, فستكون هذه هي الحياة الطيبة التي يرغب فيها كل انسان, وليتصدق كل منهم علي الآخر بكلمته الطيبة, فحقا( إن الكلمة الطيبة صدقة)