كانت امرأة آية في الجمال..ولكنها لم تكن تدري ما سيحل عليها من وراء جمالها من شقاء..فقد تزوجها أحد التجار وأحبها وأحبته..ولكنه قبل أن يسافر الزوج لمباشرة تجارته أراد أن يضع امرأته في أيد أمينة,فلم يجد غير أخيه,فذهب إليه وأوصاه علي زوجته,وسافر. اخ انبهر بجمال زوجة أخيه فراودها عن نفسها,إلا أنها أبت أن تخون زوجها..فهددها بالفضيحة إن لم تطعه..فقالت له إن معي ربي,وعندما عاد التاجر من سفره قال له أخوه أن امرأتك راودتني عن نفسي وأرادت خيانتك إلا أنني لم أجبها!!.. فطلق الزوج زوجته وقام بنهرها وطردها دون أن يستمع لها..وإنما صدق أخاه! انطلقت المرأة..لا ملجأ لها ولا مأوي.. وفي طريقها مرت علي بيت عجوز عرف عنه الزهد,فلجأت إليه لتستريح وقصت عليه حكايتها..فصدقها وطلب منها أن تعمل عنده علي رعاية ابنه الصغير مقابل أجر..فوافقت.. ولكن عندما خرج هذا العابد من المنزل,أتي إليها الخادم يراودها هو الآخر..وهددها بأنه سينال منها إذا لم تجبه..إلا أنها ظلت علي صمودها,فقام بقتل الطفل,وعندما رجع العابد قال له الخادم أن المرأة قتلت ابنه..فاشتاط غضبا,إلا أنه احتسب الأجر عند الله,وأمرها بالرحيل,ولكن من إصرارها للدفاع عن نفسها أعطاها دينارين,كأجر لها علي خدمتها له في هذه المدة. خرجت المرأة من بيت العابد وتوجهت للمدينة,فرأت عددا من الرجال يضربون رجلا بينهم..فسألت أحدهم عن السبب؟..فأجابها بأن هذا الرجل عليه دين,فإما أن يؤديه,وإما أن يكون عبدا عندهم..فسألته:وكم دينه؟..قال لها دينارين..فقالت:إذن أنا سأسدد دينه عنه..دفعت الدينارين,وأعتقت هذا الرجل,فسألها الرجل الذي أعتقته:من أنت؟!..فروت له حكايتها,فطلب منها أن يرافقها ويعملا معا,ويقتسما الربح بينهما فوافقت..قال لها إذن فلنركب البحر,ونترك هذه القرية السيئة,فوافقت..وعندما وصلا للسفينة أمرها بأن تركب أولا.. ثم ذهب لربان السفينة,وقال له إن هذه جاريته,وهو يريد أن يبيعها,فاشتراها الربان وقبض الرجل الثمن وهرب.. تحركت السفينة..فبحثت المرأة عن الرجل فلم تجده,ورأت البحارة يلتفون حولها,فتساءلت ماذا يجري!..فأخبرها الربان بأنه قد اشتراها من سيدها,ويجب أن تطيع اوامره..فأبت..وهم علي هذا الحال إذ هبت عليهم عاصفة قوية أغرقت السفينة,فلم ينج غيرها وغرق البحارة.. وكان حاكم المدينة في نزهة علي شاطئ البحر في ذلك اليوم,ورأي هبوب العاصفة,مع أن الطقس لم يكن سيئا..ثم رأي المرأة طافية علي لوح من بقايا السفينة,فأمر الحرس بإحضارها..وفي القصر..أمر الطبيب بالاعتناء بها..وعندما أفاقت..سألها عن حكايتها..فأخبرته بالحكاية كاملة..منذ خيانة أخو زوجها إلي خيانة الرجل الذي أعتقته,فأعجب بها الحاكم وبصبرها وتزوجها.. وكان يستشيرها في كل أمره,فلقد كانت راجحة العقل سديدة الرأي,وذاع صيتها في البلاد.. ومرت الأيام..وتوفي الحاكم الطيب..واجتمع أعيان البلد لتعيين حاكم بدلا عنه..فاستقر رأيهم عليها,فنصبوها ملكتهم,فأمرت بوضع كرسي لها في الساحة العامة في البلد..وأمرت بجمع كل رجال المدينة وعرضهم عليها.. بدأ الرجال يمرون من أمامها..فرأت زوجها..فطلبت منه أن يتنحي جانبا..ثم رأت أخو زوجها..فطلبت منه أن يقف بجانب أخيه..و رأت العابد..والخادم..ثم رأت ذاك الرجل الخبيث الذي أعتقته..فطلبت منهم الوقوف إلي جانب بعضهم البعض..فقالت لزوجها..لقد خدعك أخوك..فأنت بريء..أما هو فسيجلد لأنه قذفني بالباطل!..ثم قالت للعابد..لقد خدعك خادمك..فأنت بريء..أما هو فسيقتل لأنه قتل ابنك!..ثم قالت للرجل الخبيث..أما أنت..فستحبس نتيجة خيانتك وبيعك لامرأة. - فلا تحزن إذا تثاقلت عليك البلايا..وأفجعك خذلان من حولك..اطمئن,فمهما رمت الحياة أثقالها علي عاتقك,اعلم أن الله لن يكلف نفسا إلا وسعها..ولكنه يعطي أصعب المعارك قوي جنوده!..وكن علي يقين بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا,وأن من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب..وإن الله ليس بغافل عما يفعل الظالمون..ولكنه يمهل ولا يهمل.