عندما نبدأ في سرد أحداث عام منصرم, هو عام2017, سوف نتحدث عن حروب تفجرت وتسببت في الكثير من الدمار والموت, وسوف نتحدث عن مئات الالاف من اللاجئين الذين تركوا أوطانهم قسرا, ومأساتهم علي طريق الخلاص الذي في النهاية ليس هو الخلاص الحقيقي. ولكن في الوقت نفسه يجب أن نتحدث عن كلمة العام, وهي المرأة; الكلمة التي ترددت في كل مكان في العالم وعلي جميع الأصعدة لتثبت نجاحها في أصعب المعارك والإختبارات التي يمكن أن تخوضها, كونها امرأة. من بين تلك المعارك التي خاضتها المرأة في السعودية هو حقها في قيادة السيارة, ولقد حققت تلك الغاية هذا العام عندما أصدر الملك سلمان في26 سبتمبر مرسوما أقر فيه السماح بإصدار رخصة قيادة للسيدات اللاتي يرغبن في الحصول عليها كما سيكون من حقها أن تحصل علي الرخصة بدون موافقة ولي أمرها, وأن تقود السيارة بدون وجود حارس معها وتعد تلك الخطوة انتصارا للمرأة السعودية بعد اكثر من عشرين عاما من المحاولات بدأت في بداية التسعينيات قبيل اندلاع حرب الخليج, عندما قررت بضع سيدات من أساتذة الجامعة وسيدات أعمال قيادة السيارة بشكل رمزي من منطقة محددة الي منطقة أخري بهدف كسر حاجز المنع وأعلنت السيدات أن مع احتمالات اندلاع حربا في الخليج وتجنيد معظم السائقين في الحرب, فيجب الآن تتمكن السيدات من قيادة السيارة حتي يستطعن قضاء إحتياجاته اليومية. يري البعض أن هذه الخطوة ليس لها الأهمية التي أعطيت لها, فقيادة السيارة مسألة هامشية في حياة البشر; ولكن هذا القرار هو انتصار حقيقي للمرأة في السعودية لأنه أولا يعطيها الحق في الإختيار, وثانيا يمنحها الاستقلالية والحرية من قيود الرجل. في الوقت نفسه كانت قد بدأت تتبلور في العالم حركة جديدة بعنوان أنا أيضا, وهي حركة نظمتها المرأة من أجل المرأة; يري البعض إنها إمتداد لحركة نسوية التي نشأت في عام2014, والتي تدعو الي المساواة بين الجنسين اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. ولكن حركة أنا أيضا هي أكثر عمقا لأنها بمثابة صرخة تضامن من المرأة لشقيقتها المرأة التي تعرضت للتحرش او الاعتداء الجنسي والعنف الجسدي, تقول لها إنها ليست وحدها, وتقول لها إنه بالرغم من أن التحرش والاعتداء الجنسي حالة شخصية وآلامها صامتة, إلا أن هناك آخريات تعرضن للظروف نفسها وتألمن الألم نفسه. ويجب ألا تظل تلك الألام صامتة. وبعدها كسر الصمت. وبدأت الأصوات تعلو تتهم شخصيات عامة سياسية وفنية وإعلامية بالتحرش; وتعلن شجاعتها في الجهر بتلك الاتهامات, ليس فقط لأنها موجهة ضد شخصيات تجلس في أعلي الهرم الاجتماعي, لتصل الي حد الرئيس الامريكي نفسه, ولكن لأن التحرش والاعتداء الجنسي هو أسوأ إهانة يمكن لامرأة أن تتعرض لها, ولذلك تكتم ألمها علي إهانتها. ولكنها اليوم بدأت تخرج عن صمتها لتسقط سطوة الرجل الذي تصور أنه يتمتع بحماية مكانته الاجتماعية او السياسية او الفنية أو الإعلامية. قد لا يكون عام2017 هو بداية تحرير المرأة من الخوف, ولكنه بالتأكيد هو العام الذي سوف يشهد علي كسر صمت المرأة وعلي تحريرها داخليا بعد أن تحررت خارجيا بقوانين المساواة بينها وبين الرجل.