إحساسي بالعجز لم يمنعني من الحياة أتعلق بها يملؤني الأمل في أن الغد حتما سيأتي بالخير مشوار طويل من المعاناة و تجرع الآلام هو كل عمري فقد أتيت إلي الدنيا يرافقني عجزي ويقعدني مشلولة في الأرض أزحف عليها لأقضي حاجتي حتي امتد بي العمر شقاء وصراعا مع الأيام أدرس وأتعلم كل يوم شيئا جديدا وتخرجت في الجامعة بتقدير متميز أسعدني وأسعد والدي اللذين شقيا من أجلي وكرسا حياتهما لخدمتي وأحسست أني الآن في حاجة لأن أعوضهما عن سنوات العذاب التي عاشاها من أجلي فالتحقت بعمل حكومي ضمن نسبة الخمسة في المائة معوقين ومارست هوايتي في أشغال التريكو ومشغولات الإكسسوارات الحريمي وكان دخلي يرضيني ويجعلني وأسرتي نعيش في مستوي معقول.. كنت حريصة ألا يشعر أحد ممن يتعاملون معي أني مشلولة أعجز عن الحركة الطبيعية فبالتالي لست كاملة كغيري وليس من حقي أن أحلم مثل البنات ويملؤني الأمل في يوم من الأيام أن يكون لي بيت وزوج يحبني وأولاد يحاوطونني بشقاواتهم البريئة. نظرات الناس تحيطني دائما بسياج من الشفقة يمصمصون شفاههم تتحوقل ألسنتهم المفعمة بنظرة باردة ولكن أبدا لن أستسلم لإحساس الضعف وبوتقة اليأس التي يريدوني أن أحتبس فيها, لن يكون عجزي هو يأسي ولن تكون قدماي فاقدتي الحياة هما وسيلتي الوحيدة للتواصل مع الدنيا فإرادتي أقوي من كل شيء. أردت أن أقول لك إني انتصرت علي نفسي وعجزي وأقمت كياني ووجودي في الحياة كأفضل من أي فتاة طبيعية تملأ الدنيا حراكا وعملا ولكن كان هناك عجز من نوع آخر ينتظرني هو إحساس خانق باليأس زرعه بداخلي إنسان أحببته بجنون ولكنه لم يكن يشعر بي, معاملته لي وكلامه وتقاربه مني لم يكن إلا نوعا من العطف والرثاء لحال فتاة في مثل ظروفي.. قال لي إني مثل أخته وجاء يستشيرني في أمر تعلقه بفتاة أخري زميلة لنا في العمل.. كنت أبارك له وأدعم مشاعره نحوها وأنا أكتوي بنيران الحب من طرف واحد. كلما اقترب ليلي يسهد فراشي ويوسوس لي شيطاني أن ليس هناك شاب يمكنه أن يرتبط بفتاة في مثل ظروفي ماذا تنفعه واحدة عاجزة عن الحركة الطبيعية ولكن حبيبي هو من اقترب مني وجذبني له وأحاطني بنوع من الاهتمام أقرب للحب منه إلي العطف فلم أدر إلا وأنا غارقة في حبه وليس لي من أمر نفسي شيء لا أنا قادرة علي نسيانه والابتعاد عنه ولا حبه من طرف واحد وهو مرتبط بغيري لا يشعر بي. ب. ح. الإسكندرية من أقسي الأمور في حياة أي إنسان أن يعجز عن فهم نفسه وتلبية احتياجاتها النفسية السليمة وأنت يا ابنتي كنت الأقوي من نفسك والأقدر عليها في مواجهة عجز بدني لم يكن لك يد فيه غير أنه قدر محتوم ولدتي به وكتب عليك أن تعيشيه طول العمر وكان انتصارك علي عجزك البدني مبهرا ولكنك رغم كل هذه القوة والإرادة الصلبة عجزت عن السيطرة علي مشاعرك ووضعها تحت كنترول دقيق يفرق بين العطف والحنان والحب. كان عليك أن تفهمي من البداية أن عجزك البدني ليس له علاقة بتقدير الناس لك أو حب أحدهم لك أو الزواج منك فالحب لا ينظر إلي مثل هذه الأمور لأن المحب الصادق يتواصل مع من يحب بروحه وعقله وقلبه وليس مجرد صفقة بدنية. من أين أتيت أن الرجل الذي أحببته لم يشعر بك لعجزك وقلة حيلتك وكما قلت من قبل ليس هناك من يملك من أمر قلبه شيئا و هو بقدر صدقه لجأ إليك أخا يستند لأخته تنصحه وتنير له الطريق. أما أنت بكل رومانسيتك ورقة مشاعرك أمل لشباب كثيرين ولعل نصيبك قادم إن شاء الله فلا تبتأسي ولا تقنطي من رحمة الله والأمل الذي جعلك بهذه القوة هو نفسه الذي ينتظرك علي الشاطئ الآخر من بحر اليأس تعبرينه بقوة إرادتك.