بالرغم من أن الدراما المصرية كان لها دور كبير في تسليط الضوء علي العديد من الشخصيات التي أثرت التاريخ من الملوك والقادة والعلماء أمثال رمسيس الثاني وعمرو بن العاص وعمر بن عبد العزيز وموسي بن نصير وطارق بن زياد والناصر صلاح الدين والمظفر سيف الدين قطز والظاهر بيبرس ورفاعة الطهطاوي وعلي بك الكبير والعز بن عبد السلام وغيرهم من عشرات الشخصيات الذين أعادتهم الشاشة الصغيرة للحياة لنتعرف عليهم ونستفيد من خبراتهم. ولكن طالت سهام الانتقادات للأعمال التاريخية لأسباب تأرجحت بين عرضها بشكل فولكولوري ورومانسي ابتعد بها عن الواقع والحيادية, وبين تجاهل العشرات من الشخصيات العظيمة التي كتبت صفحات مشرقة في العصور الذهبية للعرب والمسلمين أو الاكتفاء بوجودها بشكل ثانوي غير مؤثر في أعمالنا التاريخية ونستعرض عدد من الشخصيات التي تعرضت للظلم من خلال تجاهلها أو تهميشها في مسلسلاتنا. أحمس في النسيان الملك أحمس قاهر الهكسوس ومؤسس الأسرة الثامنة عشرة الفرعونية في طيبةالذي طرد تلك القبائل الرعوية التي توغلت إلي مصر من جهة الشمال من فلسطين ومكثت قرابة المائة عام في بلادنا وكانوا يتعمدون إهانة المصريين والسخرية منهم لدرجة أن بعض البرديات التي تم العثور عليها وترجع لتلك الفترة في عصر الاضمحلال كان مكتوبا عليها عبارات مثل: سقطت مصر في قبضة عدو ماكر وحتي تنتهي المحنة التي تمر بها مصر, هذا الملك تعرض لظلم كبير علي الشاشة الصغيرة وربما لم يتم إنصافه علي استحياء سوي في مسلسل لا إله إلا الله عام1985 الذي أخرجه أحمد طنطاوي والذي تتبع الصراع بين حكام طيبة وحكام الهكسوس بداية من الشجاع سكنن رع ثم ابنه كاموس وأخيرا أحمس أحمد ماهر الذي عرض المسلسل بشكل موجز جدا دوره في حرب الهكسوس, والأمر الغريب أن المسلسل الذي راجعه المؤرخ الأسطوري أبو الوفا التفتازاني ألقي الضوء علي الجوانب الإيجابية في الهكسوس مثل اتباعهم لمذهب النبي إبراهيم عليه السلام ومحاولاتهم نشر تلك الدعوة في ربوع مصر بالإضافة إلي مسلسل آخر يخاطب الأطفال عرض شخصية أحمس عام1987 وقدمها سامح الصريطي بشكل يتناسب مع عقلية الصغار وذلك أيضا ماينطبق علي رضا الجمال الذي قدم دور سقنن رع والراحل القدير محمد عناني الذي لعب دور كاموس شقيق أحمس. قطز حيران رغم أن الممثل القدير أحمد عبد العزيز ترك بصمة كبيرة في الدراما المصرية من خلال تجسيده لشخصية السلطان المملوكي سيف الإسلام قطز في مسلسل الفرسان الذي عرض في شهر رمضان الموافق فبراير عام1995 وأخرجه حسام الدين مصطفي, إلا أن شخصية السلطان قطز قاهر المغول في معركة عين جالوت ومنقذ العالم الإسلامي من هذه الكارثة تم عرض شخصيته بشكل رومانسي بالشكل الذي يحبه الجمهور ليليق ببطل أسطوري ليظهر بدون أخطاء علي الإطلاق مع عدم عرض قصة اعتلائه عرش مصر بشكل صحيح كذلك التطرق إلي أنه حكم مصر لمدة11 شهرا فقط مع الإصرار علي أن اسمه الأصلي محمود بن ممدود استنادا إلي قصة وا إسلاماه التي كتبها الإندونيسي الجنسية الحضرمي الأصل القديرعلي أحمد باكثير رغم أنه لا يوجد ما يشير مجرد إشارة في الوثائق التاريخية إلي أن قطز يحمل هذا الاسم, ورغم ذلك كان المسلسل أفضل نسبيا من شخصية قطز التي قدمها الراحل أحمد مظهر في فيلم واإسلاماه الذي تم إنتاجه عام1961 وأخرجه الأمريكي أندرو مارتون ورغم أن التتر جاء به قصة علي أحمد باكثير إلا أن أحداث الفيلم تبتعد كثيرا عما كتبه الكاتب والمفكر الإسلامي الكبير باكثير, وربما كان أفضل من جسد شخصية قطز كان الممثل باسل خياط في المسلسل السوري الظاهر بيبرس عام.2005 أين محمد علي؟! يرجع الفضل في نهضة مصر الحديثة إلي الوالي محمد علي باشا الذي تولي حكم بلادنا في عام1805 واستمر قرابة ال42 سنة نهض خلالها بمصر في شتي الجوانب وهو صاحب الفضل أيضا في تكوين الجيش المصري, لكن كل ذلك لم يشفع لمحمد علي لدي صناع الدراما المصرية ليقدموا عملا يليق به بل لم تخرج شخصية محمد علي عن الإطار الثانوي مثلما حدث في مسلسل رفاعة الطهطاوي الذي تم عرضه عام1988 وأخرجه نور الدمرداش وقام ببطولته ممثل لم ينل حظا من الشهرة اسمه سمير البنا, وبعد أن استعد الممثل القدير يحيي الفخراني لإنصاف محمد علي من خلال عمل ضخم تم تأجيل هذا العمل لأسباب مجهولة. المظلوم قلاوون أفرزت أسرة قلاوون المملوكية أعظم السلاطين لمصر مثل المنصور قلاوون الألفي والأشرف خليل بن قلاوون والناصر محمد بن قلاوون والناصر عماد الدين إسماعيل ولكن رغم ما قدمه هؤلاء السلاطين لمصر بشكل خاص والعروبة والإسلام علي وجه العموم لم يدفع صناع المسلسلات المصرية لإلقاء الضوء عليهم بالشكل الذي يستحقونه وربما أبرز ماقدم علي استحياء كان من خلال الفنان حلمي فودة الذي قام بدور قلاوون الألفي لدقائق معدودة في مسلسل الفرسان عام1995 وحاول الفنان القدير فارس السينما المصرية الراحل أحمد مظهر تجسيد شخصية الناصر محمد بن قلاوون في بداية التسعينيات لكن المشروع لم يكتمل.